ملخص
لن يجري إقرار مشروع قانون عزل الرئيس الكوري الجنوبي، ما لم يؤيده ثمانية نواب في الأقل من الحزب الحاكم.
فتحت الشرطة الكورية الجنوبية اليوم الخميس تحقيقاً مع الرئيس يون سوك يول بتهمة "التمرد"، بسبب محاولته فرض الأحكام العرفية في البلاد، كما أعلن ضابط كبير أمام مجلس النواب.
وقال رئيس دائرة التحقيقات في الشرطة الوطنية وو كونغ-سو أمام النواب إن الشرطة بدأت التحقيق مع الرئيس يون سوك يول بتهمة "التمرد"، بسبب إعلانه الأحكام العرفية لبضع ساعات مساء الثلاثاء قبل أن ترغمه السلطة التشريعية على رفعها.
أفادت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء اليوم الخميس بأن البرلمان سيعقد مساء السبت في الساعة 19،00 (10،00 ت غ) جلسة، يصوت خلالها على مشروع قانون يرمي لعزل الرئيس يون سوك يول بعد محاولته الفاشلة فرض الأحكام العرفية في البلاد.
ونقلت الوكالة عن النائب المعارض جو سيونغ-لي، أن "التصويت على اقتراح عزل الرئيس يون سيتم قرابة الساعة السابعة من مساء السبت".
من جهته طالب زعيم الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية اليوم الخميس رئيس الجمهورية يون سوك يول بمغادرة حزبه، وذلك غداة محاولة الرئيس فرض الأحكام العرفية في البلاد.
وقال هان دونغ-هون، رئيس حزب "قوة الشعب"، للصحافيين "لقد طلبت أن يغادر الرئيس الحزب"، مشدداً على أن حزبه "لا يحاول الدفاع عن الأحكام العرفية غير الدستورية التي فرضها الرئيس" لساعات ليل الثلاثاء - الأربعاء قبل أن ترغمه السلطة التشريعية على رفعها.
من ناحية أخرى أعلن ديوان الرئاسة في سيول اليوم الخميس أن وزير الدفاع كيم يونغ-هيون قدم استقالته إلى الرئيس يون سوك يول، الذي قبلها وعين سفير البلاد لدى السعودية بدلاً منه.
وقال ديوان الرئاسة في بيان "اليوم، قبل الرئيس استقالة وزير الدفاع الوطني كيم يونغ-هيون ووافق على مغادرته، واختار مكانه السفير لدى السعودية تشوي بيونغ هيوك مرشحاً للمنصب الوزاري".
وأطلق النواب الكوريون الجنوبيون تحركاً لعزل الرئيس يون سوك يول اليوم الخميس، متهمين إياه بإعلان الأحكام العرفية لوقف تحقيقات جنائية تطاوله وعائلته.
وألغى النواب إعلان يون عن أول أحكام عرفية في كوريا الجنوبية منذ أكثر من أربعة عقود في ليلة شهدت تطورات متسارعة، أدخلت البلاد في اضطرابات سياسية وأثارت قلق حلفائها المقربين.
ويلف الغموض التام مصير يون، السياسي المحافظ الذي كان مدعياً عاماً وانتخب رئيساً في عام 2022.
وبعدما قفزوا فوق حواجز وتعاركوا مع قوات الأمن للوصول إلى البرلمان والتصويت لإلغاء الأحكام العرفية خلال الليل، قدم نواب المعارضة مذكرة لعزل يون.
تفيد المذكرة بأن يون "انتهك بصورة خطرة وواسعة الدستور والقانون"، وتتهمه بفرض الأحكام العرفية "بنية غير دستورية وغير شرعية لتفادي تحقيقات وشيكة في أعمال مفترضة غير شرعية تورط وعائلته فيها".
وفي جلسة صباح اليوم الخميس، عرض النواب مذكرة العزل على البرلمان، وقال النائب كيم سيونغ-وون "هذه جريمة لا يمكن غفرانها، إنها جريمة لا يمكن ولا يجب ولن يتم العفو عنها".
وبموجب القانون الكوري الجنوبي، يتعين التصويت على المذكرة في غضون 24 إلى 72 ساعة بعد عرضها في جلسة برلمانية، بحسب وكالة "يونهاب" الإخبارية.
وتبدو فرص يون في الإفلات منها ضئيلة، إذ تسيطر المعارضة على غالبية كبيرة في المجلس المكون من 300 مقعد وتحتاج إلى عدد قليل فقط من الانشقاقات من حزب الرئيس لضمان غالبية الثلثين التي يتطلبها إقرار المذكرة.
رفع حزب المعارضة الرئيس "الحزب الديمقراطي" أيضاً دعوى "تمرد" ضد الرئيس وعدد من وزرائه وكبار مسؤولي الجيش والشرطة، وهي تهمة يمكن أن يعاقبوا عليها بالسجن مدى الحياة أو حتى الإعدام.
وفي تعبير عن الغضب الشعبي حيال يون، تجمع آلاف المتظاهرين حول مكتبه وسط سيول في وقت متأخر أمس الأربعاء بعد مسيرة في ساحة غوانغوامون مطالبين باستقالته.
وأغلقت سوق الأسهم في سيول على انخفاض، بلغ أكثر من واحد في المئة أمس الأربعاء.
وحتى زعيم حزب يون الحاكم وصف محاولة فرض الأحكام العرفية بأنها "مأسوية"، داعياً إلى محاسبة الضالعين في الخطوة.
لكن نواب الحزب قرروا لاحقاً معارضة المذكرة الرامية لعزل يون، وفق ما ذكرت وكالة "يونهاب" صباح اليوم الخميس.
