بدأت محكمة الجنايات الخاصة في العاصمة الفرنسية، الثلاثاء، باستجواب المتهم الرئيس في اعتداءات باريس 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 في العاصمة الفرنسية صلاح عبد السلام حول مساره قبل الهجمات، فوصف نفسه بأنه كان طفلاً "هادئاً" و"تلميذاً مجتهداً" و"مشبعاً بالقيم الغربية" قبل تحوله إلى التطرف.
وبعد خمسة أسابيع من الاستماع لإفادات الناجين من الهجمات وعائلات الضحايا، دخلت المحاكمة مرحلة جديدة مع النظر في شخصيات المتهمين الـ14 على مدى أربعة أيام.
وبحسب "الترتيب الأبجدي"، بدأت المحكمة الجلسة بعد الظهر باستجواب صلاح عبد السلام، العضو الوحيد الذي بقي على قيد الحياة من المجموعة المسلحة التي قتلت 130 شخصاً وجرحت مئات آخرين في باريس وسان دوني، في الضاحية الباريسية.
والإجراء القضائي حساس، إذ يقضي باستجواب المتهم عن حياته دون "بلوغ جوهر" الملف الذي لن يُطرح قبل عام 2022، وبالتالي من دون الحديث عن التزامه الديني.
إفادة عبد السلام
وبدأ صلاح عبد السلام الذي كان يرتدي سترة رمادية وقميصاً فاتح اللون، إفادته بذكر تاريخ ومكان ولادته، في 15 سبتمبر (أيلول) 1989 في بروكسل، ووصف نشأته بأنها كانت "بسيطة جداً" وسعيدة في حي مولنبيك في منطقة بروكسل.
وأكد هذا المتحدر من مهاجرين مغاربة، أنه يحمل جنسية "واحدة" فقط هي الفرنسية، إذ عاش والداه في فرنسا قبل الانتقال إلى بلجيكا.
وكان والده سائق ترامواي ووالدته ربة منزل، وهو الرابع بين خمسة أشقاء. وروى بصوت هادئ "أنا الرابع من بين خمسة أشقاء. لدي ثلاثة أشقاء أكبر وأخت أصغر".
وعندما طُلب منه التحدث عن طفولته، وصفها بأنها "بسيطة جداً"، مضيفاً أنه "شخص هادئ ولطيف".
وروى أنه كان "طالباً مجتهداً ومحبوباً من أساتذته"، مضيفاً أنه تابع "تعليماً تقنياً في الكهروميكانيكا"، لكنه توقف عن الدراسة في سن الـ18 للعمل. وأشار إلى أنه يحب الرياضة خصوصاً "المصارعة وكمال الأجسام وكرة القدم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ثم انتقلت المحكمة للتحدث عن حياته الشخصية، عن صديقته قبل تنفيذ الاعتداءات وسئل "هل ما زلت على اتصال معها؟ وهل كانت لديك علاقات أخرى؟" فأجاب "كلا... ولا أرغب في التحدث عن هذا الأمر، إنه شخصي بعض الشيء".
والمتهم الذي يتكلم بإسهاب منذ افتتاح المحاكمة بعد صمت شبه مطبق أثناء التحقيق، لا يتهرب من الإجابة على الأسئلة حتى لو أنه يكتفي بتقديم إجابات موجزة.
تبرير الهجمات
ومنذ ثمانية أسابيع، تولى عبد السلام الذي قدم نفسه في اليوم الأول من المداولات على أنه "مقاتل" تابع لتنظيم "داعش"، الكلام مرات عدة لتبرير الهجمات أو انتقاد ظروف احتجازه.
وشهدت حياته المهنية أول تغيير في عام 2011 في وقت كان يعمل منذ 18 شهراً في الشركة ذاتها التي توظف والده، فهو تورط في محاولة سطو بعد أمسية تناول فيها الكحول كما أوضح، وأمضى خمسة أسابيع في السجن.
بعد خروجه، تنقل بين "أعمال مؤقتة والبطالة" وأضاف حوالى عشر إدانات أخرى إلى سجله الإجرامي. قام لفترة بمساعدة شقيقه إبراهيم، وهو مدير مقهى تحول لاحقاً إلى انتحاري نفذ الهجوم على شرفات مقاه في باريس، وهو الأخ "المفضل" لصلاح عبد السلام.
ونقل رئيس المحكمة عن شقيق آخر للمتهم قوله، إن صلاح عبد السلام كان يحب "الخروج وارتياد الملاهي الليلية والكازينوهات" وسأله "هل هذا صحيح؟".
أجاب عبد السلام "نعم، هكذا كنت في السابق... ارتدت مدرسة عامة في بلجيكا، كنت مشبعاً بالقيم الغربية، كنت أعيش كما علموني أن أعيش في الغرب".
وبعد ذلك، استجوبه القاضي بشأن ظروف احتجازه حين كان في عزلة تامة وتحت مراقبة مستمرة بالفيديو منذ توقيفه في عام 2016.
وقال صلاح عبد السلام "العيش في ظل مراقبة كاميرات على مدار 24 ساعة في اليوم، كنت أتحمله بصعوبة، لكنني تمكنت من تحمله بفضل الله تعالى". ومن بين الرجال الثلاثة عشر الآخرين الذين يحاكمون إلى جانبه لدورهم في الهجمات، محمد عبريني "جاره" الذي يعرفه جيداً.
كان منزلاهما "متلاصقين"، كما قال عبريني "الرجل ذو القبعة" في هجمات بروكسل في مارس (آذار) 2016. وروى أن طفولته كانت "طبيعية": ارتياد المدرسة وممارسة كرة القدم في ناد ثم "فشل مدرسي وفشل رياضي... كش ملك!".
لم يكن عمره 18 عاماً عندما دخل السجن للمرة الأولى، ثم عمل في وظائف صغيرة وأمضى أياماً وراء القضبان.
وخلال إقامته في السجن، علم عبريني الذي شارك في التخطيط لاعتداءات 13 نوفمبر بوفاة شقيقه الأصغر سليمان في سوريا. ومنذ ذلك الحين، تحول إلى التطرف، وفقاً للتحقيق.