عمدت مدارس في إنجلترا إلى فرض تطبيق نسختها الخاصة من نظام اختبار وتتبع كورونا المعتمد من الحكومة البريطانية. وقد ترافقت هذه الخطوة مع تنبيه أطلقه أحد القائمين على قطاع التعليم، إلى أن احتمال انتقال عدوى "كوفيد" هذه السنة "يتخطى معدلات العام الماضي".
وكشف بعض مديري المدارس لصحيفة "اندبندنت" عن أنه تحتم عليهم تجاوز التعليمات الوطنية في تطبيق الإجراءات المتبعة، بقصد الحد من تفشي المرض، ومنع الأطفال الذين يحتمل أن يكونوا من حاملي العدوى، من الالتحاق بالمدرسة.
ومعلوم أن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، لم يعد يتعين عليهم، بعد تغيير القواعد في أغسطس (آب) الماضي، عزل أنفسهم في حال اتصالهم بشخص مصاب بفيروس "كوفيد". وفي حين ما زال ينصح هؤلاء بإجراء فحص PCR أو اختبار "تفاعل البوليميراز المتسلسل"، إلا أنهم لم يعودوا ملزمين بالبقاء في منازلهم إلى حين حصولهم على نتيجة الاختبار.
وفي الوقت الذي اعتادت فيه المدارس في إنجلترا أن تقوم هي بنفسها بتتبع مخالطات الطلاب المصابين بالفيروس وجهات اتصالهم، فقد أصبح ذلك الآن من مهمة "نظام هيئة الخدمات الصحية الوطنية للاختبار والتعقب" NHS Test and Trace (خدمة أطلقت عام 2020 بتمويل من حكومة إنجلترا)، لكن على الرغم من ذلك، فإن بعض مديري المدارس ما زالوا يواصلون تطبيق قواعدهم الخاصة التي تعتبر أكثر صرامةً لجهة تتبع جهات الاتصال.
ويقول مدير مدرسة لصحيفة "اندبندنت"، فضّل عدم الكشف عن اسمه: "لاحظنا أن صدور نتائج فحوصات PCR كان بطيئاً، ولم يطلب من إدارات المدارس أن تفرض على التلاميذ عزل أنفسهم أثناء انتظار النتيجة. وقد أدى ذلك إلى وجود طلاب مصابين بالعدوى داخل المدرسة، وتسبب في وقوع مزيد من الإصابات".
وأضاف، "نتيجةً لذلك، لجأنا إلى اعتماد نظام اختبار وتتبع خاص بنا، بحيث يتيح لنا تحديد جهات الاتصال التي اختلطت عن كثب بالحالات الإيجابية، ومن ثم مطالبتها بالتزام المنزل، ومتابعة برنامجنا الدراسي عبر الإنترنت، إلى حين صدور نتيجة سلبية لجهة عدم إصابتهم بالمرض".
وأردف قائلاً، "لقد تحتّم علينا تجاوز التعليمات الصادرة من وزارة التعليم البريطانية للحد من تفشي العدوى، وتجنب أي عراقيل في نظامنا لتوفير التعليم للطلاب".
كيت أندرو مدير مدرسة تتولى تدريس مناهج الصفوف الابتدائية في جنوب لندن، أكد لـ"اندبندنت"، أن مدرسته ما زالت تفضّل اعتماد نظامها الخاص لاختبار وتتبع كورونا، الذي يفرض الحجر الصحي على الأطفال الذين خالطوا أحد المصابين بالمرض. وقال، "إننا نتبع تقييمنا الخاص للمخاطر، وليس توجيهات الحكومة بالضرورة".
وأوضح أندرو أنه ما إن كانت تقوم مدرسة "سانت جيمس ذي غريت" St James the Great School في كرويدون، بتحديد طفل ما كان على اتصال وثيق بأحد المصابين بالعدوى، حتى تطلب من ذويه إجراء فحص PCR له، وإبقاءه خارج المدرسة حتى صدور نتيجة سلبية للفحص.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال لـ"اندبندنت"، إن "جميع الأهالي وافقوا حتى الآن على هذا الإجراء الذي لولاه لكانت هناك حالتا إصابة داخل المدرسة تم اكتشافهما أخيراً".
وكان أكثر من 100 ألف تلميذ قد تركوا المدرسة الأسبوع الماضي بسبب إصابات بعدوى "كوفيد" إما مؤكدة، أو يشتبه في وجودها، وفقاً لأرقام حكومية.
ومع نهاية العام الدراسي الماضي، كان الرقم في حدود 75 ألفاً، على الرغم من أن مئات آلاف التلاميذ كانوا يقومون بعزل أنفسهم بعد أن تم التعرف عليهم على أنهم جهة اتصال بشخص مصاب بالمرض.
