ما الفعل الذي يمكن أن يحمل رمزية تفوق تبادل الهدايا بين كبار الشخصيات؟ على الرغم من أنه ليس بمقدور المرء أن يكون واثقاً تماماً من المعنى المقصود من الهدايا. قام رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بأول زيارة له إلى البيت الأبيض وأخذ معه نسخة من كتاب "مرحباً، هل هذا هو كوكب الأرض؟" الذي ألفه رائد الفضاء البريطاني تيم بيك. يأمل المرء أن الكتاب كان مجلداً تجليداً فاخراً [وليس نسخة بخسة الثمن].
اختيرت الهدية لتكون تأكيداً للطموح المشترك لمعالجة أزمة المناخ، وفي المقابل، أعطى جو بايدن لرئيس الوزراء صورة مُبروَزة [في إطار] تجمعهما في خليج كاربيس، التقطت في وقت سابق من العام أثناء قمة الدول السبع. إنها هدية أقل قيمة نوعاً ما من الدراجة الهوائية المصممة خصيصاً التي عاد بها جونسون من القمة. هل يدل هذا على فتور في العلاقة؟ أو ربما ببساطة هو البروتوكول المزعج الذي يجب أن يرافق الهدايا التي تُقدم بعد الهدية الأولى؟ الشيء المؤكد الوحيد هو أن الكتاب أفضل من صورة مبروزة.
خلف الكواليس، عادة ما يتسابق المساعدون المثقلون بالمهام للعثور على هدايا مناسبة في اللحظة الأخيرة، يكون بعضها مدروساً وبعضها الآخر ليس كذلك. يتذكر المستشارون السابقون أنه بغض النظر عن التخطيط قبل وقت طويل، دائماً ما تصاحب الفوضى اختيار الهدية في اللحظة الأخيرة! يروي آخر كيف يمكن أيضاً أن تتم مقابلة أكثر الهدايا المدروسة بأشياء على أكبر قدر ممكن من الابتذال. من الواضح أن ممارسة تبادل الهدايا مزعجة قليلاً. إذ إنك لا تعرف الشخص عن قرب ولا حتى تربطك به علاقة كافية تساعدك على فهم ماهية الهدية المثالية.
شهدت فترة حكم تيريزا ماي تقديم كأس أسكتلندية بمقبض مزدوج إلى دونالد ترمب لتعكس أصوله الأسكتلندية، بينما حصلت السيدة الأولى على سلة تم اختيار محتوياتها بعناية فائقة، تشمل منتجات مصنوعة باليد من مصنع تشيكرز العريق للأغذية. ربما تعبر الهدايا عن مانحها أكثر؟ كانت تلك الهدايا تتماشى تماماً مع شخصية ماي الدقيقة جداً، إنها رسالة سياسية خفية تقرب ترمب أكثر من الجزر البريطانية، بينما كانت هدية ميلانيا التي تحمل لمسة حقبة السبعينيات تتوافق مع أسلوب وبروتوكول هذه التقاليد. من يعرف بالتأكيد من هو الشخص الذي أكل بالفعل مربى الفواكه التي احتوتها السلة؟ من غير المرجح أن تكون ميلانيا قد فعلت ذلك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بشكل عام فإن حكومة المملكة المتحدة ليست جيدة في تقديم الهدايا. إذ إنها مقيدة دائماً بحد أقصى لتكلفة الهدية، ما يعني أن الخيارات محدودة ضمن المنتجات الراقية التي يحتويها متجر الهدايا في مجلس العموم. أنا متأكدة من أنه تم تقديم العديد من الخزفيات الصينية الراقية أو أزرار الأكمام المعدنية المزخرفة، حتى إن الأشخاص الأكثر حظاً قد يحصلون على ربطة عنق خضراء تتماشى والأزرار.
اقترحتُ ذات مرة أن لعب دور في تسويق العلامة البريطانية قد يعني أنه يتعين علينا أخذ بعض الهدايا اللطيفة حقاً إلى زياراتنا الدولية، شيء فاخر كمحفظة من تصميم دار "بيربري" على سبيل المثال. سمعت أن الناس كانوا يحبون هذا النوع من الهدايا. لكن مقترحي أسقط بسبب بعض الادعاءات الزائفة بأننا سنقوم بتفضيل علامة تجارية بريطانية على أخرى أو أن الهدية متفاخرة للغاية أو أنه يتعين علينا دفع سعرها الكامل... على أي حال، هناك كمية كبيرة من الأزرار في المتجر علينا استخدامها.
حتى عندما حاولنا القيام بشيء مميز، ولكن بسعر رخيص، كانت الهدية تبدو دائماً خارج السياق. في زيارة رسمية لباكستان للقاء رئيس الوزراء الجديد، عمران خان، تم بذل جهود ضخمة لجعل فريق إنجلترا للكريكيت يوقع على مضرب يمكننا تقديمه كهدية. كان السكرتير الخاص يتشبث بالمضرب كما لو أنه كان يحمي لقية أثرية واغرورقت عيناه بالدموع عندما أجبر على تسليمه. تم تلقي المضرب بلطف ولكن من دون أي عاطفة، ولا شك أنه ألقي فوق كومة من الهدايا الأخرى غير الأصلية التي لها علاقة بالكريكيت.
كما أن تلقي الهدايا مرعب أيضاً! يجب التخلي عن أي هدية تزيد قيمتها على 125 جنيهاً استرلينياً، وإذا اختار الشخص الاحتفاظ بها فعليه دفع فرق السعر من جيبه. ثم هناك التحدي المتمثل في ما يجب فعله ببعض الهدايا الأخرى، مثل الدمى التي أهداها وزير تركي خلال زيارته، وبقيت في المكتب ولم يطالب بها أحد أبداً. انتقلت الدمى من درج إلى آخر ومن مكتب إلى آخر لبضعة أشهر قبل أن يتم تخزينها إلى الأبد.
هل تكون المشكلة في أن الرسالة التي تحملها الهدية منقوصة؟ قد تكون بعض الرسائل المشفرة الدقيقة والمعقدة، مثل الأسلوب البيزنطي، هي القفزة الدبلوماسية التي كنا نرجو! دعونا نأمل أن يحظى تبادل الهدايا بتخطيط أكثر في المستقبل القريب.
عملت سلمى شاه مستشارة لوزير الداخلية البريطاني، ساجد جاويد، في الفترة ما بين عامي 2018 و2019. كانت أيضاً مستشارة خاصة في وزارة الثقافة والإعلام والرياضة والشؤون الرقمية.
© The Independent