بات "أسبوع التوعية بعسر القراءة" Dyslexia Awareness Week حدثاً سنوياً في المملكة المتحدة، يهدف إلى زيادة الوعي العام لدى الناس بهذه الحالة التي تصيب الأفراد. ويركز حدث هذه السنة الذي بدأ الإثنين الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) ويمتد إلى العاشر منه، على "عسر القراءة الخفي"، الذي يستكشف المعالم المرئية داخل مجتمع عسر القراءة وخارجه.
لكن ما هو تحديداً عسر القراءة. وماذا يمكنك القيام به في حال كانت لديك شكوك في أنك أنت أو أي شخص آخر تعرفه قد يكون مصاباً بهذه الحالة؟
استناداً إلى تعريف هيئة "خدمات الصحة الوطنية" في بريطانيا (NHS)، يعد عسر القراءة صعوبة في التعلم، من شأنه أن يسبب مشاكل لصاحبه في مجال القراءة والكتابة والتهجئة.
إلا أن "الجمعية البريطانية لعسر القراءة" British Dyslexia Association (BDA) تشير إلى أن الحالة يمكن أن تؤثر على الأفراد بطرق أخرى، منها تنسيق الأشياء والتنظيم والذاكرة. وتعتبر أن الادعاء القائل بأن عسر القراءة يؤثر فقط على قدرة الشخص على القراءة أو الكتابة هو مفهوم خطأ، قائلة "إذا كان ذلك صحيحاً فسيكون من الأسهل بكثير تحديده والتعرف عليه".
وتضيف "الجمعية البريطانية لعسر القراءة" أن هذا الاضطراب يمكن أن يظهر بطرق مختلفة، وأن كل فرد سيختبر الحالة بطريقة خاصة به. وهكذا ستكون لكل شخص مجموعة من القدرات والتحديات المتعلقة به. لكن بخلاف الإعاقة في التعلم، فإن ذكاءه لا يتأثر بعسر القراءة.
ما مدى شيوع عسر القراءة بين الناس؟
تشير تقديرات إلى أن شخصاً من بين كل 10 أشخاص في المملكة المتحدة، يعاني من شكل من أشكال عسر القراءة. وفيما أن الأعراض غالباً ما تصبح أكثر ظهوراً عندما يبدأ الطفل في الذهاب إلى المدرسة، يمكن لبعض الأفراد أن يمضوا حياتهم بكاملها من دون أن يدركوا أنهم مصابون بهذه الحالة، الأمر الذي يجعل الحاجة لديهم للتحدث وطلب المساعدة ضرورية إذا زادت معاناتهم وأصبحت أكبر من أي وقت مضى.
كيف يمكنني معرفة أن لدي عسراً في القراءة أو تحديده عند شخص آخر؟
توضح "الجمعية البريطانية لعسر القراءة" أن هذا الاضطراب قد يظهر بطرق مختلفة انطلاقاً من عمر الشخص.
في الأعوام المبكرة
بالنسبة إلى الأطفال الذين تبلغ أعمارهم أربعة أعوام وما دون، قد تدل المؤشرات التالية على أن الطفل يعاني من "صعوبة محددة في التعلم" Specific Learning Difficulty (SpLD) مثل عسر القراءة.
وتشمل هذه المؤشرات:
• صعوبة في تعلم أغاني صفوف الحضانة
• يحب الطفل الاستماع للقصص، لكنه لا يظهر أي اهتمام بالحروف أو بالكلمات
• يجد صعوبة في تعلم الغناء أو تلاوة الحروف الأبجدية
• لديه صعوبة في التركيز والانتباه أو الجلوس ساكناً أو الاستماع للقصص
• تاريخ من التطور البطيء في الكلام والتحدث
• كلمات مشوشة ولفظ غير واضح للتعابير
• خلط بين الكلمات المحددة للاتجاهات، على سبيل المثال: أعلى - أسفل
وتشير "الجمعية البريطانية لعسر القراءة" إلى أن عدداً من الأطفال الصغار يظهرون هذه الأنواع من السلوكيات، إلا أن مدى درجة تلك الأعراض ومدتها، يقدمان دلائل من شأنها أن تحدد وجود عسر القراءة.
وتنصح الجمعية أهالي الطفل أو مقدمي الرعاية الذين يساورهم القلق في شأن تطور الكلام أو اللغة لدى الطفل، بأن يناقشوا الأمر مع طبيبهم العام أو الزائر الصحي أو مع "منسق الاحتياجات التعليمية الخاصة" Special Educational Needs Coordinator (SENCo) في السنوات الأولى لنمو الطفل. وتضيف أنه "من الضروري الحصول على المساعدة في مرحلة مبكرة لتجنيب المصابين فقدان الثقة بالنفس".
مراحل الدراسة الابتدائية
بالنسبة إلى الأطفال في سن المدرسة الابتدائية، يتعين التنبه للإشارات العامة بما فيها الضعف في التركيز، ونسيان الكلمات، والصعوبة في اتباع التعليمات، والبطء في مستوى التعامل مع بعض المواقف كالتحدث أو الكتابة على سبيل المثال.
وبحسب "الجمعية البريطانية لعسر القراءة"، لا يمكن تشخيص إصابة الطفل بعسر القراءة إلا من خلال تقييم تشخيصي Diagnostic Assessment، لكن عادة ما يُجرى هذا التقييم فقط ابتداء من سن السابعة، ولا يحتاج إلى الحصول على دعم.
