بات ظهور رئيس الجزائر المؤقت عبد القادر بن صالح يثير الاهتمام، في ظل اختفاء قائد الأركان أحمد قايد صالح عن الأنظار. هو الذي صنع الحدث منذ بداية الحراك، بعدما قام بتغييرات في سلك القضاء، كانت مستغربة في تزامنها مع الملاحقات القضائية ضد رؤساء حكومات ووزراء وسياسيين، خصوصاً أنه استعان بالنائب السابق بلقاسم زغماطي، المقال من الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، بسبب إصداره وثيقة جلب دولية في حق وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل، الذي ارتبط اسمه بفضائح فساد في شركة "سوناطراك" البترولية الحكومية، مع شقيقين لبوتفليقة.
غياب "مفاجئ"
بينما كان الحراك يترقب خطاب من قايد صالح، للفصل في عدد من النقاط التي تقلق الشارع الجزائري، مثل موضوع الانتخابات الرئاسية وتنحية الباءات والمرحلة الانتقالية وغيرها، أخذ الرئيس بن صالح زمام المبادرة، وملأ الفراغ الذي تركه قايد صالح، وأصبح كثير الظهور وصاحب القرارات والإجراءات. وهذا ما فسره مراقبون بالانتقادات التي وجهت إلى قائد الأركان والمؤسسة العسكرية، والمطالب التي رُفعت خلال مسيرات الجمعات السابقة، التي تصب كلها في سياق "طرد" الجيش من ممارسة السياسة.
وفي خضم قيام بن صالح بمهام رئيس الدولة بشكل كامل، "ولو ظاهرياً"، أجرى سلسلة تعديلات في أجهزة السلطة، شملت إقالة النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر العاصمة، بن كثير بن عيسى، وتعيّين زغماطي بلقاسم خلفاً له، "طبقاً لأحكام المادة 92 من الدستور". كما أنهى مهام الباي خالد بصفته وكيلاً للجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد، وعيّن بن دعاس فيصل لتولي هذا المنصب، إلى جانب إقالته المدير العام للديوان المركزي لقمع الفساد، معيناً مختار لخضاري خلفاً له.
وما شغل الرأي العام عودة زغماطي إلى منصب النائب العام، هو المحسوب على الجنرال محمد مدين (الجنرال توفيق)، رئيس جهاز الاستخبارات السابق، الموجود حالياً في السجن العسكري إلى جانب زميله الذي خلفه في المنصب الجنرال عثمان طرطاق، وشقيق الرئيس السعيد بوتفليقة، والأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون.
57 مسؤولاً سامياً في مقر المحكمة
زاد تزامن التعيينات مع تحقيقات تجريها مصالح الأمن في قضايا فساد، من قلق الشارع، خصوصاً أن الملاحقات جرّت كثيراً من رجال الأعمال المقربين من بوتفليقة إلى السجن، وأحضرت عدداً كبيراً من المسؤولين السياسيين إلى المحاكم للاستماع لأقوالهم، فيما تم إصدار قائمة منع من السفر بحق العشرات. ما فتح أبواب الشكوك والأسئلة على مصراعيها، مثل: لماذا أنهيت مهام وكيل الجمهورية في الوقت الذي يوجد فيه 57 مسؤولاً سامياً في مقر المحكمة في قضايا تتعلق بالفساد؟ ولماذا أعيد زغماتي؟
وفي الوقت الذي كان رئيسا الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، إلى جانب وزراء سابقين، مثل عمارة بن يونس وعمار تو وكريم جودي، إضافة إلى والي العاصمة عبد القادر زوخ ورجال أعمال، يمثلون أمام وكيل النيابة في محكمة بالعاصمة، في إطار تحقيقات في قضايا فساد تخص رجل الأعمال علي حداد، المقرب من الرئيس المستقيل، أصدرت رئاسة الجمهورية بيانها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلمت "اندبندنت عربية" أنه تم سحب جوازات سفر مدراء البنوك العامة تمهيداً لتقديمهم إلى العدالة، وأنه تم تسجيل أكثر من 300 مليار دولار كقروض ممنوحة لمحيط "العصابة".
وربط مراقبون قرارات بن صالح، باقتراب موعد إيداع ملفات الترشح إلى الانتخابات الرئاسية، المحدد بيوم 20 مايو (أيار)، بينما يرى آخرون أن الخطوة لها علاقة برفض عدد من القضاة الإشراف على العملية الانتخابية لرئاسيات 4 يوليو (تموز) المقبل، حيث من المنتظر وفق ما ذكرت مصادر أن تتوسع الحركة في سلك القضاء إلى ولايات البلاد.
ويشير المحلل السياسي مومن عوير إلى أن تغييرات بن صالح لها احتمالان، الأول أن هذه التغييرات لها علاقة بالتحضير للانتخابات المقبلة. أما الآخر، فهو ارتباطها بحملة محاربة الفساد والمحاكمات التي تشهدها البلاد في هذه الفترة.