خلص تقرير أجراه مركز "بوليسي إكستشينغ" للدراسات إلى أن جريمة واحدة من بين كل ثلاث جرائم قتل حدثت في لندن عام 2018، مرتبطة بموسيقى الـ"دريل" drill music.
ويحلل التقرير بيانات جمعت على مدار عشر سنوات عن جرائم الطعن بالسكاكين، ويشير إلى دور موسيقى الـ"دريل" ووسائل التواصل الاجتماعي والهجمات الانتقامية وفشل استراتيجية الشرطة في مواجهة تصاعد عنف العصابات.
واستطراداً، وجد تحليل البيانات الذي أجراه "بوليسي إكستشينغ" أن موسيقى الـ"دريل" لعبت دوراً في ما لا يقل عن ثلث (36.5 في المئة) جرائم القتل المرتبطة بالعصابات التي حدثت في 2018، فإما كان المجني عليه أو الجاني في تلك الجرائم هو أحد مغني الـ"دريل" الطموحين، أو استخدم مقطع فيديو من ذلك النمط الموسيقي كدليل في المحاكمة. وبلغت النسبة هذه 23 في المئة في 2019.
في ذلك الصدد، يشار إلى أن جرائم الطعن وصلت سنة 2019 إلى أعلى مستوياتها خلال عقد من الزمن، إذ ارتكبت 44 جريمة طعن يومياً ووصل عدد الوفيات الناجمة عنها إلى 94 ضحية. وإضافة إلى ذلك، فإن ما لا يقل عن 25 في المئة من الحالات التي وقعت بين عامي 2018 و2019 ارتبطت بشكل مباشر بالانتقام، وفقاً للتقرير.
إلى جانب هذا، شكّل الأشخاص السود أو المنحدرين من أقليات عرقية، نحو 80 في المئة من ضحايا أو مرتكبي جرائم القتل المتصلة بالعصابات في لندن، مع احتمال تعرض السود في العاصمة البريطانية للطعن أكثر من البيض أو الآسيويين بخمس مرات.
واستطراداً، لامت كاتبة التقرير، صوفيا فوكنر، وسائل التواصل الاجتماعي وعلامات تجارية كبرى على "تمجيدها وتشجيعها وإضفائها المشروعية" على ثقافة العصابات. وذكر التقرير اسم شركة "أديداس" للمنتجات الرياضية على وجه الخصوص، بسبب إطلاقها حملة على وسائل التواصل الاجتماعي بالتعاون مع مغني الراب هيدي ون Headie One، قبل ثلاثة أسابيع من الحكم عليه بالسجن لستة أشهر بتهمة حيازة سكين.
ووفق السيدة فوكنر، "على الرغم من صعود حملة "صحوة الرأسمالية" واتخاذ عدد من تلك الشركات موقفاً صريحاً ضد العنصرية، ما زلنا بحاجة إلى التساؤل عن سبب استمرار دعم مرتكبي جرائم العنف المرتبطة بالعصابات في لندن، التي يشكل السود وأبناء الأقليات العرقية الأغلبية الساحقة من ضحاياها".
وأضافت تلك الباحثة في مركز "بوليسي إكستشينغ" أن هناك علامات تجارية تخاطر بتشجيع الشباب على قبول فكرة أن السلوك الإجرامي "عصري"، من خلال الترويج لفنانين تعرضوا للسجن بسبب حيازتهم السكاكين.
في ذلك الصدد، يشار إلى أن الـ"دريل" نوع موسيقي يتميز بكلمات عنيفة وإيقاعات متشائمة والانتماء إلى العصابات [مغنوه مقربون من العصابات أو ينتمون إليها].
في ذلك السياق أيضاً، استهدف المذيع تريفور فيليبس، وهو باحث كبير في "بوليسي إكستشينغ"، موسيقى الـ"دريل" أيضاً، ووصف شركة "أديداس" بالـ"مخزية" لترويجها فنانين عوقبوا بالسجن بسبب جرائم الطعن.
وبحسب فيليبس، "قضيت معظم طفولتي في إحدى مناطق شمال لندن التي بات مستوى العنف فيها مرتفعاً جداً الآن إلى حد أن عصابة قاتلة سميت باسمها [تلك المنطقة]. إن معدل جرائم العنف هناك من بين الأسوأ في لندن، ويبلغ تقريباً ضعفي المعدل الذي يحدث في البلاد ككل".
وقد تواصلت "اندبندنت" مع شركة "أديداس" للحصول على تعليق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
شرطة العاصمة اعتمدت تكتيكات "قمعية"
دعا التقرير كذلك شرطة العاصمة إلى تطوير استراتيجية أقوى في التصدي لجرائم العنف.
وبحسب التقرير، يرجع فشل شرطة العاصمة في معالجة جرائم الطعن إلى عدم التوازن بين عمليات التوقيف والتفتيش من جهة، والقبض على المجرمين البارزين وتوظيف الأموال لحفظ الأمن في الأحياء، من جهة أخرى. ولاحظ أيضاً أن شرطة العاصمة تعتمد تكتيكات "قمعية" كالتوقيف والتفتيش، لكن من غير المرجح أن تؤدي زيادة عمليات التوقيف والتفتيش في لندن إلى تحقيق فوائد كبيرة من دون معالجة علاقة شرطة العاصمة مع الأوساط الأكثر تضرراً من ذلك التكتيك.