ولدى إعلانه فرض الأحكام العرفية في خطاب متلفز ليل الثلاثاء، أرجع يون القرار إلى التهديدات الكورية الشمالية و"قوى معادية للدولة". ووصل أكثر من 280 جندياً، بعضهم في مروحيات، إلى البرلمان لإغلاقه.
لكن 190 نائباً تحدوا الجنود المسلحين ببندقيات للدخول إلى المبنى، للتصويت ضد الخطوة.
ينص الدستور على أنه يتعين رفع الأحكام العرفية عندما تطالب الغالبية في البرلمان بذلك، مما أجبر يون على التراجع عن قراره ودعوة الجيش إلى الانسحاب في خطاب متلفز آخر بعد ست ساعات.
عرض كبار مساعدي يون الاستقالة جماعياً أمس الأربعاء، إضافة إلى وزير الدفاع الذي قال إنه يتحمل "المسؤولية الكاملة عن الإرباك والقلق" الذي أثاره إعلان الأحكام العرفية، وأما يون فلم يظهر بعد.
بهجة بين المتظاهرين
أثار إلغاء الأحكام العرفية بهجة في أوساط المتظاهرين الذين رفعوا الأعلام الوطنية خارج البرلمان، واعتصموا خلال الليل على رغم البرد القارس في تحد لقرار يون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال المتظاهر ليم ميونغ-بان (55 سنة) إن على يون أن يرحل فوراً، وأكد أن "تحرك يون لفرض الأحكام العرفية من البداية من دون أي مبرر مشروع هو جريمة خطرة بحد ذاته"، وأضاف "مهد طريقه بنفسه نحو العزل من خلال ما قام به".
وخلال الليل في سيول، تجمع المتظاهرون مرة أخرى، مكثفين دعواتهم ليون إلى الرحيل.
وقال كيم مين-هو (50 سنة) "كنت غاضباً جداً لم يغمض لي جفن طوال الليلة الماضية، جئت لأضمن أننا سنطيح بيون نهائياً".
التهديدات الشمالية
أشار يون إلى الحاجة إلى الأحكام العرفية من أجل "حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تمثلها قوى كوريا الشمالية الشيوعية، والقضاء على العناصر المعادية للدولة التي تسرق حرية وسعادة الشعب".
ولم يقدم يون تفاصيل عن التهديدات الكورية الشمالية، لكن بلاده في حالة حرب عملياً مع بيونغ يانغ المسلحة نووياً، وصف الرئيس "الحزب الديمقراطي" بأنه "قوى معادية للدولة تسعى إلى الإطاحة بالنظام".
وتدور خلافات منذ أسابيع بين يون وحزبه "قوة الشعب" من جهة والمعارضة من جهة أخرى، في شأن موازنة العام المقبل.
وتراجعت معدلات التأييد له إلى 19 في المئة بناء على نتائج آخر استطلاع لمعهد "غالوب" أجري الأسبوع الماضي، في ظل شعور الناخبين بالغضب حيال وضع الاقتصاد والجدل المرتبط بزوجته كيم كيون هيي.
فاجأ تحرك يون حلفاء بلاده، إذ أعلنت الولايات المتحدة التي تنشر نحو 30 ألف جندي في البلاد بأنها لم تكن على علم مسبق بالخطوة، بينما أعربت عن ارتياحها لإلغائه القرار.
وأكد البيت الأبيض أن الولايات المتحدة ستدعم الديمقراطية في كوريا الجنوبية، وعبر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي شون سافيت على منصة "إكس" عن ثقته بأن الوضع في كوريا سيحل "سلمياً وبصورة ديمقراطية ودستورية".
تأثير اقتصادي
ولم يصدر أي رد فعل من كوريا الشمالية على ما حدث في الجنوب.
وكان يون قريباً من زعماء الدول الغربية باعتباره شريكاً في الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لتعزيز جبهة الأنظمة الديمقراطية، في مواجهة السلطوية المتنامية في الصين وروسيا ودول أخرى.
لكنه تسبب في إثارة القلق بين الكوريين الجنوبيين حين وصف منتقديه بأنهم "قوى شيوعية شمولية ومعادية للدولة" وسط تراجع شعبيته، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) نفى ارتكاب أية مخالفات في اتهامات استغلال نفوذ موجهة إليه وإلى زوجته، كما اتخذ موقفاً صارماً ضد النقابات العمالية.
وأثرت الأزمة في الأسواق المالية العالمية، مما أدى إلى انخفاض المؤشر القياسي في كوريا الجنوبية 1.4 في المئة لتتزايد خسائره منذ بداية العام إلى أكثر من سبعة في المئة، ويصبح أسوأ أسواق الأسهم الكبرى أداء في آسيا هذا العام.
واستقر الوون، لكنه اقترب من أدنى مستوى في عامين، وقال متعاملون إنهم يشتبهون في تدخل من السلطات الكورية الجنوبية بعد محادثات الليلة الماضية بين وزير المالية تشوي سانغ-موك ومحافظ بنك كوريا ري تشانغ-يونغ.
وقالت وزارة المالية في بيان إن تشوي أرسل مذكرة طوارئ إلى رؤساء المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني في وقت متأخر من اليوم الأربعاء جاء فيها أن السوق تعمل كالمعتاد، وأن وزارة المالية تعمل على تخفيف أي تأثير سلبي للاضطرابات السياسية. وأعلنت الأحكام العرفية أكثر من 12 مرة منذ تأسيس كوريا الجنوبية كجمهورية في عام 1948، وفي عام 1980 أجبرت مجموعة من ضباط الجيش الرئيس آنذاك تشوي كيو هاه على إعلان الأحكام العرفية، لسحق الدعوات إلى استعادة الحكومة الديمقراطية.