بعد 20 عاماً على هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، تواصل الولايات المتحدة "حرباً على الإرهاب" على تلال جنوب شرقي كوبا المعروفة باسم خليج غوانتانامو.
في الأشهر التي تلت الاعتداءات، اعتقلت الولايات المتحدة مئات الأشخاص الذين اشتبهت في ارتباطهم بتنظيم "القاعدة" وأرسلتهم إلى قاعدة غوانتانامو البحرية.
وقد اعتبروا "مقاتلين أعداء" وحُرموا من حقوقهم ولم يتم تحديد جدول زمني لمحاكمتهم أو إطلاق سراحهم ما لم تنتهِ "الحرب على الإرهاب" المستمرة رسمياً.
وتم الإفراج منذ ذلك الحين عن معظم السجناء الـ780 الذين وضعوا أولاً في أقفاص ثم في زنازين أقيمت على عجل في القاعدة العسكرية الأميركية، بعد احتجازهم أكثر من عشر سنوات من دون توجيه تهم إليهم.
12 معتقلاً "خطيرين"
اليوم، لم يتبقَّ سوى 39 معتقلاً حصل بعضهم على وعد بالإفراج عنهم ما زالوا ينتظرونه ويأمل آخرون في ذلك. لكن 12 منهم ما زالوا يعتبرون خطرين من قبل واشنطن، بمن فيهم خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر.
من هؤلاء الـ12، صدرت أحكام على اثنين، أحدهما بالسجن مدى الحياة والآخر ينتظر عقوبته في إطار إجراءات اعتراف بالتهم.
أما العشرة الآخرون الذين لم يحاكموا بعد، فالإجراءات المتعلقة بهم مستمرة لكنها متقطعة وتسودها الفوضى.
استئناف المحاكمات
وبعد توقف دام 17 شهراً بسبب جائحة "كوفيد-19" خصوصاً، تُستأنف الثلاثاء الجلسات الأولية في محاكمة خالد شيخ محمد وأربعة معتقلين آخرين قبل أيام من الذكرى الـ20 للهجمات، لكن لا ضمانات بأن الحكم سيصدر قبل الذكرى الـ21 للاعتداءات أو حتى الذكرى الـ22.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتبين أن اللجان العسكرية، وهي الهيئات القانونية الاستثنائية التي شكلت لمقاضاتهم بحجة وجود "القاعدة" خارج الولايات المتحدة، منهكة ومخالفة في أغلب الحيان القانون الأميركي.
وقال بنجامين فارلي، المحامي من وزارة الدفاع لأحد المتهمين الخمسة الذين يمثلون مرة أخرى الثلاثاء، إن هذه اللجان "تجربة فاشلة لقضاء متخصص".
واتُّهمت حكومة الولايات المتحدة بإخفاء أو تزوير مواد التحقيق والتجسس على محامي المعتقلين. كما يؤكد معتقلون أنهم تعرضوا لتعذيب وحشي، الأمر الذي قد يبطل الإجراءات المتخذة بحقهم بأكملها. والنتيجة هي أن آخر المعتقلين قد ينهون أيامهم في غوانتانامو، على حد قول شيانا كاديال من مركز الحقوق الدستورية غير الحكومي. وصرحت لوكالة الصحافة الفرنسية، "أعتقد أن الجميع يعلم أن اللجان فاشلة".
انتهاكات حقوق الإنسان
ويشكل ملف غوانتانامو مصدر إحراج لواشنطن المتهمة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
وشهد سجن غوانتانامو العسكري المعزول ويبعد بضعة كيلومترات عن القاعدة البحرية، عمليات استجواب مكثفة تم خلالها استخدام أساليب مثل الإغراق الوهمي.
وتبين بعد ذلك أن إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن ليس لديها أي دليل على صلات العديد من المعتقلين بـ"القاعدة" أو بهجمات 11 سبتمبر، وتم إطلاق سراحهم بلا صخب بعد بضع سنوات.
وعندما تولى باراك أوباما الرئاسة في يناير (كانون الثاني) 2009، كان هناك 240 معتقلاً في غوانتانامو. ولم يكن السجن يشكل عاراً على الولايات المتحدة فحسب، بل أصبح ما سماه مسؤول أميركي "أداة دعائية" للمتطرفين في جميع أنحاء العالم.
خلاف الجمهوريين والديمقراطيين
وكان أحد أول قرارات أوباما الأمر بإغلاق غوانتانامو خلال عام. لكن الكونغرس، حيث كان الجمهوريون يهيمنون آنذاك، منعه من القيام بذلك. ومع ذلك، مارس الرئيس الديمقراطي ضغوطاً من أجل إطلاق سراح غالبية السجناء. ولم يتبقَّ سوى 41 معتقلاً عندما تولى دونالد ترمب الرئاسة في عام 2017.
وأوقف ترمب عمليات الإفراج هذه واستبعد إغلاق السجن، واقترح بدلاً من ذلك إرسال متطرفي تنظيم "داعش" الذين يتم أسرهم في العراق وشمال شرقي سوريا إليه.
ويؤيد الرئيس الحالي جو بايدن الذي كان نائباً لأوباما، إغلاق السجن العسكري، لكن المحللين يقولون إنه سيحاول تجنب أي مواجهة مع الكونغرس.
وسمح التطعيم ضد "كوفيد-19" باستئناف جلسات الاستماع العسكرية في مايو (أيار)، وبدأ الرئيس الديمقراطي الإفراج بتكتم عن الذين لم توجه إليهم تهم.