استيقظ معجبو جيجي حديد وزين مالك (المعروف أكثر باسمه الأول) على أخبار مروعة صبيحة أحد الأيام الأسبوع الماضي: لقد انفصل الثنائي، وفقاً لتقارير نشرتها بعض المواقع مثل "تي أم زيد"، وأن زين اعتدى جسدياً على والدة جيجي، يولاندا حديد. لقد تسبب الخبر في حزن يفوق ما أثاره انفصال براد بيت وأنجلينا جولي أو بن أفليك وجينفير لوبيز - في الأقل بالنسبة إلى المسلمين من جيل الألفية، الذين كانوا من المؤيدين المتحمسين لعلاقة زين وجيجي، على الرغم من كونها بعيدة كل البعد عن أي علاقة تقليدية وفقاً للمعايير الإسلامية.
منذ ظهور فرقة "ون دايركشن" على الساحة الموسيقية من خلال برنامج المواهب "إكس فاكتور" قبل أكثر من عقد من الزمان، كنت من المعجبين بزين (على الرغم من أنني أعترف بعدم سماع الكثير من أعماله الحديثة). في صناعة خالية إلى حد كبير من التمثيل الإسلامي، كان لدينا موسيقي ذو بشرة سمراء انبثق من مدينة برادفورد ونشأ تنشئة إسلامية (مع أنه أخبر النسخة البريطانية من مجلة فوغ في عام 2018 أنه لم يعد يعتبر نفسه من الأتباع الممارسين للديانة). إنه يمتلك اسماً عربياً، وكان يتمنى لجمهوره "عيداً مباركاً"، ويغني في بعض الأحيان باللغة الأوردية. كان ذلك كافياً لنقول إنه ظفر بقلوب الفتيات المسلمات في جميع أنحاء العالم على الفور. أتذكر عندما ذهبت للمبيت في منزل ابنة عمي بعد فترة وجيزة من شهرة "ون دايركشن"، كان الوله يملؤنا عندما كنا نحدق في صورة زين الملصقة على باب خزانة ملابسها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
عندما بدأت الأخبار تتحدث في عام 2015 عن مواعدة زين عارضة الأزياء الفلسطينية جيجي حديد، كان هذا الارتباط هو الأكثر مثالية بالنسبة إلى المسلمين من معجبي الشخصيتين الشهيرتين. في الواقع، حقيقة أنهما ينحدران من خلفية إسلامية هي التي جذبت العديد من المعجبين المسلمين إليهما في المقام الأول. كانت صور الثنائي وهما يحتفلان بالعيد بملابس تقليدية وادعاءات مثل "قيام زين بختم القرآن ثلاث مرات" (حسبما قالت تريشا مالك، والدة زين، لـ"بي بي سي") كافية لكسب المعجبين المسلمين في جميع أنحاء العالم.
بفضل تربع كل منهما تباعاً على قمة قطاعي الموسيقى وعرض الأزياء، وامتلاكهما خلفيات ثقافية إسلامية (باكستانية وفلسطينية)، شكلا ثنائياً غير مسبوق. لا يهم إن كانت جيجي عارضة أزياء وتتعرى أمام الكاميرا، أو أن جسد زين كان مغطى بالأوشام - أو حتى إنجابهما طفلة في وقت لاحق خارج إطار الزواج. في الواقع، قد يكون تمردهما الشديد ضد أعراف التقاليد الإسلامية أكسبهما المزيد من المعجبين المسلمين من جيل الألفية، الذين غالباً ما يكونون تائهين بين ثقافتهم والأعراف الاجتماعية المعاصرة، ويبحثون عن نماذج متنوعة يمكنهم الاقتداء بها.
على مر السنين، كان بعض المسلمين مهووسين بالانغماس في القاعدة الجماهيرية لـ"زيجي" (الاسم المختصر الذي يستخدمه كثيرون عند الحديث عن الثنائي)، وتقوم مدونات ومنتديات إسلامية عديدة بتحليل سلوكيات وأنشطة الثنائي الشهير في محاولة لإثبات "هويتهما الإسلامية".
