استمرار أزمة شرق السودان التي بدأت في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، حين أغلق محتجون يتبعون لقبائل البجا الطرقات ومنعوا الدخول إلى ميناء بورتسودان والخروج منه، دفع "شحنات بضائع كانت في طريقها إليه إلى تغيير مسارها إلى موانئ أخرى"، وفق ما أعلن وزير التجارة السوداني علي جدو لوكالة الصحافة الفرنسية، قائلاً إن مستوردين شكوا بأن "لديهم بضائع في عرض البحر وطلبوا استخدام موانئ دول الجوار، بخاصة مصر".
التعاون المصري
ومع تفاقم الأزمة، عانت الخرطوم والولايات الأخرى من نقص حاد في أساسيات الحياة بسبب الإغلاق الذي طالت مدته، ما دفع مصر إلى التدخل وفتح موانئها للبضائع الأساسية، خصوصاً القمح والوقود والأدوية.
ودعت دول "الترويكا"، بريطانيا والولايات المتحدة والنرويج، السودانيين إلى إنهاء الحصار المستمر، بخاصة بعد الإعلان عن نفاد مخزون الأدوية. وقالت في بيان "يجب أن يكون الحوار والتسوية هما الطريق لمعالجة المظالم المحلية، وليس الحصار الذي يضر بشعب السودان واقتصاده".
في هذا السياق، قالت المتخصصة في العلاقات الأفريقية أسماء الحسيني، إن "ما يجرى من إغلاق في شرق السودان الذي يعد شريان الحياة في البلاد، ليس بمعزل عن الخلافات بين شركاء الحكم"، موضحة "على الرغم من أن للشرق مشكلاته ووضعه الخاص، إلا أنها لن تعالج بالإغلاق".
وأضافت "مصر لم تقف مكتوفة الأيدي بسبب الإغلاق، وقامت بمد السودان بما يحتاجه من دقيق وغيره من الموارد، وهي خطوة إيجابية لإنقاذ الوضع الحالي".
واعتبرت أن "إغلاق الشرق يشوه صورة البلاد، ويسيء إليها ويحطم آمال الشعب السوداني".
وتوقعت الحسيني أن يتم حل الأزمة، "لأن هناك ضغوطاً دولية، إضافة إلى ضغط السودانيين على الحكومة، وهم لا يريدون العودة إلى الوراء بعد ثورتهم"، داعية إلى "الالتزام بالوثيقة الدستورية واتفاق السلام في جوبا".
خسائر مليارية
قال الخبير الاقتصادي محمد الناير إن "إغلاق ميناء الشرق خسارة كبيرة للاقتصاد السوداني الذي يعاني أصلاً من تأخر وتشوهات، خصوصاً أنه المنفذ الوحيد البحري في البلاد، وعبره يتم التبادل التجاري مع دول الجوار".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن التداول المالي عبر الميناء يبلغ حوالى 11مليار دولار سنوياً (الصادرات والواردات)، في حين تقدر الخسارة اليومية بـ 25 إلى 30 مليون دولار، وقد ترتفع إلى 50 مليون دولار، إذا أضفنا خسائر شركات النقل والموانئ البحرية.
وأضاف "الحكومة الانتقالية تباطأت في علاج الملف، الذي لو تعاطت معه بجدية منذ البداية لما وصلت الأزمة إلى هذا الحد"، مشيراً إلى أن "استفادة دول أخرى من الأزمة قد يعطي التجار والموردين فكرة الاعتماد على منفذ آخر مستقبلاً، لا تستفيد منه الدولة السودانية".
تعقيدات
وكان محمد الأمين ترك، ناظر قبائل الهدندوة، قد قال في مؤتمر صحافي إن "ميناء بورتسودان يعتمد عليه كل أهل الشرق، وما يحدث من تصدير واستيراد عن طريق الموانئ المصرية يضر بإنسان الشرق".
وطالب بعدم جعل الميناء المصري بديلاً، مؤكداً الحرص على الحوار.
من جانبه، اعتبر الناشط السياسي خالد الصاوي أن "الاحتفال باستخدام الموانئ المصرية خطأ، ويجب أن يكون الحل إسعافياً محدوداً وليس بديلاً أساسياً، خصوصاً أن قضية الشرق يمكن حلها ببساطة إذا توحدت الأهداف التي تصب في مصلحة السودان، بإبعاده عن الفتن أولاً، وعدم استخدام اقتصاده كوسيلة ضغط على الحكومة، مع تقديم حل عادل للمنطقة".