لم تحدث المحاولة الانقلابية في السودان التي أحبطها الجيش السوداني في لحظاتها الأولى، الثلاثاء 21 سبتمبر (أيلول) الحالي أي أثر في حياة مواطني العاصمة الخرطوم، حيث سارت الأوضاع طبيعية في دواوين الدولة والأسواق والأماكن العامة، فضلاً عن حركة الطيران الخارجي والداخلي والتنقلات بين الخرطوم ومدن البلاد المختلفة.
وسارعت القوى السياسية الداعمة للحكومة والمعارضة على حدّ سواء، إلى إدانة المحاولة الانقلابية باعتبارها مغامرة متهورة تسعى لزعزعة استقرار السودان وإجهاض ثورة ديسمبر (كانون الأول) التي اندلعت من أجل وضع حدّ للحكم العسكري.
تنديد بالمحاولة الانقلابية
كما خرج آلاف المواطنين السودانيين في معظم مدن البلاد، منددين بالمحاولة الانقلابية، ومطالبين، في الوقت ذاته، بمنع أي اتجاه لاستيلاء العسكريين مجدداً على السلطة المدنية في البلاد، فضلاً عن دعوتهم إلى إبعاد عناصر النظام السابق عن المؤسسة العسكرية وأجهزة الدولة المدنية، بعد اتهام رئيس الوزراء عبدالله حمدوك أنصار نظام الرئيس المخلوع عمر البشير بالتخطيط لهذه المحاولة مسبقاً عبر خلق الفوضى الأمنية وإغلاق الطرق في مدن شرق السودان.
وجدد حمدوك الدعوة إلى إعادة هيكلة الجيش وإخضاع مصالحه التجارية للإشراف المدني، وهو مصدر رئيس للخلاف، في كلمة لم يؤكد فيها الوحدة بين الجيش والمدنيين مثلما كان يفعل من قبل، وأضاف أن الجيش هو أكثر جهة مهتمة بالانتقال الديمقراطي والانتخابات المقرر عقدها في مطلع 2024، وتابع أن السياسيين المدنيين مشغولون بالتناحر والصياح ويوجهون سهامهم نحو الجيش.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في غضون ذلك، قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الأربعاء في كلمة له خلال حفل تخريج إحدى الدفعات للقوات المسلحة، "لن تستطيع أي جهة أن تبعد القوات النظامية من المشهد في السودان خلال الفترة الانتقالية لأن ليست هناك حكومة منتخبة". واعتبر البرهان أن القوات المسلحة هي التي أخمدت الانقلاب، "وهناك من يسعى إلى بث الفرقة في صفوفها".
أضاف البرهان، "نحن قضيتنا الوطن وليس الكراسي، نحن من تصدى للمحاولة الانقلابية وأفشلها"، وتابع، "نحن حريصون على حماية" المرحلة الانتقالية و"نؤيد تسليم البلد إلى (سلطة منبثقة من) إرادة شعبية وتأتي بانتخابات حرة نزيهة".
محاولة انقلابية ليست الأولى
من جانبه، أوضح نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خلال مخاطبته الاحتفال ذاته، أن المحاولة الانقلابية التي شهدتها البلاد ليست الأولى، ولفت إلى أنه من حق المواطن أن يسأل عن أسباب هذه الانقلابات المتكررة، وهم السياسيون، مضيفاً، "لقد تصدينا لعدد من المحاولات خلال الفترة الانتقالية، ونعترف بأن السودان يعيش فترة دقيقة". وأردف حميدتي، "نريد لشعب السودان أن يعيش بسلام ونؤكد أننا سنبذل جهودنا لتطوير قواتنا المسلحة".
وتابع، "ينبغي أن نتوافق حول برنامج وطني ونترك أساليب التخوين، وحل الأزمة في السودان لن يتم إلا عبر توحيد الكلمة والعمل بروح وطنية"، منوّهاً إلى أنهم دعموا مبادرة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك للتوافق، لكن السياسيين مارسوا الإقصاء وكل طرف يعاكس الآخر.
أضاف دقلو، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا)، "السياسيون هم السبب في الانقلابات لأنهم أعطوا الفرصة. أهملوا المواطن وخدماته الأساسية واشتغلوا بالصراع على الكراسي ما خلق حالة من عدم الرضا والسخط وسط المواطنين".
وقال دقلو، "لم نجد من الذين يصفون أنفسهم بالشركاء إلا الإهانة والشتم، ليلاً نهاراً، لجميع القوات النظامية، فكيف لا تحدث الانقلابات والقوات النظامية لا تجد الاحترام والتقدير".
21 ضابطاً
وكانت الحكومة السودانية اعتقلت معظم المشاركين في هذه المحاولة، بينهم 21 ضابطاً وعدد من الجنود، واتهمت نظام البشير، المعتقل منذ أكثر من عامين بعدما أطاحه الجيش تحت ضغط حركة شعبية احتجاجية عارمة، بأنه وراء هذه المحاولة.