حتى قبل أن تباشر بالبناء، بدأت إسرائيل الترويج لبيع تسعة آلاف وحدة استيطانية تعتزم إقامتها فوق مطار القدس الدولي (قلنديا) في شمال المدينة. ويتزامن ذلك مع شروعها بتأسيس البنية التحتية اللازمة للمستوطنة، في مشروع يفصل المدينة جغرافياً وديموغرافياً، ويقضي على إمكانية قيام دولة فلسيطينة وعاصمتها القدس.
وستقيم إسرائيل المستوطنة على 900 دونم (90 ألف متر مربع) من أصل 1200 دونم. وهي المساحة الكلّية لأراضي المطار الذي أغلقته عام 2000، بعد أن خصصته للرحلات الداخلية منذ احتلالها له عام 1967.
وأسست بريطانيا مطار القدس عام 1920 خلال مرحلة الانتداب، كأول مطار دولي في فلسطين. واستمر في رحلاته الخارجية حتى احتلال إسرائيل للقدس الشرقية عام 1967.
ويُعتبر إنشاء المستوطنة الأول من نوعه داخل القدس الشرقية منذ بناء تل أبيب مستوطنة هار حوماه فوق جبل أبو غنيم جنوب المدينة عام 1997.
وكانت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة طرحت منذ عام 2004 فكرة إنشاء مستوطنة فوق أراضي المطار، لكنها أجّلت تنفيذها تحت ضغوط من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي.
وفي حال مضت الأمور كما تخطط لها تل أبيب، فإنها ستبدأ بناء المستوطنة التي تتسع لأكثر من 40 ألف مستوطن العام المقبل في عملية ستسغرق نحو ثلاثة أعوام.
مطالبة إسرائيلية بإلغاء المستوطنة
وستقع المستوطنة الجديدة وسط مجموعة من القرى الفلسطينية، و"ستمزّق النسيج الاجتماعي والاقتصادي لبلدة قلنديا ومخيمها، وكفر عقب والجديرة والرام وبيت حنينا"، بحسب رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول، "المشروع الاستيطاني الجديد يستهدف استكمال حصار مدينة القدس وعزلها عن محطيها بالكامل".
وأعلنت حركة "السلام الآن" الإسرائيلية أن "تل أبيب تخطط لبناء مستوطنة على أراضٍ تُصنّفها أراضي دولة"، مشيرة إلى أن ذلك "يمكّنها من البناء من دون الحاجة إلى الاستيلاء على أراضٍ فلسطينية أو تلقّي اعتراضات بشأن ملكية الأراضي".
وأضافت الحركة أن الخطة تتضمن "هدم العشرات من منازل الفلسطينيين، وتهدف إلى دقّ إسفين يمنع التطور العمراني الفلسطيني في المنطقة المركزية الأكثر أهمية في الدولة الفلسطينية المستقبلية، وهي منطقة القدس ورام الله".
وطالبت الحركة الحكومة الإسرائيلية بإلغاء فوري لمخطط بناء المستوطنة، كونه "ينطوي على خطر جديد يهدد حل الدولتين، ويشكل ضربة أخرى لإمكانية قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية".
ورفضت بلدية القدس الإسرائيلية التعليق على بدئها الترويج لبيع وحدات سكنية في المستوطنة.
أسباب استراتيجية
وفي فبراير (شباط) 2020، قدمت وزارة البناء والإسكان الإسرائيلية خطة بناء المستوطنة إلى اللجنة اللوائية من أجل المصادقة عليها.
وأشار مدير دائرة الخرائط في "جمعية الدراسات العربية" خليل التفكجي إلى وجود أسباب استراتيجية تدفع تل أبيب إلى بناء المستوطنة، وأهمها "القضاء نهائياً على مطار عاصمة دولة فلسطين، وبناء كتلة استيطانية ضخمة تفصل بين التجمعات الفلسطينية داخل الجدار وخارجه"، إضافة إلى "قلب الميزان الديموغرافي لمصلحة إسرائيل بعد توسيع مساحة بلدية القدس إلى 10 في المئة من الضفة الغربية".
وبالتوازي مع بناء المستوطنة فوق مطار قلنديا، بدأت إسرائيل حفر نفق تحت حاجز قلنديا العسكري الواصل بين رام الله والقدس، كي يربط بين المستوطنات داخل القدس وخارجها، بعيداً من الطرق التي يسلكها الفلسطينيون.
وتوعّد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني بالقول "سنواجه المشروع الإسرائيلي بكل السبل الممكنة"، مضيفاً أن "إخراج حكومة نفتالي بينيت المشروع من الأدراج يشير إلى أنها حكومة استيطان على الرغم من وجود بقايا معسكر السلام فيها".
وأشار إلى أن تل أبيب "ماضية في سياسة القضم التدريجي للضفة الغربية وتطبيق سياسة الضم الفعلي لها".