تواجه القطاعات الاقتصادية الرئيسية تقلبات سوقية طارئة في ظل ارتفاع حدة المنافسة، تؤدي إلى تسجيل تغيرات على حصصها السوقية، في حين تفرض مثل هذه التغيرات على أسواق الطاقة العالمية مزيداً من التحديات والعقبات، وبخاصة أمام قدرة صناعة البتروكيماويات على الإسهام بشكل أفضل في خطط التحفيز الاقتصادي.
يأتي ذلك في الوقت الذي تشتدّ فيه حدة الأزمة التي تواجهها إيران مع استمرار العقوبات الأميركية التي فرضتها واشنطن على طهران، وتتجه نحو تصفير صادرات إيران النفطية خلال الفترة المقبلة، ما تسبب في حالة من عدم الاستقرار في أسواق النفط العالمية.
وأشار تقرير حديث إلى أنه خلال الربع الأول من العام الحالي سجلت الأرباح التشغيلية انخفاضاً ملموساً لشركات قطاع البتروكيماويات، ما عكس حجم المخاطر التي تواجهها الصناعة والاستثمارات الضخمة القائمة، وذلك نتيجة مباشرة لانخفاض أسعار المنتجات والهوامش والطلب المنخفض، على الرغم من الانخفاض المسجل على أسعار "اللقيم"، في إشارة إلى أن المخاطر المحيطة بأداء القطاع تبدو خارجة عن السيطرة، رغم الإنجازات المحققة على قدرة الشركات على التعامل مع الأسواق المتقلبة.
الخسائر تتطلب تغيير الاستراتيجيات
وبحسب تقرير الطاقة الأسبوعي الصادر عن شركة نفط "الهلال"، يبدو أن التسليم بالنتائج السلبية من قبل شركات قطاع البتروكيماويات بات مُستبعداً، وأن استمرار تحقيق المزيد من النتائج الربعية المتراجعة سيؤدي إلى وضع خطط واستراتيجيات جديدة خلال الفترة المقبلة لتجاوز هذه التراجعات، فمن غير المجدي ضخ المزيد من الاستثمارات والتعويل على أداء القطاع، ومن ثم مواجهة مخاطر سوقية مستمرة باتت تعمل على إضعاف التأثير الإجمالي لأنشطة القطاع على الناتج المحلي لاقتصادات دول المنطقة.
وأضاف التقرير أن أسباب تراجع نتائج الأداء للربع الأول من العام الحالي مقارنة بنتائج الأداء خلال الربع السابق تتشابه إلى حد كبير، ما يشير إلى أن الضغوط مستمرة على نفس الوتيرة، والحلول المناسبة لها لم تجد طريقها بعد، لتسيطر على المشهد عوامل انخفاض الكميات على الإنتاج والمبيعات، وانخفاض متوسط أسعار بيع عدد من المنتجات، وارتفاع تكاليف التمويل.
ارتفاع المصاريف يزيد من حدة الخسائر
وكان للتقلب المسجل على المصاريف الإدارية والعمومية تأثير ضاغط على نتائج الأداء الربعي، فيما كان لأعمال الصيانة الدورية والطارئة دور في تراجع الأرباح المحققة، في المقابل سجلت بعض شركات البتروكيماويات ارتفاعاً في أرباحها، وذلك نتيجة لتحسن هوامش الربح للمنتجات وانخفاض تكلفة المواد الأولية وارتفاع حجم المبيعات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح التقرير أن مسارات الضغط والدعم على أساس سنوي تتكرر دون القدرة على تجاوز الضغوط السوقية، ما يتطلب من شركات القطاع البحث عن أسواق جديدة ومنتجات أكثر طلباً وقدرة على المنافسة، في الوقت الذي سجلت فيه نتائج أداء القطاع خلال الربع الحالي مزيداً من التذبذب والخسائر، نتيجة انخفاض هوامش الربح للمنتجات المكررة وانخفاض المبيعات وانخفاض متوسط أسعار البيع، وزيادة المعروض لدى الأسواق العالمية وارتفاع أسعار بعض المواد الخام وزيادة المصروفات العمومية وانخفاض الإيرادات التشغيلية.
هذا ويعود الانخفاض المسجل على الخسائر لدى عدد من الشركات إلى تحسن الأداء التشغيلي وزيادة الكميات المباعة، ما يشير إلى إمكانية التحسن واستمرار الأسواق بتوفير ظروف قابلة للاستغلال لتحسين المبيعات خلال العام الحالي.
