حذرت هيئة الممارسات المالية في بريطانيا، أنها تدرس فرض ضوابط تنظيمية وقواعد حماية من المخاطر والنصب المالي على المنصات الإلكترونية لتداول العملات المشفرة وغيرها من الأصول الاستثمارية عالية المخاطر التي تستخدم لغرض المضاربة.
كما حذرت الهيئة المشاهير المؤثرين على مواقع التواصل الذين يروجون لأصول خطرة أو وهمية، بأنهم قد يتعرضون للمساءلة في المستقبل في حال خسارة الجمهور للاستثمارات في تلك الأصول، التي يروج لها هؤلاء، ويحصلون على مقابل لترويجهم.
وخص رئيس هيئة الممارسات المالية تشارلز راندال، في كلمة له يوم الاثنين، نجمة تلفزيون "الواقع" الأميركية كيم كارداشيان بالانتقاد والتحذير. وكانت كارداشيان قد تبنت ودعمت في يونيو (حزيران) الماضي رمز عملة مشفرة جديدة تستخدم للمضاربة كأصل رقمي مشفر. ووصل إعلان كيم كارداشيان على صفحتها في موقع التواصل "إنستغرام" إلى متابعيها البالغ عددهم 250 مليون شخص.
ووصف راندال المشاهير المؤثرين الذين يروجون لبرامج استثمار عالية المخاطر بأنهم "يروجون للثراء السريع"، وأضاف "هؤلاء الذين يروجون لعملات مشفرة للمضاربة وأصول مماثلة يخونون ثقة جمهورهم ومتابعيهم".
وحذر هؤلاء من أنهم قد يخضعون للمساءلة في حال انهارت تلك الاستثمارات وخسر الناس أموالهم، حسب ما نقلت صحيفتا "ديلي تلغراف" و"تايمز" الثلاثاء.
كيم كارداشيان
على الرغم من أنه لم يكن في كلام رئيس هيئة الممارسات المالية البريطانية ما يشير إلى أن كيم كارداشيان ارتكبت جريمة مالية، إلا أنه ضرب بها المثل على انفلات عمليات تطوير وترويج وبيع رموز رقمية للمضاربة غالباً ما تصعد بسرعة وتنهار بسرعة. وكان ريتشارد راندال يتحدث في منتدى كامبريدج الدولي للجرائم المالية حين أطلق انتقاداته وتحذيراته.
وصف راندال إعلان دعم كارداشيان لرمز العملة المشفرة "إيثريوم ماكس" بأنه "ربما تكون أكبر عملية ترويج مالي تصل لأوسع جمهور في التاريخ". مشيراً إلى أن نجمة تلفزيون الواقع الشهيرة والمؤثرة على مواقع التواصل لم تر أن عليها أن توضح لجمهورها ومتابعيها أن "إيثريوم ماكس، وهي غير العملة المشفر إيثريوم، مجرد رمز رقمي للمضاربة طوره مبرمجون مجهولون قبل شهر فقط، وهي واحدة من مئات الرموز الرقمية المماثلة المستخدمة للمضاربة في العملات المشفرة التي تعج بها بورصات ومنصات تلك العملات".
وأضاف المسؤول المالي البريطاني، "لا يمكنني القول بأن هذه العملة المشفرة الجديدة خدعة أو عملية نصب. لكن المشاهير المؤثرين على مواقع التواصل يدفع لهم النصابون باستمرار ليساعدوهم على الترويج لرموز عملات مشفرة تظهر وتنتشر وتختفي في عمليات مضاربة فقط. بل إن بعض المشاهير المؤثرين يروجون لعملات مشفرة ليست موجودة من الأساس".
قلق تنظيمي
حتى الآن، ليس لدى هيئة الممارسات المالية أي وسيلة للتصرف أو اتخاذ أي إجراء في حق المشاهير المؤثرين الذين يروجون لتلك الأصول الاستثمارية عالية المخاطر على مواقع التواصل مقابل أجور يتلقونها من مطوري تلك الرموز الرقمية وبائعيها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن، هناك دراسة تجري حالياً يمكن أن تنتهي إلى منح الهيئة، وسلطات تنظيم الأسواق والمعاملات المالية، سلطة للتدخل تجاه هؤلاء المؤثرين وغيرهم مستقبلاً. ويأتي تحذير الهيئة بعدما أعلنت أنها لا يمكنها التدقيق في ممارسات شركة بينانس لتداول العملات المشفرة بعدما رفضت الشركة تقديم معلومات وبيانات أساسية حول عملياتها. وتواجه بينانس حظراً في عدد من الدول لشبهة النصب والفساد في تداولات العملات المشفرة.
وهناك قلق متصاعد في بريطانيا، وغيرها من الدول، لدى هيئات وسلطات ضبط وتنظيم القطاع المالي نتيجة الزيادة الهائلة في أعداد المستثمرين الشباب الذين يتعاملون في أصول شديدة المخاطر مثل العملات المشفرة دون فهم لتلك المخاطر المصاحبة لهذه الاستثمارات.
وحسب الأرقام والبيانات من هيئة الممارسات المالية، يوجد في بريطانيا 2.3 مليون شخص يتعاملون في العملات المشفرة. و14 في المئة من هؤلاء اقترضوا الأموال التي يستثمرونها في تلك العمليات شديدة المخاطر.
وطبقاً لأبحاث الهيئة، فإن حوالى ربع مليون من هؤلاء يظنون أن برنامج تعويضات الخدمات المالية يغطيهم في حال خسروا مضارباتهم. لكن ذلك ليس صحيحاً، ويمكن لهؤلاء أن يخسروا كل ما لديهم دون أي تعويض، لأن استثماراتهم تلك غير مضمونة أو محمية من أي هيئة أو سلطة مالية رسمية.
ويُتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من الضوابط والقيود التنظيمية لتجار العملات المشفرة والأصول الرقمية عالية المخاطر الأخرى. وقال تشارلز راندال في كلمته، "إن حجم الضرر والخسائر الناجم عن تلك العملات المشفرة والمضاربة فيها يثير مسألة خضوع عمليات تطويرها وطرحها وبيعها للقواعد التنظيمية لهيئة الممارسات المالية".
وأضاف، "بما أن حياتنا أصبحت أكثر فأكثر على الإنترنت، فلا يمكن السماح لممارسة الأعمال على الشبكة بالاستمرار بطريقة غير التي نسمح بها للأعمال الأخرى. يتصاعد التوجه نحو التنظيم وفرض القواعد في العالم كله. وعلى المنصات الإلكترونية أن تتوقع ضبطاً للمخاطر الهائلة التي تتسبب فيها، مثلها مثل أي أعمال أخرى".