يستخدم عشرات الآلاف من الطلبة (في بريطانيا) قروضهم الطلابية للعب القِمار في محاولة لتعويض النقص في مدخراتهم المالية، وينتهي المطاف بالعديد غارقين في ديون تصل إلى 5000 جنيه استرليني أو أكثر، حسب تقرير جديد.
يتوجّه الطلاب بشكل متزايد للمقامرة بسبب فشل الدعم الطلابي المقدّم من الحكومة في مجاراة الغلاء المستمر للمعيشة، وفقاً للاتحاد الوطني للطلبة (إن يو إس).
وتكشف النتائج، التي خلُص إليها استبيان للاتحاد الوطني للطلبةُ وأُطلعت عليها الاندبندنت حصرياً، أن ثلاثة من أصل خمسة طلاب تقريباً (59 بالمئة) قد لعبوا القمار بشكل أو بآخر خلال السنة الفائتة، وأن ما يقارب النصف (48 في المئة) قاموا بذلك من أجل زيادة دخلهم.
وقد استخدم واحد من أصل عشرة طلاب تقريباً (8 في المئة) قرضه الطلابي كله أو بعضاً منه للمقامرة. يصل هذا العدد إلى 100 ألف طالب إذا ما سُحبت نتائج (الاستبيان) على كل المملكة المتحدة.
ويبيّن الاستطلاع الذي شمل أكثر من 1600 طالب، أن قرابة النصف مديونون بما يزيد على ألف جنيه استرليني، بينما يصل الدين إلى أكثر من 5000 جنيه بالنسبة لواحد من بين كل خمسة (طلاب).
يعتمد عدد أكبر من الطلبة المعوزين على المقامرة لدفع إيجارات مساكنهم وتكاليف معيشتهم، وفق ما يقول الاتحاد الوطني للطلبة.
وقد يكون الطلاب المُقيمون مثل الممرضين والقابلات والأطباء، أيضاً أكثر عرضة للقمار لأن لديهم أوقاتاً محدودة للعمل (الإضافي) وقد خبِروا تقليص معوناتهم المالية.
توصل الاستبيان إلى أن طالباً من أصل ثمانية (13 في المئة) سيراهن بمبلغ يفوق الخسارة التي يستطيع تحملها. وأصبحت المقامرة متاحة أكثر للشباب في غمرة الانتشار التكنولوجي، بحسب الاتحاد الوطني للطلبة.
وقد نبّه (كل من) الاتحاد الوطني للطلبة وغامبلينغ كوميشن (لجنة المقامرة) إلى أنه يتوجب على المؤسسات زيادة التوعية من مخاطر المقامرات غير الآمنة ، والإشارة إلى أشكال الدعم الأخرى المتوفرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال جون هيفرون، الطالب في جامعة بيرمينغهام، إنه لجأ إلى القمار عندما لم يكن لديه المال الكافي : ’في الأوقات الحَرِجة ... غالباً ما انتهى بي المطاف بخسارة أموال لم يكن بوسعي أن أخسرها’
وفي سنته الدراسية الثانية، خسر (جون) مبلغ 500 جنيه خلال بضعة أسابيع وواجه صعوبة في دفع إيجار مسكنه عندما وصل دينه إلى 1000 جنيه. توقف عن المقامرة بعد فترة قصيرة من حدوث ذلك.
وقال: "عندما تكون في الجامعة، وحين تكون أكثر عرضة لإغراء الربح المالي، فإنك تقامر بتلك المبالغ الكبيرة. فأنت تعيش على كمية قليلة من النقود لعدة أشهر.
"من المؤكد أن ارتفاع تكاليف المعيشة مشكلة. وصلت الإيجارات إلى أرقام جنونية في معظم المدن الرئيسة. معظم القروض الطلابية لا تشمل الإيجار وبالتالي أنت تحتاج إلى دعم مالي حتى قبل أن تفكر في المعيشة".
و يفيد الاتحاد الوطني للطلبة، أن الحكومة في حاجة إلى إصلاح نظام تمويل التعليم العالي وتقديم المزيد من الدعم الطلابي للطلبة كي يكونوا أقل احتياجاً إلى القمار.
