حرّكت الحكومة في مصر أسعار الغاز الطبيعي بالنسبة للمصانع كثيفة الاستخدام للطاقة بمقدار يتراوح بين 0.25 دولار أميركي و1.25 دولار لكل مليون وحدة حرارية، الخميس الماضي، بعد مرور 23 يوماً فحسب على زيادة أسعار الوقود المحلي في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ونشرت الجريدة الرسمية للبلاد في عددها الصادر الخميس الماضي الموافق لـ28 أكتوبر قرار رئيس مجلس الوزراء بتحديد أسعار الغاز الطبيعي للمصانع كثيفة استخدام الطاقة، ومنها مصانع الحديد والصلب، والأسمنت، والأسمدة، ومصانع البتروكيماويات، عند 5.57 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية بنسبة زيادة بلغت 28 في المئة، في الوقت الذي حددت فيه سعر المليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعي لباقي الأنشطة الصناعية الأخرى عند 4.75 دولار.
تحريك أسعار المحروقات
وحرّكت الحكومة أسعار المحروقات في الأسواق المحلية في الثامن أكتوبر ليرتفع سعر لتر البنزين 80 إلى 7 جنيهات (نحو 0.44 دولار)، بينما ارتفع سعر لتر البنزين 92 إلى 8.25 جنيه (0.52 دولار)، في حين ارتفع سعر لتر البنزين 95 إلى 9.25 جنيه (0.58 دولار).
وبدأت في التسعير التلقائي للمحروقات في يوليو (تموز) 2018، إذ تجتمع اللجنة الوزارية لتسعير المحروقات مرة كل ثلاثة أشهر لتعديل أسعار المحروقات، سواء برفع أو خفض أو تثبيت الأسعار بما يتوافق مع المستجدات المالية والاقتصادية العالمية والمحلية.
ارتفاع أسعار الغاز عالمياً
وقبل قرار الحكومة المصرية بنحو 24 ساعة، قفزت أسعار الغاز الطبيعي في ختام جلسة تعاملات بورصة "نيميكس" الأميركية، الأربعاء الماضي، بنسبة 5.4 في المئة، ليتجاوز حدود الـ6.2 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية بعد ارتفاع بما يزيد على 100 في المئة خلال الشهر الحالي. ووصلت أسعار العقود الآجلة في أوروبا إلى مستويات قياسية لتصل إلى 500 في المئة منذ بداية العام الحالي إلى الآن مع ارتفاع الطلب العالمي وضغوط الإمدادات في ظل تحول الطقس إلى البرودة وانكماش المخزون مع اقتراب موسم التدفئة الشتوية وفقاً لوكالة "بلومبيرغ".
وقالت الوكالة، إن أسعار الغاز الطبيعي في العقود الآجلة الأميركية صعدت بفعل توقعات للأرصاد الجوية لزيادة أعلى من المتوقع للطلب على وقود التدفئة، كما أن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا نتيجة هبوط حجم المخزون من الغاز مع اقتراب موسم التدفئة الشتوية.
شركات الحديد: الزيادة تؤثر على تكلفة الإنتاج
محلياً، بدأت ردود أفعال الشركات الكبرى في الصناعات كثيفة استخدام الغاز الطبيعي تتوالى، إذ قالت شركة "حديد عز" (إحدى شركات صناعة الحديد) في تقرير إفصاح للبورصة المصرية، إن الزيادة التي أقرّتها الحكومة في أسعار الغاز الطبيعي، الخميس الماضي، مبررة وطبيعية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت أن الغاز الطبيعي هو أحد العناصر الرئيسة في التكلفة عند استخدام الحديد المختزل كمادة خام رئيسة، بالتالي فإن زيادة سعر توريد الغاز من شأنها أن تؤثر على تكاليف الإنتاج، مشيرة إلى أنها لديها المرونة الكافية لتغيير نسب استخدام المواد الخام الرئيسة ضمن العملية الإنتاجية.
