يقول مهربون محليون ومسؤولون إنه على الرغم من خطر تقطع السبل بهم في أوروبا أو الموت في الطريق إلى هناك، اختار العشرات من سكان بلدة واحدة في المنطقة الكردية بالعراق أن يتم تهريبهم إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر بيلاروس.
وقال أحد المهربين الأكراد العراقيين المحليين، "إنه رتب رحلة لحوالى 200 مهاجر يرغبون في مغادرة بلدة شيلادزي والمنطقة المحيطة، أولا بالطائرة بشكل قانوني إلى مينسك عاصمة روسيا البيضاء، ثم براً بشكل غير قانوني". وأضاف، "أن عمله بدأ أواخر ربيع هذا العام عندما ارتفع عدد المهاجرين الذين يحاولون دخول الاتحاد الأوروبي من روسيا البيضاء، على الرغم من إقراره بالانزعاج لوفاة بعضهم أثناء محاولتهم العبور إلى دول الاتحاد الأوروبي"، وقال طالباً عدم ذكر اسمه، "لكنهم يريدون المغادرة. ماذا يمكنهم أن يفعلوا غير ذلك؟".
ولقي مهاجر عراقي حتفه الشهر الماضي بعد عبوره إلى بولندا من روسيا البيضاء، وهو واحد من عدة متوفين في الآونة الأخيرة من المنطقة الحدودية بالتزامن مع زيادة الهجرة غير الشرعية عبر الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي.
واتهمت بولندا وليتوانيا والاتحاد الأوروبي روسيا البيضاء بتشجيع المهاجرين، ومعظمهم من العراق وأفغانستان، على عبور حدودها كشكل من أشكال الضغط على الاتحاد فيما يتصل بعقوبات فرضتها بروكسل على مينسك بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
وشيلادزي، البلدة التي يبلغ عدد سكانها حوالى 40 ألف نسمة، هي إحدى نقاط الانطلاق الرئيسة، وفقاً للمهربين والسكان المحليين.
وتقع المدينة في منطقة الحكم الذاتي المستقرة نسبياً في كردستان العراق، لكن مشكلات مثل قلة الوظائف وانخفاض الأجور، فضلاً عن التوتر بسبب الغارات العسكرية التركية على المسلحين الأكراد المتمركزين في العراق، تدفع الناس منذ فترة طويلة إلى البحث عن ملاذ وحياة أفضل في الغرب.
لكن تدفق المهاجرين زاد منذ فتح طريق روسيا البيضاء، إذ يعتقد المهاجرون أنه يوفر مخرجاً أكثر أماناً وأسرع.
والجمهورية السوفياتية السابقة واحدة من الوجهات النادرة التي يحصل العراقيون بسهولة على تأشيرات سياحية لدخولها، وبمجرد وصول المهاجرين إلى مينسك بالطائرة يتم التعامل مع رحلتهم المستمرة بواسطة مهربين هناك في العادة.
ولم ترد حكومة إقليم كردستان ومقرها أربيل حتى الآن على طلبات للتعليق. وفي بغداد، قالت وزارة الداخلية العراقية إن الاتجار بالبشر جريمة وإنها تتخذ إجراءات عند حدوث ذلك، لكنها لم توضح تفاصيل رداً على طلب للتعليق.
12 ألف دولار كلفة التهريب إلى الاتحاد الأوروبي
يقول المهرب من شيلادزي، "إن شريكه في أوروبا رجل التقاه في تركيا المجاورة". وأضاف، "ساعدت حوالى 200 شخص على المغادرة إلى أوروبا خلال الأشهر الخمسة الماضية"، على الرغم من أنه من غير المعروف ما إذا كانوا جميعاً وصلوا إلى أراضي الاتحاد الأوروبي. وقال إنه يعرف ما لا يقل عن ثلاثة مهربين آخرين يعملون في منطقته".
ولم يتمكن المسؤولون المحليون من توفير أرقام محددة لعدد المهاجرين. وقال صحافي محلي، "إن العدد ربما يصل إلى 400 من شيلادزي وبلدات أخرى في المنطقة منذ ربيع هذا العام، وإن الأعداد آخذة في الازدياد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال عبد الله عمر، وهو حلاق يبلغ من العمر 38 عاماً، "لقد رحل العديد من أقاربي وأصدقائي عبر هذا الطريق. ويريد كثيرون آخرون أن يفعلوا الشيء نفسه". وأضاف "باع الناس منازلهم أو سياراتهم لتحمل كلف الرحلة".
ويمكن أن تصل كلفة الرحلة إلى 12 ألف دولار، شاملة السفر جواً والتهريب براً بعد الوصول إلى أوروبا، وفقاً للمهرب ووكالات السفر المحلية المشاركة في حجز الرحلات الجوية.
وعلق العراق الرحلات الجوية المباشرة من بغداد إلى مينسك في أغسطس (آب) بضغط من الاتحاد الأوروبي. وينتقل المهاجرون الآن عبر دبي أو تركيا، وفقاً للمهربين والمقيمين ووكالات السفر والقنصل الفخري لروسيا البيضاء في أربيل.
وقال المحلل العراقي أمين فرج، "إنه في حين أن كردستان أكثر استقراراً وتعتبر أكثر ازدهاراً من باقي أنحاء العراق، فإن الأزمة الاقتصادية المستمرة التي جعلت السلطات غير قادرة على دفع رواتب العاملين في القطاع العام ألقت ضغوطاً على كثيرين من الأكراد العاديين".
وعلاوة على ذلك، يعيش سكان شيلادزي في منطقة جبلية قرب الحدود التركية، حيث يمكن أن يكون الأمن هشاً. وشنت تركيا ضربات جوية على شمال العراق ضد جماعة حزب العمال الكردستاني التي تتخذ الشمال قاعدة لها.
وقالت الحكومة الكردية هذا العام إن الصراع المزمن "أدى إلى تفاقم انعدام الأمن وأجبر آلاف السكان من مئات القرى على الفرار من منازلهم وفقدان سبل عيشهم".
وقال هلكفت محمد، وهو من سكان شيلادزي، "منطقتنا محاصرة، إنها في أيدي حزب العمال الكردستاني والأتراك. منطقتنا جميلة، لكننا خائفون ولا نطمئن للبقاء هنا". وأضاف أن نجله البالغ من العمر 19 عاماً وصل إلى ألمانيا الشهر الماضي.
وقال إبراهيم محمود إبراهيم، وهو مسؤول أمني محلي يبلغ من العمر 27 عاماً، "قرانا مهجورة ولم يعد بإمكاننا الذهاب إلى الحقول".
يتقاضى إبراهيم 400 دولار شهرياً، وهو راتب مناسب إلى حد ما في العراق لمن في درجته الوظيفية، لكنه قال إنه يفكر أيضاً في الهجرة.
وقال عزيز عبدالله، وهو صاحب متجر وأب لطفلين، إنه سيهاجر حتى لو كان ذلك يعني أن ينتهي به المطاف في مخيم في أوروبا انتظاراً للحصول على وضعية لاجئ.
يبيع عبدالله فساتين الزفاف في سوق البلدة، لكنه يقول إنه لا يأتيه أي زبائن تقريباً. وتساءل، "لماذا تنفق 10 آلاف دولار أميركي على الزواج بينما يمكنك إنفاقها على المغادرة؟".