إيفا كروسان جوري، نائبة رئيس الاتحاد الوطني للطلبة لشؤون الرعاية، قالت للاندبندنت : "لقد قال الطلاب إن الطريقة الوحيدة لسداد الإيجار هي المقامرة. وهذا أمر مقلق فعلاً.
"أعتقد شخصياً أن المزيد من الطلاب يعتمدون على القمار كمورد مالي أكثر مما يمارسونها من أجل المتعة فقط. أعتقد أن الناس في السابق لم يقامروا إلى هذا الحد بهدف تأمين نفقات عيشهم."
وأضافت كروسان جوري: "بات من السهل في يومنا هذا أن تقامر على هاتفك المحمول، وألا تدرك حتى أنك قد تعاني من إدمان حقيقي. إذ لا يُنظر دائماً للمال على أنه مال بالفعل عندما يتم الأمر برمته على الإنترنت."
وفي حديث قبل مراجعة الحكومة (لبرنامج) التعليم والتمويل بعد سن الثامنة عشرة، قالت السيدة كروسان جوري: "ينبغي الحرص على تركيز متجدد على الأسباب التي تجعل بعض الطلاب يشعرون أنهم بحاجة إلى زيادة دخلهم عن طريق القمار - الذي لا يُغرق الطلاب في ديون أكبر وحسب، بل يؤدي إلى شعورهم بالذنب، والضغط العصبي، والاكتئاب أيضاً."
وقالت هيلين رودز، مديرة برنامج غامبلينغ كوميشن (لجنة المقامرة)، الذي ساعد الاتحاد الوطني للطلبة على إجراء الاستبيان : " تؤكد النتائج على نحو أفصح أن هناك خطراً حقيقياً بالنسبة للشباب والطلاب ويحتاج إلى معالجة، ونحن نرحب بالدور الذي يؤديه الاتحاد الوطني للطلبة لتحقيق ذلك".
جون دو بوري، المدير المساعد للسياسات في (منظمة) يونيفيرسيتيز يو كي (يو كي كي) (التي تمثل الجامعات في المملكة المتحدة) قال في هذا الصدد: "تركز الجامعات على رعاية الطلاب لتعزيز أحوالهم وتعليمهم. ويشمل هذا جهوداً لتوعية الطلاب ببعض السلوكيات الخطرة والحد من أثر هذه السلوكيات على حياتهم الجامعية.
"المقامرة على الإنترنت هي قضية أكبر من أن تقتصر على الشريحة الطلابية فقط. فهي تحتاج إلى تدخل حكومي مُنسّق للتعامل مع مخاطر المقامرة الالكترونية والسلوكيات المسببة للإدمان."
جمعية ’يو يو كي‘ ناشدت الحكومة تقديم دعم كاف لتغطية تكاليف المعيشة والرسوم الجامعية لأولئك الأكثر احتياجاً.
وقال متحدث من وزارة التعليم: "لا ينبغي أن يواجه أي طالب هذا الوضع أو يتعرض لضغوط أو معوقات تحول دون حصوله على التعليم العالي.
"يحصل الطلاب المتحدرون من أسر ذات دخل منخفض جداً والذين بدؤوا دراستهم هذه السنة على أعلى دعم نقدي لتغطية مصاريف معيشتهم."
"لدينا نظام تعليم عالٍ على مستوى عالمي، وبعد إدراجنا نظامَ تمويل طلابي متقدماً ، بلغنا معدلاً قياسياً لمن هم في سن الثامنة عشرة من أبناء البيئات الفقيرة الذين ينتسبون إلى الجامعات حالياً."
"نحن بصفتنا حكومة، ندعم ميثاق السلامة العقلية للطلبة الجامعيين الذي تقوده جمعية ستيودنتس مايندز الخيرية لتشجيع الطلاب المستضعفين على مناشدة المعونة عندما يحتاجونها."
"نقوم أيضاً بمراجعة (برنامج) التعليم والتمويل بعد سن الثامنة عشرة، للنظر في كيفية عمل النظام بصورة أفضل للجميع، ولضمان الاستخدام الأمثل للأموال بالنسبة للطلاب ولدافعي الضرائب."
© The Independent