بعد أشهر من إعلان الحكومة العراقية توقيع سلسلة من العقود مع شركات إماراتية وفرنسية لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في مناطق مختلفة من البلاد خلال السنوات القليلة المقبلة، قرر مجلس الوزراء العراقي تحديد جهة مسؤولة عن هذا الملف تكون لها الصلاحيات كافة لتطويره.
وصوت مجلس الوزراء العراقي على إعداد قانون جديد لوزارة الكهرباء يتضمن تعديل اسم الوزارة ليكون (وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة)، وإحالته إلى مجلس النواب لتشريعه، ونقل هذا الملف من وزارة النفط التي أخذت على عاتقها خلال الفترة الماضية توقيع عقود إنتاج الطاقة البديلة في العراق.
عقود الطاقة البديلة
وكان وزير النفط العراقي، رئيس المجلس الوزاري للطاقة إحسان عبد الجبار وقع في يونيو (حزيران) الماضي عقداً مع شركة "مصدر" الإماراتية لتوليد 2000 ميغاواط من خلال إقامة مشاريع استثمار للطاقة الشمسية في وسط وجنوب العراق.
ووافق مجلس الوزراء العراقي في يوليو (تموز) الماضي على اتفاق مع شركة "توتال" لتوليد 1000 ميغاواط من الطاقة البديلة من مناطق في جنوب العراق.
مواكبة التطور
وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى، "إن الوزارة تعمل على توليد الطاقة الكهربائية عن طريق الطاقة المتجددة، وستضيف 7500 ميغاواط على مدى خمس سنوات"، موكداً أن تغيير اسم الوزارة بات ضرورياً لمواكبة المهمة الجديدة.
أضاف موسى، "وزارة الكهرباء ماضية بقوة نحو الطاقة المتجددة، وقد وقعت مجموعة من العقود للطاقة المتجددة آخرها مع شركة صينية لإضافة 2000 ميغاواط "، وقال إن "الوزارة تعتزم إضافة 7500 ميغاواط من الطاقة الشمسية خلال خمس سنوات".
وكانت الحكومة العراقية أعلنت في 25 أغسطس (آب) الحالي، توقيع وزارة الكهرباء العراقية عقداً مع شركة "باور تشاينا" الصينية، بشأن إنشاء محطات طاقة شمسية بسعة 2000 ميغاواط، تنفذ بسعة 750 ميغاواط كمرحلة أولى، وصولاً إلى 2000 ميغاواط.
شركات سعودية وإماراتية
وتابع موسى أن هناك تفاهمات كبيرة خلال الفترة المقبلة مع عدد من الشركات العالمية لبناء منظومات كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية، منها، ستوقع مع "توتال" الفرنسية، و"أكوا" السعودية،"و"مصدر" الإماراتية، و لافتاً الى أن وزارة الكهرباء تحاول استغلال الطاقة المتجددة على أكمل وجه، لذلك طرحنا موضوع تغيير اسم وزارة الكهرباء إلى (وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء إلى أن التسمية الجديدة للوزارة ستجعلها مسؤولة عن إدارة وإنتاج وتوزيع الكهرباء في مفاصلها كافة، سواء كانت تنتج عن طريق المحطات الكهربائية، أو الطاقة المتجددة الشمسية أو الكهرومائية أو طاقة الرياح.
وأطلقت وزارة الكهرباء العراقية مطلع العام الحالي جولات تراخيص خاصة بالطاقة الشمسية للشركات العالمية، شبيهة بجولات التراخيص التي نجحت في تطوير قطاع النفط العراقي بعد انهياره في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وذلك بعد الحروب التي خاضها العراق والحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق عام 1991 على إثر غزوه الكويت.
وتضمنت هذه الخطط إحالة مشاريع لإنتاج 755 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، سيتم تنفيذها في محافظات النجف وكربلاء وبابل والسماوة الديوانية.
