في منطقة النويعمة شبه الصحراوية قرب مدينة أريحا شرق الضفة الغربية، يعمل مهندسون فلسطينيون وأجانب تحت أشعة الشمس الحارقة لوضع اللمسات الأخيرة قبيل بدء تشغيل حقل من الخلايا الضوئية. وقد أُطلق عليه اسم "نور أريحا" بهدف إنتاج طاقة كهربائية تكفي لاستهلاك 3600 منزل، وفقاً لمعدل الاستهلاك السنوي للمنازل من الكهرباء في فلسطين.
ويُعد هذا المشروع واحداً من 3 حقول أخرى يعكف صندوق الاستثمار الفلسطيني (الصندوق السيادي لفلسطين) على تنفيذها بالتعاون مع شركات من القطاع الخاص، لإنتاج 200 ميغاوات من الكهرباء، بما يشكل17 % من حاجات الضفة الغربية من الطاقة الكهربائية خلال 8 سنوات مقبلة.
وكان الصندوق قد خصص محفظة استثمارية حجمها 200 مليون دولار للاستثمار في الطاقة النظيفة، وتتضمن تركيب الخلايا الضوئية على أسطح 500 مدرسة (مرحلة أولى)، وإقامة حقول الخلايا الضوئية في 3 مدن فلسطينية.
يمتد مشروع "نور أريحا" على مساحة 100 دونم، ويُعتبر الحقل الأكبر في فلسطين حتى الآن، وتبلغ تكلفة إنشائه10 ملايين دولار، ومن المتوقع أن ينتج طاقة كهربائية بقيمة 1.5 مليون دولار سنوياً، علماً أن العمر الافتراضي لهكذا مشروع يصل إلى 30 عاماً.
محمد مصطفى، رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني شرح أن مشاريع إنتاج الكهرباء من حقول الخلايا الضوئية هي نتاج شراكة بين أطراف مختلفة تتكامل أدوراها، بدءًا من البنوك الممولة للمشاريع والمقاولين والمنفذين وشركات توزيع الكهرباء والمستهلكين.
وستقوم شبكات النقل المملوكة لشركة محلية لتوزيع الكهرباء باستيعاب الطاقة المنتجة من الخلايا الضوئية من حقل "نور أريحا" وتزويدها ثلاث منشآت من كبار مستهلكي الطاقة في مدينة رام الله (وسط الضفة الغربية)، وهي: مستشفى ومصنع لإنتاج الأدوية ومصرف. وتعهدت إدارات المنشآت الثلاث باستيعاب الطاقة المنتجة من الحقل طوال عمره الافتراضي.
وأكد مصطفى أن دراسات الجدوى تعطي أفضلية للطاقة المنتجة من الخلايا الضوئية، من حيث الأسعار مقارنة بتلك المستوردة من إسرائيل التي باتت تعتمد على الغاز الطبيعي في محطات التوليد التي تملكها.
احتكار الطاقة
يراوح استهلاك الضفة الغربية من الطاقة الكهربائية ما بين 1000 و1200 ميغاوات، وتحتكر إسرائيل مصادر الكهرباء في فلسطين بنسبة 98 %، مقابل خط كهربائي محدود القدرة مصدره الأردن.
وقال مصطفى "نحن نريد أن نغيّر هذه الصورة لدواع سياسية واقتصادية، وأخرى تتعلق بأمن الطاقة، خصوصاً أن فاتورة الكهرباء التي يدفعها الفلسطينيون لإسرائيل سنوياً تصل إلى 700 مليون دولار"، موضحاً أن انطلاق الاستثمار في مجال الطاقة النظيفة بدأ على الرغم من التحديات الماثلة أمامه في الحالة الفلسطينية ومنها محدودية مساحات الأراضي المتاحة لزرع الخلايا الضوئية، والكلفة العالية للاستثمار نظراً إلى عدم وجود خبرة فلسطينية في هذا المجال، إضافة إلى معوقات فنية ترتبط بإنشاء خطوط الكهرباء الناقلة من حقول الخلايا الضوئية إلى أماكن استهلاك الطاقة.
أضاف "للمرة الأولى نستطيع القول إن هناك تنوعاً في مصادر الطاقة، بما يحقق أمن الطاقة، من الإنتاج المحلي بكلفة منافسة لأسعار الطاقة المستوردة من إسرائيل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حوافز ضريبية
رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية ظافر ملحم ذكر أن الحكومة الفلسطينية أقرت حوافز ضريبية لتشجيع إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، "بما يشمل الإعفاء الكامل مع ضريبة الدخل للسنوات الخمس الأولى من عمر المشروع، والإعفاء الجزئي لعشر سنوات أخرى".
وأضاف أن القدرة الاستيعابية المحدودة لشبكات الكهرباء، تعد التحدي الفني الأكبر في هذه المرحلة أمام المحطات الكبيرة للخلايا الضوئية.
في المقابل، قال مدير الشركة الهندسية المنفذة للمشروع أسامة عمرو إن استيراد الخلايا الضوئية يتم عبر إحدى الشركات الصينية العملاقة في مجال تكنولوجيا الطاقة النظيفة، وإن القواعد المعدنية للخلايا من إنتاج إحدى الشركات الألمانية، لافتاً إلى أن عملية الاستيراد ليست معفاة من ضريبة القيمة المضيفة (16 %).
وأكد عمرو أن الإعفاء الضريبي على استيراد المعدات اللازمة في بناء محطات الطاقة الشمسية يساهم في تخفيض الكلفة وتشجيع الاستثمار في هذا المجال، لكنه أشار إلى أن المهندسين الفلسطينين يكتسبون المعرفة من نظرائهم الأجانب في هذه المرحلة بهدف الاعتماد على الذات في إنتاج هذه التكنولوجيا في المستقبل.