بدأ السباق الانتخابي في قطر نحو الفوز بـ30 مقعداً في مجلس الشورى، في خطوة هي الأولى من نوعها، بعدما كان أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد هو مَن يعيّن أعضاء المجلس.
وبدأت الحملات الانتخابية في الدوحة وسبع مدن أخرى. وبحسب بيان لوزارة الداخلية القطرية، "فإن الفترة المخصصة للدعاية ستستمر لأسبوعين منذ بدئها في 15 سبتمبر (أيلول الحالي)"، ويُمنع بعدها إقامة أي نشاط دعائي.
وبعد جدل كبير وإرجاء متكرر للموسم الانتخابي، نشرت وكالة الأنباء القطرية الكشوف النهائية للمرشحين التي أعلنت عنها الأربعاء الماضي، بعد انتهاء فترة تقديم التظلمات والاعتراضات على الكشوف الأولية.
وضمّت قائمة المرشحين 284 مرشحاً موزعين على 30 دائرة انتخابية، من بينهم 28 امرأة، وذلك بعد أن كانت الكشوف الأولية للمرشحين تضم 294 مرشحاً، بينهم 29 امرأة. ولم توضح الوكالة أسباب استبعاد المرشحين العشرة للانتخابات التي يُفترض أن تُجرى في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وبحسب القانون الانتخابي المثير لبعض القبائل القطرية، فإنه "يحق فقط لأحفاد القطريين الذين كانوا مواطنين عام 1930 التصويت والترشح، ما يعني استبعاد بعض أفراد العائلات المجنسة منذ ذلك العام". وهو ما أثار حفيظة "قبيلة آل مرة" وهي واحدة من أعرق القبائل القطرية الذين خلت منهم قوائم المرشحين الـ284 المعلن عنها.
وتضمنت شروط المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي الأول، "أن تكون الجنسية الأصلية للمرشح قطرية، وأن يكون بلغ من السن 30 عاما أثناء الترشيح، ويجيد استخدام اللغة العربية كتابةً وقراءةً، ومقيداً في الدائرة الانتخابية التي يترشح فيها".
مهمات المجلس
ويناقش مجلس الشورى القطري مشروعات القوانين التي تُحال عليه من قبل مجلس الوزراء، بالإضافة إلى الميزانية العامة للدولة، فضلاً عن متابعة أنشطة الدولة وإنجازاتها وتوجيه الأسئلة للوزراء بقصد استيضاح أمر من الأمور، وتقديم التوصيات وإبداء الرغبات للحكومة في المسائل المشار إليها.
وسيمثل 30 عضواً منتخبين 30 دائرة انتخابية، فيما سيستمر الأمير، الذي كان يعيّن جميع أعضاء المجلس الـ45، بتعيين الـ15 الباقين.
خطوة لتحسين سمعة البلاد قبل المونديال
الخطوة التي تأتي قبل أشهر قليلة من استعداد الدوحة لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، تعتبرها وسائل إعلام وشرائح قطرية مناهضة "خطوة لتحسين وتلميع صورة الدولة"، فيما بدت تفسرها منظمات حقوقية أخرى بأنها قد تكون مبادرة حقيقية لتغيير نظام الحكم في البلاد.
بدأت الحملات الانتخابية في البلد الخليجي الذي لا تزيد مساحته على 11.571 كيلومتر، عبر 14 موقعاً في الأندية الرياضية والمراكز الشبابية. وفي إطار الإجراءات التنظيمية، أصدر رئيس مجلس الوزراء القطري، وزير الداخلية الشيخ خالد بن خليفة آل ثاني، قراراً يحدد مصادر تمويل الحملة الانتخابية. ويسمح القرار لأي مرشح أن يمول حملته الانتخابية بأمواله الخاصة أو عبر جمع تبرعات، شريطة ألا تتجاوز 35 في المئة من الحد الأقصى وهو مليونا ريال (نحو 549 ألف دولار)، فيما يحظر القرار "تلقي أي مرشح تبرعات مالية من الخارج أو من دولة أو منظمة دولية ما".
