ليس أندرو يانغ مرشحاً عادياً لرئاسة الولايات المتحدة في 2020. إنه نسخة القرن الحادي والعشرين لرجل النفط. ولما كانت التكنولوجيا نفط هذا القرن، فإن رجل الأعمال يخطط لفرض ضرائب على الشركات التي أنشأها منظمو المشاريع من أمثاله، مخططاً لإعطاء ألف دولار لكل أميركي شهرياً، من دون طرح أي أسئلة.
قدّم يانغ لتجربته التي سمّاها "عائد الحرية"، وهو أحد أشكال الدخل الأساسي الشامل، الثلاثاء الفائت في نيويورك، حيث وقف محاطاً بالقوس الرخامي الضخم في "واشنطن سكوير بارك".
خلال خطابه إزاء حشد من مؤيدين شباب متنوعين احتموا تحت مظلاتهم، استشهد رجل الأعمال (44 عاماً) بالفلاسفة وبتاريخ الولايات المتحدة، موضحاً أن خطته ليست "مجنونة" على عكس ما يبدو للوهلة الأولى، لا سيما في بلد فخور بشعب يجني المال بطريقته، ويسحب نفسه إلى أعلى من دون مساعدة من أحد.
اعتمر يانغ قبعة كُتب عليها "ماث" Math، شعار يتماشى مع أفكار مرشح لا يقدِّم نفسه على أن لديه باعاً في السياسة، بل رجل اقتصاد همّه الدخل الأساسي ومعدلات التوظيف، وهو أجرى حساباته بهذا الشأن، كما قال سابقاً.
"اختبرت إحدى الولايات تجربة "العائد"، واليوم كل فرد فيها يحصل على ألف إلى ألفي دولار سنوياً. ما هي هذه الولاية؟"، سأل يانغ.
الحشد الذي لم يصل إلى 5000 شخص على عكس ما أعلنت الحملة، ولكن الكبير كفاية لالتقاط صورة جيدة، لم يتردد في الجواب:
"ألاسكا"، هتف.
وبحماسة مرشد سياحي وصل إلى أهم جزء في معلوماته الدقيقة، تابع يانغ: "وكيف يمولون ذلك؟".
فجاء الجواب من الحشد: "النفط".
"وما هو نفط القرن الحاي والعشرين"، سأل.
وكان الرد المنتظر: "التكنولوجيا".
وتأتي دعوات يانغ لفرض ضرائب على شركات التكنولوجيا مثل "أمازون" و"فيسبوك" لدفع رواتب الأميركيين في ما يصفه المرشح الرئاسي ورجل الأعمال التقني بأنه يمثل نقطة تحول في الاقتصاد الأميركي.
ألمح يانغ إلى "عائد الحرية" في نيويورك، فذكر أن صناعات تقليدية عدة سيعوقها عالم التكنولوجيا، إذ سيقضي على عشرات الملايين من الوظائف في السنوات المقبلة.
واللافت أن رجل الأعمال الذي يعتاش من هذه الصناعة لا يتردد في ذكر المساوئ التي تخلفها. من وجهة نظره، أكشاك الخدمة الذاتية ستلغي وظيفة ماكدونالد حيث عرف كثيرون طعم العمل الشاق لأول مرة. الروبوتات ستحلّ محل سائقي الشاحنات، ما يؤدي إلى انهيار البنية التحتية، الفنادق على جانب الطريق ومحطات الوقود والمطاعم، التي انتشرت في أنحاء أميركا لخدمة السائقين المحرومين من النوم... العاملون في هذه الأماكن سيرزحون تحت عبء البطالة. "أمازون" سيحل محل متاجر البيع بالتجزئة في الأحياء، كما شرح.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لذلك، وفي مواجهة انهيار في الصناعة الكبرى، يريد يانغ تقديم أموال للأميركيين للمساعدة في دفع الإيجار وفواتير الهاتف وأي حاجة ملحة أخرى، متماهياً مع تجربة آلاسكا "صندوق الدعم الدائم" المستمر منذ 1982 بالاستناد إلى الفائض من العائدات النفطية.
مستعيناً بحساباته الدقيقة، قال يانغ: "إننا نواجه موجة أتمتة من شأنها أن تقضي على 20 إلى 30 % من الوظائف الأميركية في السنوات الـ11 إلى الـ20 المقبلة".
وتابع مشيراً إلى الرئيس الأميركي على اعتبار أنه سيخوض المعركة إلى الرئاسة في 2020 كمرشح ديمقراطي: "دونالد ترمب ليس الداء، بل أحد الأعراض، وله وقعه في موجة الأتمتة التي تمزق اقتصادنا"، بحسب قوله.
مع الوضع الراهن، يتعين على يانغ القيام بكثير من العمل إذا كان يأمل في إدارة ذلك العارض. ضمن لائحة طويلة من المرشحين للرئاسة يحتلّ المرتبة 12 تقريباً، مع أقل من 1 في المئة من الدعم بحسب استطلاعات الرأي. لا بد من أنه يحتاج إلى معجزة لتجاوز المنافسين الرئيسين في هذا المجال، وهم على الأقل ستة من أعضاء مجلس الشيوخ ونائب سابق للرئيس.
ولكن داعميه الذين تجمعوا في نيويورك، قالوا إنه "ثوري"، ويتطرق إلى قضايا يتنساها غالباً مرشحون ومرشحات يتفوقون عليه بالأرقام بحسب استطلاعات الرأي لسباق 2020 الرئاسي.
"أحب سياساته"، ذكرت كيليتشي عزة، ممثلة في مدينة نيويورك في أوائل الثلاثينات من عمرها، و"أحب سياسة الدخل الشامل. أعتقد أننا نلفّ وندور حول الحقيقة عندما نتحدث عن أمور أخرى، ولا نعترف بأن الناس بحاجة إلى البقاء أحياء"، بحسب قولها.
عزة التي كشفت أن خيارها من بين المتنافسين إليزابيث وارين تابعت: "الناس بحاجة إلى دخل للبقاء على قيد الحياة".
مناصرو يانغ يرون أنه أكثر من "مرشح الدخل الأساسي الشامل". يُدرج موقع حملته على الانترنت عشرات وعشرات من المقترحات السياسية المحددة، بدءاً من سلامة الأسلحة، مروراً بالرعاية الصحية الشاملة، وصولاً إلى معالجة التوحد (ابنه مصاب بالتوحد).
أليكس كروب مطور برمجيات يبلغ 34 عاماً كشف أنه معجب باقتراحات يانغ، متابعاً: "يبدو أن باستطاعته تحديد المشكلات بدقة"، مضيفاً: "هو يملك العين الثاقبة في هذا المجال والتي تشفع له افتقاده إلى الخبرة الكافية في السياسة، على عكس ترمب".
وقال كروب: "الخبرة مهمة بالنسبة إلي ولكن في الأساس الأكثر أهمية هم الأشخاص الذين يمكنهم تحديد المشكلات التي نواجهها كأمة بدقة".
ختم: "إذا لم يجمع الناس على أكبر المشاكل والتحديات التي نواجهها، فإن قدرتهم على التنفيذ لن تجدي نفعاً".
© The Independent