هل بإمكان "لوتس"، الشركة المبدعة المصنعة للسيارات الرياضية (السبور) البريطانية، أن تحذو حذو "تسلا" (الأميركية العملاقة لتصنيع السيارات الكهربائية) – بفضل الصين؟قد تبدو الفكرة غريبة لكثر، وقد تكون كذلك فعلاً. لكن "لوتس للتكنولوجيا"، وهي جزء من مجموعة "لوتس"، وقعت، أخيراً، اتفاقية مع "نيو إنك"، الشركة الصينية المصنعة للمركبات الكهربائية. وتبلغ قيمة الصفقة 2.3 مليار دولار أميركي (1.6 مليار جنيه إسترليني)ـ وسيكون المقر العالمي للشركة الجديدة في مدينة ووهان الصينية. وتخضع "لوتس" نفسها إلى سيطرة "جيلي"، الشركة الصينية الكبيرة لتصنيع السيارات التقليدية، التي تملك أيضاً "فولفو"، الشركة المصنعة لسيارات التاكسي الكهربائية العاملة في لندن. و"نيو" رائدة في صنع السيارات الكهربائية، وعلى الرغم من أنها لا تزال صغيرة على صعيد الناتج، تُوصف بأنها الرد الصيني على "تسلا".
فما يحدث هنا هو أن الشركتين الصينيتين تجتمعان لتطوير الجيل الجديد من السيارات الكهربائية، في حين أن عبقرية "لوتس" في مجال التصميم والتطوير هي اللمسة السرية التي تأملان في أن تساعد على إنجاح المشروع. ويمكن للمرء أن يقول تقريباً إن الشركتين الصينيتين تشعران بالحاجة إلى التكنولوجيا البريطانية من أجل تحقيق منافسة فاعلة في مواجهة "تسلا". لذلك ثمة قصة تتعلق بـ"لوتس" هنا، وقصة تخص علاقة بريطانيا بالصين كشريك اقتصادي.
تمثل قصة "لوتس" حقاً فصلاً آخر في رواية يفوق عمرها 70 سنة تتعلق بالعبقرية الهندسية المترافقة مع غموض تجاري. وسيعرف المطلعون على قطاع السيارات أنها تأسست على يدي كولين تشابمان عام 1948، وأن تشابمان أنتج سلسلة من التصاميم المبدعة، بما في ذلك "لوتس 7" و"إيليت" و"إيلان"، وأن "فريق لوتس" حقق نجاحاً كبيراً في السباقات في ستينيات القرن العشرين وسبعينياته. لكنهم سيكتشفون أيضاً أن الشركة لم تعرف يوماً نجاحاً مالياً صلباً. وكانت "لوتس" تعاني بالفعل من صعوبات مالية حين توفي كولين تشابمان عن سن 54 عاماً في 1982. ومنذئذ عرفت الشركة عدداً من المالكين، علماً أن "جيلي" تمتلك حصة مسيطرة فيها منذ عام 2017.
لكن نجت بسمعتها من المشاكل التجارية. ويمكن للمرء أن يرى ذلك في "مازدا أم أكس 5"، السيارة الرياضية الأنجح في العالم، المستوحاة من "إيلان" التي اشتُهرت في الستينيات، أو من "تسلا رودستر"، التي كانت بمثابة انطلاقة (الرئيس التنفيذي لـ"تسلا") إيلون ماسك إلى السوق العالمية للسيارات. وصنعت "لوتس" سيارة "رودستر" الأصلية وفق عقد استند إلى طراز "إليز".
وهكذا وبعدما كان لـ"لوتس" دور في الجيل الأول من السيارات الكهربائية الأميركية، للشركة الآن حظ كبير لتكون جزءاً من الجيل التالي من المركبات الصينية. وسيكون علينا أن ننتظر ونرى المدى الذي سيصل إليه ذلك، لكن الدروس من ملكية "جيلي" الناجحة لـ"فولفو" وللشركة التي تصنع سيارات التاكسي العاملة في لندن، "أل أي في سي"، مشجعة. وقد يتحول الأمر إلى قصة جديدة من قصص الخبرة التقنية البريطانية التي تحتاج إلى دعم تجاري أجنبي لتحقيق النجاح المالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وهذا يدفع إلى طرح سؤالين ضخمين. الأول: لماذا تنجح المملكة المتحدة في اختراع أشياء ولا تنجح في كسب المال منها؟ والثاني: كيف سنتموضع بين الولايات المتحدة والصين إذا دخل العملاقان في حرب باردة؟
لا إجابات سهلة على السؤالين. في ما يخص الأول، لست قلقاً كثيراً من فشل المملكة المتحدة في الاستثمار بشكل مناسب في إبداعها لأننا في بعض الحالات تمكنا من ذلك. بل إنني قلق من أن أوروبا ككل لا تنشئ شركات عملاقة في مجال التكنولوجيا الفائقة على غرار ما تفعله الولايات المتحدة وما تفعله الصين، جزئياً من خلال نسخ الأفكار الأميركية. ولو كنا أذكى، ربما استطاعت "لوتس" أن تصبح شريكاً أساسياً لـ"تسلا" بدلاً من جهة متعاقدة فرعية. لكن ذلك لم يحصل.
وبالنسبة إلى السؤال الثاني، يمثل العثور على مسار مستقل يقر بالعلاقة البعيدة الأجل مع الولايات المتحدة لكنه يقر أيضاً بتحول ميزان الثقل الاقتصادي في العالم تحدياً كبيراً. فحين تصبح الصين أكبر اقتصاد في العالم، كما يبدو مرجحاً خلال 10 سنوات، سيجب على المملكة المتحدة أن تكون قد بنت علاقة بناءة معها على مستويات كثيرة. لكن الولايات المتحدة لا تزال المستثمر الأكبر في المملكة المتحدة وسوق التصدير المنفردة الكبرى لدينا. وإذ تتحول تجارتنا بعيداً عن أوروبا، سنحتاج إلى أن نتاجر أكثر مع الولايات المتحدة والصين معاً. ويجب أن يشمل ذلك البلدين وليس أحدهما فقط. وهذا الأمر يتطلب تطبيق دبلوماسية تخضع إلى تفكير وقياس كبيرين على كل مستوى.
ومن ناحية أخرى، فلنحتفل بما يحصل في "لوتس"، على الرغم من وجود المقر الخاص بشركتها التكنولوجية الجديدة في الصين. فعلى الأقل هذا موقع في الصدارة ولو كانت في مكانة ثانوية [فرعية].
© The Independent