في مقال نشرته مجلة "إيل" عام 2020 تحت عنوان "جيجي وزين هما أكثر من مجرد ثنائي هوليوودي مؤثر بالنسبة إلى المسلمين من جيل الألفية"، قدمت المجلة تفسيراً مناسباً لشعور المسلمين على مستوى العالم بأنهم قريبون من جيجي وزين، اللذين قد لا يشبهان الصورة النمطية المرسومة في الأذهان عن المسلمين الملتزمين، لكنهما على الرغم من ذلك يمتلكان هوية باكستانية وفلسطينية ويتحدثان بفخر عن تراثهما وتنشئتهما الإسلامية. في الوقت الذي غالباً ما يسيطر المتطرفون على تصوير وسائل الإعلام للإسلام بشكل غير عادل، أصبح زين وجيجي رمزاً شاباً ومفرحاً لما قد يكون عليه المسلمون الحديثون من أبناء الألفية الذين نشأوا في ثقافات مغايرة لثقافة آبائهم، وصارا عن غير قصد أيقونتين تحظيان بشعبية وتحاربان الإسلاموفوبيا المنتشرة على نطاق واسع في الغرب. لقد كانا أيقونة موحدة للتنوع في قطاع منمط يخفي التباينات وجاهل بالفروق الدقيقة [درجات التباين] بين المسلمين.
في مارس (آذار) من عام 2017 تألقت جيجي على غلاف أول نسخة من مجلة فوغ العربية، حيث غطت وجهها بخمار شفاف. شاركت الصورة على "إنستغرام" معلقة "إن كوني نصف فلسطينية يعني كل شيء بالنسبة إليَّ". إلى جانب شقيقتها بيلا حديد، كانت جيجي مناصرة قوية للقضية الفلسطينية، وكذلك زين. أكسبت المواقف السياسية من فلسطين الثنائي دعماً إضافياً من الجماهير المسلمة. علاقتهما الخاصة نسبياً، وقرارهما حماية ابنتهما من أعين الجمهور كانا مفهومين للغاية وأشاد بهما متابعوهما.
اعتبر كثيرون أن حياة الثنائي مثالية. ومع ذلك، تحطم هذا الوهم قبل عدة أيام مع أنباء عن انفصالهما المفاجئ بشكل واضح ومزاعم الاعتداء. يشعر المعجبون في جميع أنحاء العالم بالإحباط، لكن المسلمين أكثر تأثراً، وتهشمت الصورة التي رسموها لهذا الثنائي المسلم المثالي والرائع.
إن مزاعم الاعتداء الموجهة إلى زين (التي أنكرها "بشدة") محبطة بشكل خاص، إذ يسعى المسلمون في كثير من الأحيان إلى فضح الصورة النمطية المتطرفة التي يروجها الإعلام كثيراً عن رجالهم القمعيين والعنيفين. إن اتهامه بضرب امرأة هو أمر يصعب قبوله بالنسبة إلى ملايين المعجبين به من المسلمين.
أثناء كتابتي هذا المقال، كشفت التحقيقات الإخبارية عن أن زين يواجه أربع تهم بالمضايقة [التحرش]، التي قرر مواجهتها "دون نزاع" (أي إنه لم يعترف بالذنب، لكنه يقبل العقوبة، التي تعني في هذه الحالة خضوعه للمراقبة لمدة تصل إلى 360 يوماً، وإتمام دورة للتحكم في الغضب واختبار مدى حاجته إلى برنامج للإشراف على العنف الأسري).
ومع ذلك، يدافع العديد من معجبي زين بحماسة عنه على "تويتر"، ويتم نشر العديد من صور ميم، "الميمات"، التي تضع زين في صورة الأب الحامي ويولاندا على أنها حماة متدخلة ومدمرة للأسرة ومتعطشة للشهرة. قد يشعر المعجبون بالحزن بسبب أخبار الانفصال، لكن التصيد عبر الإنترنت ليس هو الحل - بالتأكيد ليس من المنظور الإسلامي الذي يشجع على الرحمة والتعاطف.
بصفتي مسلمة تتوق إلى رؤية المزيد من حضور أمثالي في وسائل الإعلام، أعترف أنه غالباً ما انتابني شعور دافئ وغريب عند رؤية صور جيجي وزين على "إنستغرام" (التي كانت أحياناً برفقة طفلتهما خاي التي طمست ملامح وجهها). وعلى الرغم من أنه قد ينظر إليهما كـ"ثنائي مسلم مؤثر"، أعتقد أننا نحن المسلمين نسارع جداً في الرفع من شأن المشاهير الذين لم يسعوا إلى عبء اعتبارهم قدوة تمثل ديانة آبائهم.
قد يكون عهد جيجي وزين كـ"ثنائي مؤثر" قد انتهى -في الأقل في الفترة الراهنة- لكن ربما يكون هذا الوقت مفيداً للمعجبين ليتحققوا من نياتهم وأولوياتهم وشغفهم. يجب أن نفكر ملياً قبل أن نؤلِّهَ المشاهير، ونصر على أنهم أبرياء في حالات العنف المزعوم وننصهر في حمى الجماهير الواسعة، وأن نلتزم ربما بمنح المشاهير الخصوصية التي كانوا يطلبونها طوال الوقت.
© The Independent