وزارة الطاقة
وشدد المتخصص في شؤون الطاقة فرات الموسوي على دمج وزارتي النفط والكهرباء باسم وزارة الطاقة، واصفاً التسمية الجديدة بأنها ستضيف أعباء مالية جديدة على وزارة الكهرباء المترهلة، وأضاف أن "وزارتي النفط والكهرباء، إحداهما مكملة للأخرى، وهناك توجه عالمي بالدمج، والتسمية الجديدة هي من دون أي مبرر وهدفها إعلامي، وهو إيصال رسالة أن هناك جهوداً تبذل في هذا الاتجاه ".
الوحيدة في العالم
وأوضح الموسوي أن هذه التسمية مستحدثة، ولم نسمع بها في دول العالم، خصوصاً أن وزارة الكهرباء لديها قسم متخصص للطاقة المتجددة، وقال إن إضافة التسمية وتشريع قانون، يعني إضافة هيكلية جديدة، ما يولد تبعات قانونية ومالية وتعيين أناس جدد، ما يحملها عبئاً جديداً إضافة إلى أعبائها السابقة.
أضاف أن الحكومة لم تقدم دراسات سابقة لتغيير الاسم، ولم تتحدث عن تداعيات تغيير التسمية، مستبعداً أن يتم تشريع قانون خلال الفترة القريبة المقبلة لقرب انتهاء عمر البرلمان الحالي.
استجابة لضغوط باريس
ورأى الموسوي أن اتجاه العراق نحو الطاقة المتجددة هو استجابة للضغوط الدولية بعد انضمامه لنادي باريس للمناخ، إضافة إلى العجز في إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق، لافتاً إلى أن دول الخليج العربي تعمل في هذا المشروع منذ 10 سنوات، وأن 20 في المئة من الطاقة المنتجة في الكويت هي ناتجة من الطاقة المتجددة.
كلفة عالية
ولفت إلى أن الطاقة المتجددة باهظة التكاليف، وبحاجة إلى بنى تحتية وتحتاج إلى وقت، وهذا المشروع لا يمكن الاعتماد عليه بصورة أساسية وإنما يجب أن يكون مسانداً للطاقة الكهربائية المنتجة عن طريق المحطات الكهربائية التي تعمل بالوقود بأنواعه كافة.
وعن إنتاج العراق الحالي من الطاقة الكهربائية، بين الموسوي "أن الإنتاج الفعلي من الطاقة الكهربائية يتراوح ما بين 18 إلى 20 ألف ميغاواط والحاجة الفعلية تتراوح بين 28 إلى 30 ألف ميغاواط "، مرجحاً أن يزداد الطلب على الطاقة الكهربائية بشكل كبير خلال الخمس سنوات المقبلة بسبب الزيادة السكانية، وإنشاء المصانع، لذلك نحتاج إلى كثير من مشاريع الطاقة الكهربائية في كافة مسمياتها لتلبية هذه الحاجة.
ومثّل ملف الكهرباء في العراق معضلة استعصت على كل الحكومات العراقية، منذ تعرض هذا القطاع الحيوي إلى التدمير بشكل شبه شامل خلال حرب "عاصفة الصحراء" عام 1991، وما بعدها من عقوبات استمرت أكثر من عقد، أدت إلى تراجعه بشكل كبير قبيل عام 2003 ليصل إنتاج العراق إلى نحو 3000 ميغاواط.
وحاولت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ سقوط نظام صدام حسين إيجاد حلول لهذه المعضلة عبر سلسلة من المشاريع لتشييد محطات إنتاج جديدة في مناطق مختلفة من البلاد لتصل بالإنتاج إلى نحو 21 ألف ميغاواط بحسب إعلان وزارة الكهرباء، إلا أنها لم تعد كافية لتجهيز المواطنين بالطاقة طوال اليوم بسبب التجاوزات الكبيرة على الشبكة، وتأخر صيانة المحطات ونقص الوقود، ما جعل الاعتماد على أصحاب محطات في إنتاج الكهرباء الأهلية ذات القدرات المحدودة في الإنتاج، التي يعتمد عليها العراقيون بصورة أساسية في حياتهم اليومية.