أظهرت بيانات جديدة في المملكة المتحدة أن آلافاً من المرضى الإضافيين يدفعون لقاء إجراء عملياتهم الجراحية في مستشفيات خاصة، في وقت يستمر فيه تزايد أعداد المرضى على قوائم الانتظار في مستشفيات "خدمات الصحة الوطنية" NHS.
وقد حدثت زيادة بنسبة 30 في المئة في التمويل الذاتي من المرضى لعملياتهم في المستشفيات الخاصة، في الفترة الممتدة ما بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) من السنة الحالية، مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2019.
وتبين أرقام "شبكة معلومات الرعاية الصحية الخاصة" Private Healthcare Information Network (PHIN) التي تقدم بيانات عن أنشطة المستشفيات الخاصة للأفراد، أن 65 ألف شخص دفعوا لقاء تلقي علاجهم في مؤسسات استشفائية خاصة خلال فترة ثلاثة أشهر. فالإجراءات الطبية كجراحة إعتام عدسة العين واستبدال مفصل الورك، باتت تمول ذاتياً من المرضى بشكل أكثر شيوعاً مما يتم دفعها عبر شركات التأمين الصحي.
وبحسب البيانات نفسها، ففي النصف الأول من السنة 2021، شكل المرضى الذين يمولون استشفاءهم على نفقتهم، لأول مرة، ثلث جميع حالات الدخول إلى المستشفيات الخاصة. وتأتي هذه الزيادات في الوقت الذي بلغت فيه قوائم الانتظار في مرافق "خدمات الصحة الوطنية" مستويات قياسية، بحيث ينتظر مع ما مجموعه 5 ملايين و700 ألف شخص الآن أن الخضوع لإجراءات طبية روتينية على نفقة قطاع "خدمات الصحة الوطنية".
وفي هذا الإطار، لاحظ استطلاع جديد أجراه موقع "يوغوف" YouGov لأبحاث السوق، بتكليف من "شبكة معلومات الرعاية الصحية الخاصة"، أن شخصاً من كل خمسة أفراد في بريطانيا، يرجح الآن بعد الوباء، أن يلجأ إلى خيار الرعاية الصحية الخاصة، وذلك بسبب مخاوف تتعلق بطول قوائم الانتظار في مرافق "خدمات الصحة الوطنية".
وفي ما يتعلق بعمليات استبدال مفصل الورك، دفع 2200 شخص تكاليف إجرائها على حساب شركات التأمين في الفترة الممتدة ما بين أبريل ويونيو من عام 2019، في حين دفع 1700 شخص تكاليفها بأنفسهم. أما هذه النسب فقد انعكست كلياً الآن، بحيث مول 4700 شخص من جيبهم عمليات استبدال مفصل الورك، مقارنةً بـ2500 أجروها على حساب شركات التأمين.
أما بالنسبة إلى جراحات إعتام عدسة العين، فكان قد دفع 8100 شخص نفقاتها من أموالهم الخاصة في الأشهر الثلاثة خلال عام 2019، لكن هذا الرقم ارتفع الآن إلى 11400 شخص.
"شبكة معلومات الرعاية الصحية الخاصة" التي تأسست على أثر تحقيق أجرته "هيئة المنافسة والأسواق" البريطانية Competition and Markets Authority في نقص البيانات الشفافة عن الرعاية في المستشفيات الخاصة، نصحت الأفراد بإجراء بحث شامل قبل القيام بإنفاق أموالهم الخاصة.
ودعت الشبكة المرضى إلى ضرورة أن يطلبوا تفاصيل "أسعار الباقات"، وأن يستخدموا موقعها على الإنترنت للتحقق من رسوم الأطباء الاستشاريين، ومن الأنشطة التي تقوم بها المستشفيات التي يفكرون في دخولها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مات جيمس، الرئيس التنفيذي لـ"شبكة معلومات الرعاية الصحية الخاصة"، قال لـ"اندبندنت"، إنه لم يكن ممكناً معرفة ما إذا كانت هذه الزيادة في مرضى القطاع الخاص الذين يدفعون بأنفسهم تكاليف استشفائهم، سببها اختيار مرضى "خدمات الصحة الوطنية" الانتقال إلى المؤسسات الخاصة، لكنه استدرك قائلاً: "يبدو على الأرجح أن بعض المرضى يلجأون إلى الرعاية الصحية الخاصة لأول مرة، ولا سيما بالنسبة إلى الإجراءات الشائعة التي تشمل استبدال مفصل الورك والركبة وجراحة إعتام العين. ويتزايد في المقابل دفع تكاليف المستشفيات الخاصة لقاء هذه الإجراءات الطبية بصورة مباشرة، بدلاً من الاعتماد على شركات التأمين.