961 مليار دولار استثمارات متوقعة
وخلال الأيام الماضية، قدّرت دراسة رسمية عربية حجم استثمارات الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط، بنحو 961 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة، أكثرها سيتم ضخها بالسعودية ودول الخليج الأخرى.
وأشارت الدراسة، التي أصدرتها المؤسسة العربية للاستثمارات البترولية "ابيكورب"، التابعة لمنظمة الدول العربية المصدرة للبترول، إلى أن الاستثمارات في قطاع الكهرباء ستبلغ نحو 348 مليار دولار، في حين يقدّر حجم الاستثمار في قطاع النفط والتكرير نحو 304 مليارات دولار في تلك الفترة.
دول الخليج المحرك الرئيسي
وأفادت الدراسة بأن حجم الإنفاق على مشاريع الغاز وقطاع البتروكيماويات، يقدر بنحو 186 مليار دولار و123 مليار دولار على التوالي، لافتة إلى أنه لا تزال دول مجلس التعاون الخليجي هي المحرك الرئيسي للاستثمارات في قطاع الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبخاصة في مجالي النفط والغاز، ومن المتوقع أن تبلغ استثماراتها ما بين 60 مليار و70 مليار دولار في قطاع الطاقة سنوياً خلال تلك الفترة.
وبالنسبة إلى مشاريع توسعة طاقة إنتاج النفط بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، توقعت الدراسة أن ترتفع من نحو 37 مليار دولار عام 2018 إلى نحو 40 مليار دولار عام 2019، قبل أن تتراجع إلى نحو 38 مليار دولار سنوياً حتى عام 2022، وأن معظم الاستثمارات سيتم ضخها في دول الخليج.
وخلال الأسبوع الماضي شهد القطاع عدة أحداث جوهرية أثّرت على السوق بشكل عام، نوردها في السطور التالية.
"دانة غاز" تبحث عن الهيكل الرأسمالي الأكثر كفاءة
في الإمارات، أعلنت شركة "دانة غاز" أنها تقوم بشكل دوري بتقييم جميع الخيارات التي من شأنها أن تعمل على إيجاد الهيكل الرأسمالي الأكثر كفاءة لها، والذي سيؤدي إلى تحقيق أعلى عائد استثماري لمساهميها، ويتضمن ذلك إمكانية الإدراج في أسواق مالية أخرى.
وأوضحت الشركة، في بيان توضيحي، إمكانية إدراج أسهمها بإحدى البورصات العالمية وذلك للقيمة المضافة العائدة للشركة، فضلاً عن مردود أفضل للمستثمرين، ومن المتوقع أن تكون بورصة لندن خياراً مناسباً لوجود السيولة العالية ووجود العديد من الشركات العاملة في قطاع النفط والغاز ومحللين ماليين مختصين.
من جهتها، قالت شركة "بروج" للاستثمارات البترولية والغاز الإماراتية إنها تعتزم بناء مصفاة نفط في الفجيرة لإنتاج وقود للسفن يتماشى مع قوانين دولية جديدة تحدّ من محتوى الكبريت في وقود الشحن.
وقالت الشركة، في بيان، إن المرحلة الأولى من المصفاة المزمع إنشاؤها بطاقة 250 ألف برميل يوميا ستكتمل في الربع الأول من 2020. وستلزم قواعد جديدة من المنظمة البحرية الدولية السفن باستخدام أنواع وقود بمحتوى كبريت دون 0.5% بدءا من 2020. ووقود الشحن المستخدم حاليا أكثر تلويثا للبيئة بكثير، ويتضمن نسبة كبريت أعلى.
العراق يوقع اتفاقاً بـ 1.07 مليار دولار مع شركة صينية
وقّع العراق والشركة الصينية للهندسة والإنشاءات البترولية اتفاقا قيمته 1.07 مليار دولار من أجل بناء وتشغيل مرافق لمعالجة الغاز الطبيعي المستخرج مع النفط الخام في حقل الحلفاية العملاق. وقالت وزارة النفط إن الشركة الشقيقة لمؤسسة البترول الوطنية الصينية "سي.إن.بي.سي" ستعالج نحو 300 مليون قدم مكعبة معيارية يوميا من الغاز من الحقل.
ويواصل العراق حرق بعض الغاز المستخرج إلى جانب النفط في حقوله بسبب نقص منشآت المعالجة لتحويله إلى وقود للاستهلاك المحلي أو التصدير. كما يجري العراق محادثات مع شركات نفط عالمية لبناء محطة بطاقة 300 مليون قدم مكعبة لمعالجة الغاز من حقلي غرب القرنة 2 ومجنون، لكن لم يقع الاختيار على شركة بعد.