وكذلك اعتبر السيد مارك راولي، الحاصل على ميدالية الملكة للشرطة، ومساعد مفوض سابق في شرطة العاصمة، أنه "من غير العادي أن معدل عمليات التوقيف والتفتيش التي تجريها شرطة العاصمة يفوق بخمس مرات ونصف تلك التي تحدث في غرب "يوركشاير"، ومع ذلك فإن معدل اعتقال الشرطة تجار المخدرات (الذي لا يسجل عادةً إلا عند الاعتقال) أقل من ثلث ما يحدث في مقاطعة "ميرسيسايد" في شمال غربي إنجلترا، على الرغم من أن قوة شرطة الأحياء في لندن تزيد على نصف مثيلتها في غرب "يوركشاير" وأقل من نصف عددها في "ميرسيسايد" كذلك".
واستطراداً، يشير التقرير إلى أن شرطة العاصمة تتبع استراتيجية "غير عادية وغير مبررة" تمزج المعدل المرتفع لعمليات التوقيف والتفتيش مع ضعف الأمن في المجتمع واستهداف المجرمين البارزين.
الربط بين موسيقى الـ"دريل" وعنف الشباب تبرير "طفولي"
وإضافة إلى إخفاقات استراتيجية الشرطة، كشف التقرير عن أن ما لا يقل عن 40 في المئة من حوادث الطعن ارتبطت بشكل مباشر مع أحد التجمعات السكنية.
في سياق متصل، لاحظ الموسيقي والمؤلف اللندني أكالا، ضمن حديث أجراه في وقت سابق مع "اندبندنت"، أن التركيز على ربط موسيقى الـ"دريل" بعنف الشباب، أمر "طفولي".
وفق رأيه، "إنها فكرة [طفولية] بأن مجرد سماع المراهقين إلى أغنية موسيقى "دريل" ستجعلهم يفكرون "حسناً، سأقتل شخص ما"، كما لو أنه لا توجد مشاكل سابقة. لا ينسب الفضل أبداً إلى موسيقى الـ"راب" على بقاء الأطفال في المدرسة والدراسة. إن أحد أسباب التزامي بالمدرسة كان فرقة "وو تانغ كلان" Wu-Tang Clan لموسيقى الـ"هيب هوب". إذا كانت الموسيقى مؤثرة، فتأثيرها كلي أو أنها لا تؤثر على الإطلاق. تكمن مشكلتي بالنفاق في التعاطي مع الموسيقى. إن الأمر برمته ممل وسخيف، ودائماً ما يكون التركيز على الرجل الأسود الموجود في الواجهة. دعونا نُجري نقاشاً أوسع حول سبب اعتقادنا بأننا لا نفكر بوجود مشكلة إلا حينما يبذل بعض الناس قصارى جهدهم كي يكونوا أغنياء".
في سياق متصل، ذكر ثنائي موسيقى الـ"راب" كريبت وكونان من جنوب لندن، أن حظر موسيقى الـ"دريل" سيعيد الفنانين إلى حياة الجريمة، إذ ذكر كونان، واسمه الحقيقي كارل ويلسون، أن الفضل يعود إلى الموسيقى في خروجه من حياة العصابات والسجن والجريمة.
وأوصى التقرير بأن تطلق هيئة "أوف كوم" البريطانية المعنية بمراقبة وسائل الإعلام، تحقيقاً في مدى ارتباط موسيقى الـ"دريل" بالعنف، وإذا كانت تنتهك بنداً في مدونة قواعد السلوك الخاصة بها ينص على وجوب عدم اشتمال البرامج محتوى يجمل العنف أو يتغاضى عنه. وإضافة إلى ذلك، دعا التقرير وزارة الداخلية والشرطة إلى بذل مزيد من الجهد في تفسير بيانات الجريمة للعامة.
وفي حديث مع "اندبندنت"، أوضح متحدث باسم وزارة الداخلية أن "الحكومة مصممة على معالجة الأسباب الكامنة وراء أعمال العنف الخطيرة من خلال الجمع بين التطبيق الصارم لسياسة تخليص الشوارع من الأسلحة الخطيرة، بما في ذلك عبر عمليات الإيقاف والتفتيش، وبين البرامج التي تبعد الشباب عن الجريمة".
وكذلك نقل المتحدث باسم شرطة العاصمة إلى "اندبندنت" أن استخدام عمليات التوقيف والتفتيش "يخضع للتدقيق بالشكل الصحيح" سواء داخل شرطة العاصمة أوخارجها. وأضاف المتحدث، "نتخذ خطوات في الاستماع إلى المخاوف ونتجاوب معها بشكل أفضل. ونعمل مع مجتمعاتنا بغية تحسين استخدامنا عمليات التوقيف والتفتيش، بما في ذلك إشراك المجتمعات في تحسين تدريبنا، من خلال تجارب التوقيف والتفتيش التي عاشتها".
© The Independent