ستواجه حكومة نجلاء بودن المقبلة تحديات وصعوبات بالجملة، نظراً لعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمالية التي تعيشها تونس.
معالجة نزيف المالية العمومية
ويتزامن تشكيل الحكومة التونسية الجديدة، مع نهاية سنة مالية 2021، من دون ميزانية تكميلية، وفي ظل انخرام توازنات المالية العمومية، بينما ستشرع الحكومة قريباً في إعداد ميزانية السنة المقبلة 2022، من دون آفاق إيجابية في النمو.
ويؤكد آرام بالحاج أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية أن البلاد تعيش وضعاً اقتصادياً ومالياً صعباً، على الرغم من تحسن المؤشرات الصحية بعد أن توفرت اللقاحات لمجابهة فيروس كورونا، واعتبر أن أولوية الأولويات، هي معالجة نزيف المالية العمومية، وضرورة الخروج من الضائقة المالية التي تعيشها تونس اليوم، داعياً إلى ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، من أجل التوصل إلى اتفاق مع الصندوق في 2022، للخروج للأسواق المالية العالمية.
الاتفاق مع الشركاء الاجتماعيين
وشدد بالحاج على ضرورة الشروع في حوار اجتماعي شامل، مع الشركاء الاجتماعيين، على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل، من أجل الدخول في الإصلاحات المطلوبة، والتي تتطلب توافقاً اجتماعياً، مثل إصلاح المؤسسات العمومية، ومراجعة ميزانية الدعم، وإصلاح منظومة الجباية، مذكراً أن صندوق النقد الدولي يطالب باتفاق بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل حول برنامج الإصلاحات.
الحل في الإصلاحات
وبخصوص الحلول لهذه الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد، تحدث أستاذ الاقتصاد عن حلول ظرفية على غرار المساعدات المالية من الدول الشقيقة، والرفع من مستوى الإنتاج في المؤسسات العمومية، أما عن الحلول المتوسطة والبعيدة، فأكد بالحاج أن الإصلاحات وحوكمة المؤسسات العمومية، وإدماج الاقتصاد الموازي في الدورة الاقتصادية، هي الحلول المثلى لمعالجة أزمة المالية العمومية، لافتاً إلى أهمية التعويل على أساتذة الاقتصاد والمالية لمعالجة الملف الاقتصادي بعد أن استحوذ الملف السياسي على المشهد خلال الفترة الأخيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوقعت الحكومة التونسية، في وقت سابق، تسجيل نسبة نمو بنسبة 3.9 في المئة في 2021، في وقت يتوقع صندوق النقد الدولي نمواً بنسبة 3.2 في المئة لتونس، مقابل انكماش نسبته 8.8 بفي المئة في 2020، وتحتاج البلاد إلى مزيد من الاقتراض من الخارج، بسبب الركود الاقتصادي والتداعيات السلبية لجائحة كورونا، وتبلغ الديون الخارجية حوالى 90 مليار دينار (30 مليار دولار).
تجدر الإشارة إلى أن نسبة البطالة تبلغ في تونس اليوم، نحو 18 في المئة، بينما يبلغ عدد التونسيين تحت عتبة الفقر، بحسب المعهد الوطني للإحصاء، وهو مؤسسة حكومية، نحو مليوني تونسي، من أصل 11 مليون نسمة، وتتفاوت بين الجهات وتتراوح بين 2 في المئة وأكثر من 50 في المئة في بعض المناطق الداخلية.
الالتزام بالاتفاقيات الاجتماعية الموقعة
من جهته، أبرز رمضان بن عمر الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أهمية استمرارية الدولة من خلال الالتزام بالاتفاقات الموقعة، مع الاتحاد العام التونسي للشغل، في عدد من القطاعات، وشدد على أن حقوق فئات واسعة من التونسيين، منتهكة في عدد من الجهات، جراء انعدام مقومات التنمية، وغياب موارد الرزق، إضافة إلى عدم توفـر الماء الصالح للشرب في عدد من الجهات، ودعا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتنقية المناخ الاجتماعي، إضافة إلى تحسين جودة الخدمات العمومية مثل النقل العمومي، والصحة، والتعليم.
التخفيف من الاحتقان الاجتماعي
ودعا بن عمر إلى بلورة رؤية واضحة في معالجة عدد من الملفات للتخفيف من حدة الاحتقان الاجتماعي، على غرار السيطرة على مسالك التوزيع التي تتحكم فيها مجموعات نافذة سياسياً، وإذ توقع تنامي الضغط الاجتماعي عند الانتهاء من تشكيل الحكومة، أعرب الناطق الرسمي باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن أمله في أن يكون الملف الاقتصادي والاجتماعي على رأس أولويات الحكومة المقبلة.
وكان رئيس الجمهورية، قيس سعيد، قد أكد عند تكليفه نجلاء بودن، بتشكيل الحكومة، ضرورة مكافحة الفساد، الذي عشش في مفاصل الدولة، بسبب إساءة استخدام السلطة، و"العمل على الاستجابة لمطالب التونسيين، في حقوقهم الطبيعية في التعليم والصحة والنقل والحياة الكريمة".
وتحتاج تونس اليوم إلى خطة اقتصادية عاجلة، تقوم على الإنقاذ الاقتصادي، ووضع حد لنزيف المالية العمومية، وتفعيل محركات الإنتاج، من خلال عودة النشاط السياحي، الذي يسهم بين 8 و9 في المئة من الناتج المحلي، علاوة على إعادة إنتاج وتسويق الفوسفات، وحوكمة المؤسسات العمومية التي تمر بصعوبات، إضافة إلى ترشيد نفقات الدعم واستهداف مستحقيه، فهل تقدر حكومة نجلاء بودن على التعامل مع هذه التحديات؟