ومنعت السلطات القطرية بناء المخيمات والتجمعات في المجالس الخاصة بسبب أزمة كورونا، في ظل توفر البديل الذي وفرته اللجنة الإشرافية والمؤسسة القطرية للإعلام، كما دعت السلطات وسائل الإعلام إلى "مراعاة المساواة بين المرشحين في إعلاناتها، وعدم استخدام شعار الدولة الرسمي وعدم الدعوة إلى النزعة القبلية واحترام الدستور".
مثار جدل
ويمنع النظام الانتخابي الجديد القطريين الذين يصنفهم قانون الجنسية المثير للجدل كـ"متجنسين" بدل "أصليين" (القطريون أساساً) من الترشح في الانتخابات وبشكل عام من الاقتراع في انتخابات أكتوبر لشَغل ثلثي مقاعد "مجلس الشورى".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الـ8 من أغسطس (آب) الماضي، وبعد أن منحت اللجنة الانتخابية القطريين فترة خمسة أيام للتسجيل للاقتراع، بدأ القطريون الذين لم تُقبَل طلباتهم بالتعبير عن استيائهم على الإنترنت، وكان بينهم كثيرون من قبيلة آل مرّة، الذين لطالما انتقدوا حرمانهم من حقوق المواطنة الكاملة.
وفُتحت على منصات التواصل الاجتماعي الغاضبة نقاشات بين القطريين عن أسباب حرمان بعض القبائل من حق الترشح الانتخابي. ولم تلبث أن مرّت ساعات حتى خرجت في 9 أغسطس، تظاهرة حاشدة بقيادة قبيلة آل مُرّة، منددة بقانون الجنسية التمييزي كما تصفه "منظمات حقوقية".
وأسهم في تسيير تلك التظاهرة محامٍ قطري بارز من آل مرة بعد نشره فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي خاطب فيه الأمير تميم بن حمد آل ثاني. قبل أن تعتقله السلطات برفقة 14 آخرين قرب منزله في منطقة المعيذر قرب العاصمة الدوحة.
قانون الجنسية لعام 2005
واعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية أن ثمة انتهاكاً لقانون الجنسية لعام 2005 والمادة 24 من الدستور القطري، التي تنص على وجوب اعتبار جميع القطريين متساوين بالحقوق والمسؤوليات.
ولم تكن لتهدأ الأمور في البلد الغني بالنفط والغاز، قبل أن يعد أمير البلاد الشيخ تميم بعد أربعة أيام من الاعتصامات "بالنظر في المطالب" وأبرزها "تغيير القانون التمييزي وإطلاق سراح أفراد من آل مرة معتقلين"، إلا أنه وحتى 22 أغسطس الماضي، لم تفرج السلطات عن المعتقلين بحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش" التي نقلت عن شقيق اثنين من المعتقلين قوله إن شقيقيه "لا يزالان محتجزين وممنوعين من التواصل مع أفراد العائلة". كما لم يعلَن بعد عن تغيّر في القوانين حتى اليوم.
وفي 9 سبتمبر الحالي، رد "مكتب الاتصال الحكومي" القطري على طلب "هيومن رايتس ووتش" للحصول على معلومات محددة تتعلق بالاعتقالات. وقال إن السلطات استدعت عدداً قليلاً فقط من الأشخاص خلال فترة تسجيل الناخبين بسبب "الخطاب المحرض على الكراهية، والسلوك المسيء عبر الإنترنت تجاه الناخبين، والتحريض على العنف تجاه مسؤولي إنفاذ القانون وغيرهم من الجمهور"، وإن معظم القضايا "تم حلها ولم يُتَّخَذ أي إجراء آخر" منذ ذلك الحين. ولم يتضمن البيان معلومات عن أي من الحالات الفردية المحددة التي استفسرت عنها "هيومن رايتس ووتش".