مراحل الدراسة الثانوية
تشمل بعض العلامات التي يجب التنبه إليها لدى الأبناء في سن الدراسة الثانوية ما يأتي:
• المستوى الضعيف في العمل المكتوب مقارنة بالقدرة الشفهية
• الضعف في الكتابة اليدوية بحيث تكون بأحرف سيئة التكوين، أو يكون خط اليد أنيقاً لكن الكتابة بطيئة للغاية
• إنتاج أعمال مكتوبة سيئة أو فوضوية، مع تهجئات مشطوبة مرات عدة
• تهجئة الكلمة نفسها بشكل مختلف ضمن قطعة العمل الواحدة
• صعوبة في وضع النقاط والفواصل أو في تطبيق قواعد اللغة
• الخلط بين الأحرف الكبيرة والصغيرة
• عدم التعرف على الكلمات المألوفة عند القراءة
• إظهار تردد وإجهاد خصوصاً عند القراءة بصوت عال
• حذف أو تكرار أو زيادة كلمات إضافية عند القراءة
• القراءة بمعدل معقول لكن بمستوى منخفض من الفهم
• الصعوبة في تذكر الجداول أو مجموعات الأرقام الأساسية أو الاثنين معاً
• مواجهة إشكالية في التسلسل
• ارتباك في تحديد الإشارات، على سبيل المثال قراءة علامة زائد "+"، على أنها "x"
• عدم التنظيم أو النسيان على سبيل المثال: المعدات الرياضية والدروس والواجبات المنزلية والمواعيد
• التصرف بشكل غير ناضج أو أخرق أو الاثنين معاً
الأشخاص البالغون
تشمل العلامات التي يجب البحث عنها عند البالغين ما يأتي:
• الخلط بين الكلمات المتشابهة بصرياً مثل: cat وcot
• أخطاء إملائية في التهجئة
• صعوبة في القراءة التي تستخدم حركة العين السريعة والكلمات الرئيسة للتنقل بسرعة عبر النص
• القراءة والكتابة ببطء
• الحاجة إلى إعادة قراءة المقاطع لفهمها
• صعوبة في الإصغاء وفي الحفاظ على التركيز
• صعوبة في التركيز إذا كانت هناك عوامل مشتتة
• الشعور بالإرهاق الذهني / غياب التركيز
وتدرج أيضاً "الجمعية البريطانية لعسر القراءة" على موقعها الإلكتروني سلسلة من القوائم المرجعية المناسبة لأعمار الأشخاص الذي لديهم هذه الحالة، لكنها تحرص على الإشارة إلى أن تلك القوائم لا يمكنها تحديد ما إذا كان شخص ما يعاني من عسر القراءة، وتقول "إنها تعتبر بمثابة أدوات تساعد على تحديد وجود احتمال لحالة عسر القراءة، وما إذا كان يجب القيام بمزيد من البحث والتحقيق فيها. ولا يمكن تشخيص عسر القراءة إلا من خلال ’تقييم تشخيصي’ رسمي".
ما الدعم المتاح للأشخاص الذين يعانون من عسر القراءة؟
في البيئات والأوساط التعليمية، قد يكون من الممكن تأمين مساعدين في مجال التدريس، أو التعليم الفردي، أو إعطاء دروس ضمن مجموعة صغيرة مع مدرس متخصص. وفي هذا الإطار، قد تساعد أيضاً التكنولوجيا، كبرامج التعرف على الكلام والأدوات الإلكترونية التي تساهم في تسهيل أنماط الحياة اليومية، خصوصاً مع تقدم الشخص في العمر.
أما في أمكنة العمل، فيلزم القانون أرباب العمل بإجراء تعديلات معقولة، لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من عسر القراءة، كإتاحة وقت إضافي لهم أثناء تكليفهم مهمات معينة.
أي من المشاهير لديه عسر القراءة؟
من بين أبرز المشاهير الذين لديهم حالة عسر القراءة الممثلة جينيفر أنيستون، والمغنية شير، والممثل توم كروز، والممثلة ووبي غولدبرغ، والممثل أورلاندو بلوم، ورجل الأعمال ريتشارد برانسون، والممثلة كيرا نايتلي، والممثل جيم كاري، والمقدمة وعارضة الأزياء هولي ويلوبي، والمخرج السينمائي ستيفن سبيلبرغ، والطاهي الشهير والمقدم جايمي أوليفر.
وكانت الأميرة بياتريس من العائلة الملكية البريطانية، التي تم تشخيصها في سن السابعة من العمر على أنها مصابة بعسر القراءة، قد تحدثت في أغسطس (آب) عن الحالة واصفة إياها بأنها "هبة".
وفي وصفها لمساعيها إلى تغيير السردية القائمة حول حالة عسر القراءة، قالت المرأة البالغة من العمر 33 عاماً، والتي يعاني زوجها إدواردو مابيلي موزي هو أيضاً من عسر القراءة: "كان ذلك أفضل القرارات التي اتخذتها". وأضافت: "بصفتي الآن شخصاً بالغاً، وفي عودة إلى الماضي، أعتبر أن حالتي أتاحت لي بالتأكيد النظر إلى الأمور بطريقة مختلفة واستنباط الحلول لها. إنني أصفها دائماً بأنها القدرة على التفكير ضمن دائرة محددة"
أين يمكن معرفة المزيد عن حالة عسر القراءة؟
تقدم "الجمعية البريطانية لعسر القراءة" مختلف المعلومات والنصائح ووسائل الدعم اللازمة، وقد خصصت حتى خط مساعدة للأشخاص الذين يرغبون في معرفة المزيد عن عسر القراءة.
www.bdadyslexia.org.uk
© The Independent