أزمة جديدة طفت على سطح الخلاف الجزائري - المغربي لترفع من حدة النزاع الذي تتفاقم حدته منذ مدة، وذلك بعد إثارة نائب إسباني قضية استخدام وزير الخارجية المغربي طائرة خاصة إسبانية لعبور المجال الجوي الجزائري.
تغريدة برلماني إسباني
وقال النائب في البرلمان الإسباني، كارليس موليت، إن الوزير المغربي ناصر بوريطة، استقل طائرة إسبانية للتمكن من المرور عبر المجال الجوي الجزائري، المحظور على الطائرات المغربية، للمشاركة في القمة الأفريقية في رواندا، موجهاً سؤالاً لحكومة بلاده حول السماح للوزير المغربي باستخدام الطائرة الإسبانية، على الرغم من معرفتها بالخلاف القائم بين الجزائر والمغرب.
ولمزيد من التوضيحات، نشر النائب الإسباني في تغريدة على "تويتر"، نوع الطائرة الإسبانية المستعملة، ومسارها من المغرب إلى رواندا، مروراً بالأجواء الجزائرية، وتساءل: حول ما إذا كانت الجزائر ستتحرك ضد "هذا الانتهاك المغربي" أم لا؟ وعما إذا كانت حكومة مدريد تعلم بهذه الحادثة وكيف تقيمها؟ وما إذا كانت ستفتح تحقيقاً حول الحادثة أم لا؟ وختم الحديث عن مدى اعتقاد حكومة بلاده بأن مثل هذه الحوادث ستؤثر في العلاقات مع الجزائر في وقت يتفاوض فيه البلدان حول اتفاقيات خاصة بالغاز.
صمت رسمي ونقاش شعبي وإعلامي
وعلى الرغم من أن موقف الجزائر الرسمية كان أقرب إلى التجاهل، فإنه على المستوى الشعبي والأكاديمي والإعلامي، أثارت الحادثة نقاشاً واسعاً وتساؤلات حول "تجاوزات" المغرب، معتبرين الأمر استفزازاً مقصوداً يهدف إلى "التشويش" على الدبلوماسية الجزائرية ودفعها إلى ارتكاب ما وصفوه بـ"الحماقة". وبينما انشغلت أطراف بموقف السلطات "الصامت"، ترى جهات ثالثة أن "الواقعة تستهدف إقحام إسبانيا في زوبعة التوتر بين الجزائر والمغرب".
"رغبة في الشيطنة"
إلى ذلك، يعتقد الباحث المغربي في الشؤون المغاربية، يحيى بن طاهر، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن الوزير بوريطة، لم يدخل في الممنوع وهو يعبر الأجواء الجزائرية على متن طائرة إسبانية، وما حدث لا يصلح أن يكون سلوكاً سياسياً. وقال إن "ما كشف عنه البرلماني الإسباني إنما هو، في اعتقادي، نابع من رغبة في الشيطنة، أو المزيد من شيطنة العلاقات بين الدول الثلاث: المغرب والجزائر وإسبانيا"، مشيراً إلى أنه "بقدر ما هناك إرادة ترنو نحو سبل الحل وتبحث عنها خلال الأزمات بين الدول، هناك أيضاً إرادة أخرى، ربما لحسابات خاصة لديها، لا تجد في حل الأزمات مخرجاً لمعضلاتها، لذا فإنها غالباً ما تلجأ إلى الثقافة السياسية المدججة بالإشاعة أو بالأخبار، على الرغم من صدقيتها، فإنه يتم تسويقها نحو هدف أو أهداف لا يعرفها إلا أصحابها".
ويتساءل بن طاهر: ما المانع في أن يسافر بوريطة أو أي مواطن مغربي آخر، ويحلق على متن طائرة ليست مغربية وغير مرقمة بالمغرب فوق الأجواء الجزائرية؟ وأعلن أن بيان وزارة الخارجية الجزائرية في هذا الشأن كان واضحاً، وتحدث عن منع تحليق طائرات مغربية أو مسجلة في المغرب، وختم بأن "الطائرة كانت إسبانية، وعليه ليس ثمة مشكلة أبداً، إلا في الذين امتهنوا الاستثمار في الأزمات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كسر الثقة في التعامل الجزائري - الإسباني
من جانبه، يعتبر الحقوقي الجزائري، عابد نعمان، أنه من ناحية سلوك شخص رسمي يمثل مؤسسة رسمية في المجتمع الدولي، فهو لا يرقى أساساً لأن يحدث ضجة بقدر ما يزيد من تهاوي قيمة الشخص كشخص وقيمة الجهة الرسمية التي يمثلها. وقال إنه "لو اختصرنا الوقائع نجد مصطلحاً واحداً يقابلها، وهو التخفي"، متسائلاً: "كيف تكون صورة شخص رسمي يمثل جهة رسمية، يسير متخفياً للوصول إلى محفل أو اجتماع دولي؟".
ويواصل نعمان، "ما قام به وزير خارجية المغرب لا يعدو سلوكاً لا يترجم الفضاء الذي ينشط فيه، وهو المجتمع الدولي، بالتالي يعزز الطرح الجزائري أنه لا وساطة مع الذهنية الصبيانية"، مضيفاً أن "الرد الجزائري معروف للجميع، إذ يتم تسجيل الواقعة وتوضع في صلب الخطاب الرسمي الخارجي في شأن المسألة المغربية، مثلها مثل واقعة السماح لوزير كيان مُعادٍ أن يصدر تصريحاته التهديدية والاستفزازية من تراب المغرب، كما أن الجزائر لديها من الرؤية ما يمكّنها من معرفة خلفية اختيار طائرة إسبانية واستئجارها، وهذا لا يختلف عليه اثنان، وهي عملية خائبة ذات دافع كسر الثقة في التعامل الجزائري - الإسباني".
الجزائر تغلق مجالها
وقررت الجزائر، في وقت سابق، أن تغلق "فوراً" مجالها الجوي أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، إذ جاء في بيان لرئاسة الجمهورية الجزائرية، أنه "ترأس عبدالمجيد تبون، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع، اجتماعاً للمجلس الأعلى للأمن، خصص لدراسة التطورات على الحدود مع المغربي، بالنظر إلى استمرار الاستفزازات والممارسات العدائية من الجانب المغربي"، مضيفاً أنه "قرر المجلس الغلق الفوري للمجال الجوي الجزائري أمام كل الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، بالإضافة إلى تلك التي تحمل رقم تسجيل مغربياً ابتداءً من اليوم".
وهو القرار الذي رد عليه الجانب المغربي عبر مصدر في شركة الخطوط الملكية المغربية، بالقول إن قرار الجزائر "لن يؤثر إلا على 15 رحلة أسبوعياً إلى تونس وتركيا ومصر"، ووصف أثر ذلك على الشركة بأنه "غير كبير"، موضحاً أن الرحلات المعنية قد تغير مسارها لتمر فوق البحر المتوسط.