حذر مسؤولون امنيون إسرائيليون، شغلوا مناصب عسكرية وامنية مختلفة، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ومتخذي القرار، من تنفيذ التهديد بضم أكثر من 60 في المئة من مساحة أراضي الضفة الغربية لإسرائيل، وهي المنطقة المعروفة بـ C.
أكثر من 200 توقيع
ووقع أكثر من 200 منهم على عريضة يطالبون فيها نتنياهو بإجراء استفتاء شعبي قبل اتخاذ أي قرار يفرض تحويل السيادة على هذه المنطقة لإسرائيل، وحذروا من ابعاد خطوة كهذه. هذه العريضة جاءت بعدما رفعت أحزاب اليمين والمتدينة سقف مطالبها من نتنياهو للدخول الى ائتلاف حكومي معه وجعلت من مسالة الضفة عنصراً أساسياً، في وقت ابدى نتنياهو دعمه لهذا المطلب بل اتخذه عنواناً لدعايته الانتخابية قبل شهر ونصف الشهر.
وخشية ان يتفق نتنياهو والأحزاب التي ستدعمه لتشكيل حكومة على ضم الضفة، استبق الامنيون قراراً خطيراً كهذا بإثارة القضية، وحذروا من ابعاده، إذ اعتبروا ان قرار الضم يعني وقف التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، ما سيؤدي الى فراع أمنى في المنطقة يزيد من احتمالات التصعيد والخطر الأمني على إسرائيل، وسيجعل دخول حماس وفصائل أخرى الى الضفة أسرع من أي وقت مضى.
مخاطر "الضم"
ومما جاء في العريضة، ان فرض القانون الإسرائيلي على الضفة، أي ضمها، من دون اتفاق سياسي، سيجلب ردوداً كثيرة من شانها المس بأمن إسرائيل واقتصادها وحتى مكانتها الإقليمية والدولية، وحذّر الموقعون على العريضة من ان "ضماً من دون اتفاق سيشكل خطراً على أمن إسرائيل وحياة سكانها. وإذا ما بدأت إسرائيل بفرض سيادتها على منطقة محدودة سيتدهور الى ضم كامل مع ملايين السكان الفلسطينيين".
وأضافت العريضة أن خطوة إسرائيلية كهذه ستدفع بالجيش والشاباك إلى السيطرة على الضفة الغربية بينما تدير الحكومة حياة ملايين الفلسطينيين للخروج من وضع كهذا. كما حذر الامنيون من ان خطوة كهذه ستقضي على أي احتمال لتسوية سياسية وبالتالي لا يمكن تفسير أي قرار تتخذه الكنيست الإسرائيلي بتمرير تشريع ضم الضفة سواء من جهة السلطة الفلسطينية او دول المنطقة والعالم، إلا أن يفسر بأنه سدّ الباب أمام تسوية سياسية مستقبلية.
كذلك حذرت العريضة من الأضرار الاقتصادية البالغة من خطوة كهذه، وقال الموقعون عليها "بالتوصل الى ضم كل الضفة وليس فقط منطقة C ستجد إسرائيل نفسها امام وضع تدير فيه حياة 2.6 ملايين فلسطيني، وتكون في الوقت نفسه تدفع تكاليف هذه الخطوة ما قيمته 52 مليار شيكل سنوياً.
ضم المستوطنات مصلحة امنية
في مقابل هذه الحملة، اعتبر عسكريون وامنيون ان ضم مستوطنات الضفة لإسرائيل يشكل امناً وحماية لها، وبحسب الجنرال الاحتياط غيرشون هكوهن، فإن هناك بعدين للخلاف حول مسالة ضم الضفة او المستوطنات ويقول "في البعد الاول يتركز الخلاف في مسألة رؤيا شعب اسرائيل والمصالح القومية النابعة منها.
