في سابقة تعتبر الأولى من نوعها في المغرب، وافق القضاء على قبول التماس لمتابعة شخص قتل حيوانات متشرّدة، وأضرم النار بـ 40 قطة. وكانت القطط تعيش قرب المعلم الأثري "مكتب العرب" وسط مدينة آسفي المغربية (تبعد 200 كلم عن الدار البيضاء)، ويتكلف برعايتها شبان يزورونها يومياً لإطعامها، وتنظيف المكان ومتابعة حالتها الصحية، نظراً للإصابات التي قد تتعرض لها من حين إلى آخر.
جريمة بشعة
بدأت القصة بمصادفة سيدة تحرص على رعاية القطط في المنطقة المذكورة لأحد الأشخاص يُدرّب كلبه على مهاجمة القطط، وبعدما حاولت حمايتها من هجوم الكلب الشرس، دخل الرجل في خلاف مع السيدة، وتطوّر لاحقاً إلى هجومه على مخبأ القطط وحرق 40 منها.
جمعية فرنسية توفد محاميًا
أبلغت السيدة رجال الأمن في المنطقة بما حدث، فانتقلوا إلى المكان وحقّقوا في ملابسات الحادث، ونظراً لعدم وجود قانون لحماية الحيوانات المشرّدة في المغرب لم يتسنّ تسجيل فعل قتلها وحرقها، ما دفع جمعية "القطط والكلاب معًا" - المغرب (CCCM)، التي تتّخذ من فرنسا مقراً لها، إلى الدخول على خط القضية. وأوفدت الجمعية محاميًا من هيئة الدار البيضاء لرفع التماس، إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية في آسفي، للبتّ في قضية "إحراق القطط، وقتلها عمدًا".
سابقة في القضاء المغربي
وأكد محامي الجمعية أن القضية تُعتبر سابقة في تاريخ القضاء المغربي، نظرًا إلى الفراغ القانوني في ما يخصّ حماية حقوق الحيوانات المشردة، مشيراً إلى أن القانون الجنائي يتحدّث في فصلين، لم يتم تحديثهما منذ إقرار القانون، عن حماية الحيوانات، التي تكون ضمن ملكية أشخاص معينين، ولا حديث عن "حماية الحيوانات الضالة". وأكد المحامي أن النيابة العامة قبلت الشكوى، حيث ستتخذ الإجراءات اللازمة في حقّ من اقترف جرم إحراق قطط حية.
متابعات قضائية سابقة
وسبق للنيابة العامة المغربية أن سطّرت متابعات في شأن الاعتداء أو تعذيب حيوانات، وفي الفصل 601 من القانون الجنائي المغربي يُعاقَب كلّ من سمّم دابة من دواب الركوب أو الحمل أو الجرّ أو من البقر أو الأغنام أو الماعز أو غيرها من أنواع الماشية أو كلب حراسة أو أسماكاً في مستنقع، بالسجن من سنة إلى خمس سنوات وغرامة مالية من 200 درهم إلى 500 درهم (25 إلى65 دولاراً). وفي الفصل 602 من القانون الجنائي المغربي يعاقب من بترَ أو قتل بغير ضرورة أحد الحيوانات المشار إليها في الفصل السابق، أو أي حيوان آخرَ من الحيوانات الموجودة في أماكن أو مبانٍ أو حدائق، بالسجن من شهرين إلى خمسة أشهر.
حالات صادمة
عرف المجتمع المغربي العديدَ من القصص والأخبار عن إساءات أو سلوكياتٍ شاذّة استهدفت حيواناتٍ أليفةً وتسبّبت في أذيتها، ولاقت استنكارًا واسعًا من قبل نشطاء حقوقيون واستياءً وغضبًا على مواقع التواصل الاجتماعي. فقبل سنتين اهتزّ المجتمع المغربي على وقع خبر مشعوذة تمارس أعمال السحر، بعد أن كشف سكان الحيّ الذي تقطن فيه في مدينة سلا أنّها تأخذ القطط وتضع داخل أفواهها بعض الطلاسم والوصفات السحرية أو صور ضحايا السحر، وتعمد إلى خياطة فم القط، وتركه يموت في الخلاء ببطء. وبعدها بسنةٍ صُدِم المغاربة بواقعةٍ تتعلّق باغتصابِ 15 طفلًا أنثى حمار بقرية شمال المغرب وتستمر الانتهاكات ضد الحيوانات التي تكاد تسجل يومياً من خلال ضرب حمار أو دهس قطة، أو تنظيم مباريات في العراك بين الكلاب أو حتى قتلها كما حصل أكثر من مرة مع الكلاب الضالة إذ تعمد السلطات إلى إعدامها وقتلها بالرصاص الحيّ نظراً إلى الخطر الذي يمكن أن تشكّله على الساكنة والمواطنين.
غياب ثقافة الرفق بالحيوان
تقول حسناء لحلو أستاذة في علم الاجتماع إنه على الرغم من العديد من الأحاديث النبوية والنصوص القرآنية التي تدعو إلى عدم إيذاء الحيوان، إلا أن ثقافة الرفق بالحيوان تكاد تكون معدومة في المجتمع المغربي. وتضيف أنه أصبح من المعتاد أن نرى قططًا أو كلابًا وهي تتلقى ضرباتٍ أو ركلاتٍ طائشةً من أقدام أطفال أو كبار في السنّ من دون أن يثير ذلك أدنى شعور بالشفقة أو الرحمة من طرف المجتمع. وبالنسبة إلى كريستال وهي فرنسية مقيمة في المغرب ومواظبة على الاهتمام بالحيوانات الضالة، فتعتبر أن الحيوانات خصوصًا تلك التي لا أصحاب لها، تبقى مُعرضة للمعاملة السيئة، مشيرة إلى أن القوانين الموجودة بشأن حماية الحيوانات غير كافية للتصدي إلى المعتدين، ونادراً ما تصل قضايا الاعتداءات على حيوانات إلى المحاكم.
عددٌ قليل لجمعيات الرفق بالحيوان
إلى جانب ضعف ثقافة الرفق بالحيوان، يوجد في المغرب عددٌ قليل من جمعيات الرفق بالحيوان التي يتناثر بعضها في بعض المدن المغربية كجمعية "لاسبانا" في طنجة أو العاصمة الرباط، أو في بعض المدن الأخرى التي غالبًا ما تُشكل فروعًا لجمعيات أجنبية تُعنى بالرفق بالحيوان، كما أنّ المنظمات الحقوقية المختصة بالدفاع عن هذه الحقوق قليلة جدًا، إضافة إلى غياب مواقف الأحزاب حول الدفاع عن حقوق الحيوان في البلاد.