تعد أوبرا عايدة واحدة من الأيقونات العالمية في مجال الفنون الرفيعة، إذ تعتبر منذ عرضها للمرة الأولى وحتى الآن من أهم أعمال الأوبرا التي تتبارى في عرضها مسارح العالم. كتب عنها أوغست مارييت باشا، عالم الآثار الفرنسي ومدير الآثار المصرية عام 1871، "أوبرا عايدة المستوحاة من مخطوطة اكتشفتها تحمل القصة، كما توليت تصميم الأزياء والديكورات، ثم تم إرسالها للشاعر الإيطالي أنطونيو جيسلانزوني لنظمها شعراً قبل أن يبدأ فيردي في التأليف الموسيقي".
الواجب والعاطفة
تُجسد أوبرا عايدة فكرة الصراع بين الواجب الوطني والعاطفة، إذ تحكي عن الأميرة الحبشية عايدة التي أُسرت في مصر خلال حرب بين البلدين لتصبح وصيفة لآمنيريس ابنة الفرعون، وتأتي المفارقة في أن كلتيهما أحبت راداميس قائد الجيوش المصرية الذي كان يحب عايدة حباً شديداً ليشهد صراعاً كبيراً بين واجبه الوطني ومشاعره، بخاصة عندما تشتعل الحرب بين مصر والحبشة من جديد لتنتصر فيها مصر، ويرغب الفرعون بعد الانتصار بتكريم راداميس بتزويجه من ابنته لتتطور الأحداث مع رفضه الزواج من الأميرة ويخطط للهرب مع حبيبته عايدة، ولكن ينكشف أمره، ويحاكم بتهمة الخيانة ويكون الحكم بدفنه حياً ليجد أن عايدة قد سبقته للقبر لتموت معه.
كان مقرراً في البداية أن يتم عرض أوبرا عايدة في حفل افتتاح قناة السويس فبطلب من الخديوي إسماعيل، قام فيردي بالتأليف الموسيقي لها، كما تم تنفيذ ديكور وملابس العمل في باريس، إلا أنه بسبب تأخر وصولها من فرنسا لم يتم عرضها في الاحتفالية، وقامت فرقة عالمية إيطالية بتقديم أوبرا "ريجوليتو" المقتبسة من قصة للأديب الفرنسي فيكتور هوغو على مسرح دار الأوبرا القديمة في مصر، التي كانت تعرف آنذاك بدار الأوبرا الخديوية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
قُدمت أوبرا عايدة بعد ذلك للمرة الأولى في 24 ديسمبر (كانون الأول) عام 1871 على مسرح دار الأوبرا الخديوية، رغم عدم تمكن فيردي من حضورها، بينما عرضت في أوروبا على مسرح لاسكالا في إيطاليا عام 1872. ومن حينها وعلى مدار السنوات وأوبرا عايدة تعرض سنوياً في مصر وخارجها، وتعد من الأوبرات الأشهر في العالم، وأخيراً عرضت على مسرح دار الأوبرا المصرية احتفالاً بمرور 150 عاماً على عرضها الأول.
عرض يعتمد على الإبهار
لمدة 18 سنة متتالية أخرج الفنان عبد الله سعد "أوبرا عايدة" في مسرح دار الأوبرا وعدة مسارح مفتوحة، يقول لـ"اندبندنت عربية"، "هي واحدة من الأوبرات الضخمة التي يتبارى في ظهورها للنور مخرجو العالم، وتختلف عن نظيراتها في اعتمادها على الإبهار بدرجة كبيرة سواء في القصة نفسها، أو العناصر المختلفة مثل الديكورات والملابس المستوحاة من الفن المصري القديم. تتكون من 6 مشاهد أبرزها البهو، وساحة المدينة، والقصر، والمحكمة، والمعبد. وكلها مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة، فالتفاصيل المتعلقة بالملابس والديكور والرموز الفرعونية المختلفة شديدة الدقة والثراء، وتميز كل مشهد عن الآخر". يضيف، "ما يميز أوبرا عايدة أيضاً، أنها تم تأليفها خصيصاً لمصر، فالقصة مصرية ونفذت لتعرض بها، وتمثل إضافة لكل الفنانين المشاركين فيها، سواء على مستوى الإخراج أو الغناء، لأن التاريخ الفرعوني في ذاته يمثل عامل جذب لكثيرين".
أوبرا عايدة في الأماكن الأثرية
إلى جانب عرضها في مسرح الأوبرا عرضت سابقاً في أماكن أثرية على مسارح مفتوحة، كان أبرزها في منطقة الأهرامات والأقصر (جنوب مصر) ليضيف طابع المكان بعداً آخر للعرض الأوبرالي. يذكر عبد الله، "عرض أوبرا عايدة في الأماكن الأثرية يعطي لها ثراء، ويضيف لها طابعاً فريداً، إذ تقدم في الأماكن الأصلية التي تعود إليها الأحداث في حضارة مصر القديمة، وينبغي استغلال مثل هذه الميزة في الدعاية السياحية عبر تنظيم مهرجان سنوي في موعد ثابت يتضمن عرضها في أحد الأماكن الأثرية واستغلال هذا الأمر في التسويق للرحلات السياحية".