وأضاف جيمس: "في موازاة ذلك، تم خلال فترة الوباء فقدان ما يقرب من ربع مليون إجراء طبي خاص، لذا يمكن القول إن هناك أيضاً استلحاقاً يقوم به المرضى الذين ينتظرون تلقي العلاج في القطاع الاستشفائي الخاص".
وأردف الرئيس التنفيذي لـ"شبكة معلومات الرعاية الصحية الخاصة" قائلاً: "أشار استطلاع الرأي الذي أجريناه مع "يوغوف" إلى أن عدداً أكبر من الأشخاص هم على استعداد لاستخدام الخدمات الاستشفائية الخاصة أكثر مما كان عليه الأمر قبل تفشي الوباء، ويبدو أن الأسباب تعود في جزء كبير منها إلى ارتفاع قوائم الانتظار لدى مرافق "خدمات الصحة الوطنية". ومع هذه الزيادة في معدل الدفع الذاتي للاستشفاء، قد نرى أشخاصاً جدداً يتوجهون إلى الرعاية الصحية الخاصة، طلباً للعلاجات الاختيارية".
ولفت مات جيمس إلى أن عدد المرضى الذين تمت معالجتهم من جانب مؤسسات الرعاية الصحية الخاصة هو قليل نسبياً. ففي عام 2019، قامت مستشفيات "خدمات الصحة الوطنية" بـ10 ملايين و100 ألف مليون إجراء طبي اختياري، مقارنةً بنحو 750 ألف إجراء طبي في المستشفيات الخاصة.
وأوضح أن "تحولاً متواضعاً نسبياً من (خدمات الصحة الوطنية) سيكون مهماً بالنسبة إلى القطاع الاستشفائي الخاص، نظراً إلى الحجم النسبي لهذا القطاع. فالبيانات المتوافرة لدينا حتى الآن، لا تظهر ذلك بالنسبة إلى معظم الإجراءات، على الرغم من وجود بعض الأدلة على أنه قد يحدث في بعض الإجراءات الاختيارية الأكثر شيوعاً وأهمية، كاستبدال الورك والركبة وجراحة إعتام العين".
وتبين في المقابل من الاستطلاع الذي أجراه موقع "يوغوف" لمصلحة "شبكة معلومات الرعاية الصحية الخاصة"، أن 22 في المئة من الأفراد قالوا إن الجائحة جعلتهم أكثر ميلاً إلى احتمال استخدامهم مستشفى خاصاً، بحيث أبدى 7 من كل 10 أشخاص مخاوف من فترات الانتظار في مستشفيات "خدمات الصحة الوطنية"، واعتبروها سبباً يجعلهم يفكرون في التحول إلى القطاع الاستشفائي الخاص.
ويرى مات جيمس أنه "مع فقدان مئات الآلاف من الإجراءات الطبية في مرافق (خدمات الصحة الوطنية) والجراحات الاختيارية الخاصة نتيجة الوباء في عام 2020، ومع مواصلة الحديث في الإعلام عن قوائم الانتظار، ربما لن يكون مفاجئاً أن يفكر أشخاص في تمويل علاجهم الخاص ذاتياً، حتى لو لم يكن قد قاموا بذلك من قبل.
وأضاف: "نقول لجميع الذين يفكرون في هذا سلوك هذا المسار، أن يتأكدوا من أنهم على اطلاع كامل على المعطيات قبل اتخاذ الخيار الصحيح بالنسبة إليهم، وأن يتجنبوا المفاجآت".
وختم موضحاً أن "من المهم طرح الأسئلة المناسبة عن التكاليف كما عن أداء الاستشاري الطبي ومرافق المستشفى. ويمكن في هذا الإطار لموقعنا الإلكتروني أن يساعد الراغبين في البحث عن خيارات الرعاية الصحية الخاصة، ومساعدتهم على البحث ضمن نظام قد يكون مربكاً في بعض الأحيان، ولا سيما بالنسبة إلى أولئك الذين يدفعون تكلفة الاستشفاء بأنفسهم".
© The Independent