لا يعتزم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حضور "مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين لتغير المناخ (كوب26)" المرتقب والمقرر عقده في غلاسكو في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو قرار شجبته بريطانيا المتخبطة في أمورها الداخلية واعتبرته رسالة ازدراء قاسية لرئيس وزرائها بوريس جونسون.
لا شك أن العلاقات بين إدارتي لندن وموسكو ليست على ما يرام، إذ إنها تشهد بعض المطبات وتنذر بأنها ستتحول إلى الأسوأ بعد.
ولكن ليس قرار بوتين رفض القيام برحلة خارجية أمراً مستغرباً. فقد استخدم الكرملين مراراً ذريعة تفشي فيروس كورونا لإلغاء الزيارات الخارجية للرئيس. وهذا قام برحلة واحدة إلى الخارج منذ بدء الجائحة عندما سافر إلى جنيف في يوليو (تموز) لحضور قمة رئاسية جمعته بالرئيس الأميركي جو بايدن.
وسبق لبوتين أن أعلن أنه لن يحضر أيضاً قمة مجموعة العشرين التي ستعقد في إيطاليا في 30 و31 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري عقب انسحابه من قمة منظمة معاهدة الأمن الجماعي في آسيا الوسطى في العاصمة الطاجيكية دوشنبه في الأسبوع الذي سبق موعد الانتخابات الروسية في 19 سبتمبر (أيلول). وبعد ذلك، خضع الرئيس الروسي للحجر بعد أن أفيد عن إصابة أفراد من محيطه لم تُذكر أسماؤهم بالفيروس.
وفي كلتا الحالتين، استعاض فلاديمير بوتين عن الاجتماعات الحضورية وجهاً لوجه بالمشاركة على الخط [الإنترنت] عبر تقنية الفيديو. وفي الواقع، بدا أحد المتحدثين باسم الرئيس متمسكاً بهذا الاحتمال في ما خص المشاركة في قمة المناخ في غلاسكو، إذ أعلن أن الكرملين ما زال يجري مفاوضات مع المنظمين حول طبيعة مشاركة روسيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يشار إلى أنه منذ بدء تفشي الجائحة في أوائل عام 2020، عزز الكرملين تدابير الأمن البيولوجي الصارمة للغاية حول المقر (حيث يوجد بوتين) والذي يعرف بشكل أبسط باسم "Telo" أو "الجسم".
وكقاعدة عامة، يجب على أي شخص يود "التنفس" [يوجد] في المكان نفسه أن يخضع لحجر ذاتي إلزامي لمدة أسبوعين في الفندق. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الوضع لم يتغير منذ أن أعلن الرئيس الروسي متأخراً عن تلقيه اللقاح في مارس (آذار) الفائت.
كما خفض بوتين الوقت الذي يمضيه في الكرملين وفضل عوضاً عن ذلك استقبال زواره في مكان إقامته في نوفو-أوغاريوفو خارج موسكو. وبحسب ما كشفته إحدى الوسائل الإعلامية المحلية، من المرجح أن يكون الرئيس أمضى كثيراً من أوقاته خلال الجائحة في سوتشي وسجل الخطابات الرئاسية من مكتب مغلق من دون نوافذ شبيه بمواصفات المكتب في المنتجع الواقع على البحر الأسود.
وتجاهل الكرملين هذه المزاعم وسخر منها. بيد أن صورة الرئيس "يختبئ تحت الأرض في غرفة محصنة" علقت في الأذهان.
وتعكس التدابير المشددة التي اتخذها الكرملين لحماية المقر الأهمية التي يوليها فلاديمير بوتين لنظام حكمه الشخصي [تدابير مفصلة على قياسه]، وخصوصاً في التعامل الأشخاص الواقعين ضمن محيطه الأقرب.
ولكن الرئيس، البالغ 69 عاماً من العمر، ليس خالداً، ويبدو أن روسيا بدأت تشهد بوادر مرحلة انتقال للسلطة. فقد انتشرت العديد من الشائعات المتعلقة بصحة بوتين من دون أن يكون لها أي أساس. ولا يبدو أن هنالك أي بديل مقبول [ليحل محله] مما يعني أن احتمال نشوب فوضى يلوح في الأفق.
ويشكل تأكيد الكرملين أن الرئيس لن يسافر إلى غلاسكو ضربة موجعة لمشروع بريطانيا العالمية. ولكن ما وراء هذا القرار له يحمل على الأرجح المزيد من التداعيات الخطيرة.
من المتوقع أن تبدأ فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي، والذي يعرف باسم كوب-26 Cop26 للعام 2021، في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
© The Independent