ومثلما يتحدد جيداً في تعريف الجيش الاسرائيلي فان الامن القومي هو المجال الذي يعنى بضمان القدرة القومية للمواجهة الناجعة مع كل تهديد على الوجود القومي وعلى المصالح القومية"، ويضيف في هذا الجانب ان هناك حقيقة بسيطة انه توجد لإسرائيل مصالح قومية في الضفة تتجاوز المتطلبات الامنية الصرفة، والامور صحيحة ايضاً من زاوية نظر خصومنا الفلسطينيين، مثلما اجاد ابو مازن في الشرح عند تناوله خطة الرئيس ترمب قائلاً "لا يمكن جعل القضية الفلسطينية ليس أكثر من قضية اقتصادية انسانية".
جولة القتال الأخيرة
ويتابع هكوهن قائلاً "أيضاً من جهتنا محظور علينا ان نلخص الحلم الصهيوني بانه ملجأ آمن ليهود مضطهدين، وبين التطلع للأمن وبين التطلع للانبعاث يوجد فرق ذو مغزى. وهنا يوجد جذر الخلاف. في البعد الثاني، يتركز الخلاف على نقاش أمنى صرف، بدعوى أنه على مدى السنين تفجرت الفتوى الاستراتيجية لمجموعة الامنيين السابقين المرة تلو الاخرى على ارض الواقع".
وفي محاولة للإقناع في حديثه أشار هكوهن الى ما اسماها "جولة القتال الاخيرة في غزة"، قائلاً "كي نفهم كيف يمكن ان يبدو التهديد على مدن الشاطئ، إذا انسحبت اسرائيل من سيطرتها في المناطق المطلة على مدن الشاطئ من الشرق، طريق 6 سيصبح طريق الحدود، والصواريخ المضادة للدروع ستهدد كل الحركة في محاور المواصلات الرئيسة".
فرصة لا تعوض
وتعتبر أحزاب اليمين الداعمة لضم الضفة الوضعية الحالية، بعد الانتخابات وفوز اليمين بأكثرية، فرصة لا تعوض إذ إن الأكثرية مضمونة في الكنيست، لاي قرار يعرض للتصويت حول الموضوع. وبحسب الضابط السابق، شاؤول ارئيلي، فان ضم المنطقة C، التي تشكل 60 في المئة من مساحة الضفة الغربية، سيعبر عن تغيير جوهري لسياسة الحكومات الإسرائيلية الأخيرة، التي دأبت على تنفيذ ضم زاحف من خلال سلسلة خطوات، مثل توسيع المستوطنات، وضمها فعلياً بواسطة الجدار الأمني، والبناء في المستوطنات شرقي القدس، وشق طرق التفافية، وتقييد التطوير الفلسطيني في المنطقة C وهدم بيوت بذريعة البناء غير المرخص، وتعميق التفريق بين السكان اليهود والفلسطينيين بواسطة سلسلة خطوات تشريعية".
سياسة ضم قانوني
ويرى ارئيلي ان "المصادقة على مقترحات ضم، بغض النظر إذا ما كانت ستُنفذ في أعقاب الرفض الفلسطيني المتوقع لصفقة القرن أو أزمة ائتلافية أو تصعيد أمني، سيدل إلى أن حكومة إسرائيل تعتزم الانتقال إلى سياسة ضم قانوني. ويضيف "هدف نتنياهو وعدد من الوزراء وأعضاء الكنيست هو إلغاء حل الدولتين، ولكنهم سيمتنعون عن التهديد بضم المنطقتين A وB أو إعادة الحكم العسكري إليهما، وهم مقتنعون أن بإمكانهم إدارة الضم وفقاً لمشيئتهم".
وحذر ارئيلي من ان ضمن المنطقة C أو جزء منها سيؤدي إلى موت رسمي لاتفاقيات أوسلو، وتفكيك السلطة الفلسطينية، ووقف التنسيق الأمني وموجة عنف شديدة للغاية، وهذه كلها ستضطر إسرائيل معها إلى إعادة السيطرة على منطقتي A وB، وإعادة إنشاء الإدارة المدنية من أجل إدارة حياة 2.6 ملايين فلسطيني، وحتى فرض القانون الإسرائيلي عليها لاحقا".