من جانبه، قال رئيس غرفة الصناعات المعدنية، باتحاد الصناعات المصرية، محمد حنفي، إنه على الرغم من الزيادة الأخيرة في أسعار الغاز للمصانع كثيفة الاستهلاك، فإن الأسعار في مصر لا تزال الأقل مقارنة بدول المنطقة أو الدول المنافسة للقاهرة في صناعة الحديد.
وأوضح لـ"اندبندنت عربية" أن أسعار الغاز الطبيعي في تركيا تصل إلى 15 دولاراً للمليون وحدة حرارية بريطانية، مؤكداً أن المصانع المصرية لا يزال أمامها فرصة كبيرة لزيادة الصادرات إلى الخارج في ظل انخفاض التكلفة التي يشكل الغاز الطبيعي نسبة كبيرة منها.
ارتفاع صادرات مصر من الغاز الطبيعي
قفزت صادرات مصر من الغاز الطبيعي خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 315 في المئة، بعد أن ارتفعت إلى 564 مليون دولار مقابل 136 مليون دولار خلال الربع الأول من عام 2020، وأسهمت تلك القفزة في زيادة صادرات القاهرة من المواد النفطية بنسبة 34 في المئة لتصل إلى 1.8 مليار دولار خلال نفس فترة المقارنة مقابل 1.3 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2020، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
من جانبه، قال وزير البترول الأسبق، أسامة كمال، إن تحريك الأسعار في الوقت الحالي أمر طبيعي جداً في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار الغاز عالمياً، مؤكداً أن مصر جزء من العالم، وتتأثر بما يتأثر به، موضحاً أن سبب ارتفاع الأسعار القياسي يعود إلى أن أغلب التكهنات كانت تميل إلى أن الموجة الرابعة من جائحة كورونا كانت ستصاحبها إعادة فرض التدابير الاحترازية لمكافحة تفشي الموجة، بالتالي تقل معها الاستهلاكات، مشيراً إلى أن دولاً كثيرة تأخرت في إبرام عقود لملء خزاناتها بالغاز أو بالوقود، كما عاد النشاط الاقتصادي إلى قوته في عدد من الدول، بالتالي زاد الطلب على الطاقة، وارتفعت أسعارها.
مصر لا يمكنها تثبيت أسعار الغاز
أضاف في تصريحات إعلامية أن أسعار الغاز زادت من 2.5 إلى 6.57 دولار، وهو ما ترتب عليه تحريك أسعار السلع في مصر، لأن مصر تحصل على الغاز من الشريك الأجنبي بسعر محدد، وإذا استمرت الأسعار متدنية فلن يستثمر الشريك الأجنبي في مصر، وستعاني مصر من جديد بسبب تثبيت أسعار الغاز، وهو ما تسبب في عدم وجود اكتشافات جديدة منذ عام 2014 حتى عام 2017.
وأشار إلى أن أسعار الغاز تضاعفت 3 مرات على مستوى العالم بداية من مطلع العام الحالي حتى الشهر الحالي، مؤكداً أن الحكومة تراعي نوعاً ما عدم المساس بأسعار الغاز الطبيعي بالنسبة للوقود المنزلي أو المركبات.
وحول تحريك أسعار الغاز في وقت أعلنت فيه القاهرة تحقيق الاكتفاء الذاتي، قال وزير البترول الأسبق، إن الوصول إلى الاكتفاء الذاتي لا يحدث بين ليلة وضحاها، لافتاً إلى أنه يجب ألا ننسى أن الشريك الأجنبي يحصل على نصيبه من الاكتشافات، سواء الغاز أو النفط، بما أنه يضخ استثمارات ضخمة، وعند تقسيم الإنتاج تكون للقاهرة أولوية الحصول على الغاز بالأسعار العالمية، بالتالي لن تستطيع تثبيت الأسعار مع الارتفاع الجنوني عالمياً في أسعار الغاز.