اتّهمت تركيا، الخميس السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ"الشعبوية" بعد نشر تصريحات منسوبة إليه يصف فيها الحكم العثماني في الجزائر بالاستعمار، ما أثار اضطرابات دبلوماسية.
واعتبر وزير الخارجية التركية مولود تشاوش أوغلو، في مؤتمر صحافي في لفيف في أوكرانيا حيث كان في زيارة، أن هذه التصريحات "الشعوبية" هي "سيئة إلى أعلى درجة". وأضاف، "إذا لديه ما يقوله لنا، فليقوله في وجهنا وليس خلف ظهرنا".
مسائل الذاكرة
وبدأت القضية عندما نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية الأسبوع الماضي مقالاً نقل حواراً بين ماكرون و20 شاباً شارك آباؤهم أو أجدادهم في حرب استقلال الجزائر (1954-1962).
وبحسب "لوموند"، اعتبر ماكرون خلال هذا اللقاء أن النظام الجزائري يقوم على "ريع الذاكرة"، ما أثار غضب الجزائر التي استدعت سفيرها لدى باريس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف ماكرون، "هل كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟ هذا هو السؤال"، مشيراً إلى وجود "عمليات استعمار سابقة". وتابع بنبرة ساخرة أنه "مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماماً الدور الذي لعبته في الجزائر والهيمنة التي مارستها"، في إشارة إلى الإمبراطورية العثمانية.
وأثارت هذه التصريحات غضب أنقرة، التي تعتبر مسائل الذاكرة حساسة جداً. وتكرر تركيا التي قامت بعد الإمبراطورية العثمانية التي سيطرت على الجزائر الحالية على مدى ثلاثة قرون، أن تاريخها لا يتضمّن "لا استعمار ولا إبادة جماعية".
في المقابل، لا تمتنع تركيا عن انتقاد ماضي فرنسا الاستعماري بشكل منتظم.
التوتر الفرنسي- التركي
وتأتي هذه المعركة حول الذاكرة في إطار أوسع من التوترات بين تركيا وفرنسا، البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي اللذين يختلفان بشأن مواضيع عدة.
وشهدت علاقاتهما اضطرابات شديدة العام الماضي، خصوصاً على خلفية ملفات ليبيا وسوريا إضافةً إلى شرق البحر المتوسط وبشأن مسألة قبرص. وذهب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى حد التشكيك بـ"الصحة العقلية" لماكرون، متهماً إياه بقيادة "حملة كراهية" ضد الإسلام، ودعا الأتراك إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية.
إلا أن البلدين كثّفا في الأشهر الأخيرة خطوات التهدئة، من بينها إعادة مواطن فرنسي العام الماضي إلى باريس، مُدان في تركيا بشبهة حيازة مخدرات.