وتؤكد جولي مكولوتش من "رابطة قادة المدارس والكليات" Association for School and College Leaders (ASCL)، أن عدد جهات الاتصال التي تم تحديدها من خلال "نظام هيئة الخدمات الصحية الوطنية للاختبار والتعقب" كان "أقل مما كان عليه عندما طبقت المدارس بنفسها تتبع جهات الاتصال"، وقد سمح هذا النظام للطلاب بمواصلة التوجه إلى مدارسهم حتى قبل حصولهم على نتيجة سلبية لفحص PCR لجهة الإصابة بالعدوى، أو ظهور الأعراض عليهم.
تجدر الإشارة إلى أن تعليمات الحكومة البريطانية تقول إن هناك "عدداً محدوداً" من الأشخاص المخالطين للحالات المصابة بفيروس "كوفيد-19"، يكونون أكثر عرضةً للإصابة بالعدوى، ويتم التعرف عليهم من جانب الطفل المصاب أو من أحد الوالدين.
لكن السيدة مكولوتش ترى أن "هذا النظام بات أقل صرامة عما كان عليه الحال في السابق، وهناك مخاوف من أن يتسبب ذلك بوجود مزيد من التلامذة المصابين بلا أعراض في صفوف التدريس".
آندي بايرز وهو مدير إحدى المدارس في مدينة دورام، شمال شرقي إنجلترا، أكد لـ"اندبندنت" أن مدرسته كانت تعاني منذ انطلاق الفصل الأول من السنة الدراسية الجديدة، من تأثير تغيير القواعد للأفراد الذين هم ما دون سن الـ18. وقال إن "عدم اعتماد العزل الذاتي للمخالطين هو أمر خطير ويعني أن هناك انتشاراً أكبر للوباء من العام الماضي". وقال، "كانت لدينا يوم الجمعة الماضي 29 حالة إيجابية لجهة الإصابة بفيروس (كوفيد)".
وأضاف مدير مدرسة "فرامويل غيت دورام" Framwellgate School Durham: "استقرت أرقام الإصابات بعض الشيء، لكن من الواضح أنه ستكون هناك اضطرابات كبيرة على مدار السنة".
وترى السيدة مكولوتش من "رابطة قادة المدارس والكليات" أن اتحاد التعليم يمكن أن "يتفهم" قرار بعض المدارس في اتخاذ خطوة تتجاوز التعليمات الرسمية.
وأشارت إلى أن "تغيب أكثر من 100 ألف تلميذ عن مدارسهم الأسبوع الماضي بسبب حالة إصابة مؤكدة أو مشتبه فيها بفيروس كورونا، والرغبة في تقليل مخاطر انتقال العدوى، ليسا بالأمر المفاجئ".
الحكومة البريطانية قالت إن مديري الصحة العامة المحليين، قد ينصحون المدارس بـ"إعادة اعتماد" تدابير أكثر صرامةً لفترة موقتة، إذا كانت هناك "زيادة كبيرة" في الإصابات بـ"كوفيد" لديها، أو في المناطق المحلية المحددة للحصول على دعم إضافي.
لكن مديري المدارس الذين تحدثوا مع "اندبندنت"، وكانوا يستخدمون نظام اختبار وتتبع كورونا خاصاً بهم، أكدوا أن قرارهم هذا اتخذوه بأنفسهم، وليس بناءً على نصيحة فرق الصحة العامة التابعة للمجالس المحلية. وقال مدير مدرسة رغب في عدم الكشف عن هويته، "نريد فقط حماية الموظفين من حالات الإصابة التي ظهرت على أصحابها أعراض المرض، وإبقاء المدارس مفتوحة، وحماية نظام التعليم المباشر لأطول فترة ممكنة".
وفي تعليق من وزارة التعليم البريطانية، اعتبر ناطق باسمها أن "أفضل مكان للأطفال والفتيان هو أن يكونوا في المدارس مع معلميهم وأصدقائهم، وقد عاد في الأسبوع الماضي أكثر من 91 في المئة منهم إلى الصفوف الدراسية. أما الإجراءات المتبعة فتكمن في إيجاد توازن بين جعل المدارس آمنة من خلال تحسين نظام التهوية، وإجراء اختبارات فيروس كورونا وتطعيم التلاميذ الأكبر سناً والموظفين، والحد من الاضطراب عن طريق إزالة الفقاعات وأقنعة الوقاية".
وأضاف، "إذا كانت هناك معدلات مرتفعة بعدد حالات الإصابة بالفيروس في مدرسة أو كلية ما، فقد ينصح المديرون المحليون أو دوائر الصحة العامة بإعادة اعتماد إجراءات مؤقتة إضافية، مثل زيادة الاختبارات أو العودة إلى أقنعة الحماية، لكن يجب إعطاء الأولوية للتعليم المباشر".
اتصلت "اندبندنت" بـ"وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة" UK Health Security Agency، التي تشرف على "نظام اختبار وتتبع كورونا" المعتمد من هيئة الخدمات الصحية الوطنية، بغية الحصول على تعليق منها على ما تقدم.
© The Independent