أصيب أكثر من 100 شخص بجروح، الجمعة، في بغداد، إثر مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين مناصرين لفصائل موالية لإيران كانوا يعترضون على نتائج الانتخابات النيابية، عندما حاول المحتجون اقتحام المنطقة الخضراء المحصنة في وسط العاصمة، بعد انتخابات برلمانية سجلت فيها القوى الموالية لإيران تراجعاً.
مواجهات ليلية
وتجددت الصدامات في محيط المنطقة الخضراء ليلاً بعد فترة من الهدوء الحذر، وفق مصدر في كتائب "حزب الله"، أحد فصائل "الحشد الشعبي"، ووسائل إعلام محلية. واتهم المصدر القوات الأمنية بإضرام النار في خيم المعتصمين المعترضين على نتائج انتخابية أمام مداخل المنطقة الخضراء.
ولم تصدر بعد النتائج النهائية الرسمية للانتخابات التي جرت في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول)، إذ لا تزال المفوضية العليا للانتخابات في المراحل الأخيرة لإعادة فرز الأصوات بناءً على طعون قدمت لها، قبل رفعها للمحكمة المختصة وإعلان النتائج النهائية للانتخابات.
وحاز تحالف الفتح الممثل لـ"الحشد الشعبي" المدعوم من إيران، على نحو 15 مقعداً فقط في الانتخابات، بحسب النتائج الأولية. وكان عدد أفراد كتلته في البرلمان المنتهية ولايته 48. وندد قياديون في التحالف بـ"تزوير" في العملية الانتخابية.
محاولة اقتحام المنطقة الخضراء
وقال مصدر أمني، إن المتظاهرين، و"غالبيتهم من مناصري كتائب "حزب الله" وعصائب أهل الحق"، وهما من الفصائل الأكثر نفوذاً في قوات "الحشد الشعبي" التي تشكل جزءاً من القوات العراقية الحكومية، أغلقوا "ثلاثة من أصل أربعة مداخل للمنطقة الخضراء"، و"حاولوا اقتحام المنطقة الخضراء من جهة قريبة من وزارة الدفاع، وقاموا برمي الحجارة، لكن تم ردعهم من قوة مكافحة الشغب". وأضاف، "أطلقت القوات الأمنية النار في الهواء" لتفريق المتظاهرين.
وأفادت وزارة الصحة العراقية في بيان بإصابة "125 شخصاً بجروح، بينهم 27 من المدنيين، والباقون من القوات الأمنية". وأضاف البيان أن "أغلب الإصابات بسيطة إلى متوسطة ولم تسجل أي إصابة بطلق ناري، كما لم تسجل أي وفاة".
وكانت مواقع إلكترونية مقربة من الفصائل الموالية لإيران تحدثت عن "إطلاق رصاص حي" ضد المتظاهرين، بينما أفاد قيادي في كتائب "حزب الله" لوكالة الصحافة الفرنسية، فضل عدم الكشف عن هويته، عن "مقتل متظاهرين"، لكن لم يتم تأكيد هذه المعلومة من مصادر رسمية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتضم المنطقة الخضراء التي استهدف محيطها قبل أيام بثلاثة صواريخ من نوع كاتيوشا، مقار حكومية عديدة منها المفوضية العليا للانتخابات المعنية بدراسة الطعون وإعادة فرز الأصوات، بالإضافة إلى سفارات أجنبية منها السفارة الأميركية.
وأعلنت خلية الإعلام الأمني الناطقة باسم وزارة الداخلية فتح تحقيق في ما حصل، بناءً على توجيه من "القائد عام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي" رئيس الحكومة.
خيبة أمل
ويقول مراقبون، إن الخسارة التي سجلها "الحشد الشعبي" تعود إلى خيبة أمل ناخبيه من أدائه السياسي وإخفاقه في تلبية تطلعاتهم، بالإضافة إلى العنف والممارسات القمعية المنسوبة للفصائل المكونة لـ"الحشد"، لا سيما خلال تظاهرات أكتوبر 2019 التي طالبت بإسقاط الطبقة السياسية ونددت بنفوذ إيران.
ويتهم ناشطون الفصائل الموالية لإيران بالمسؤولية عن اغتيال وخطف العشرات من الناشطين خلال العام الماضي.
ودعا زعيم كتلة "دولة القانون" ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي المقرب من إيران، "المتظاهرين جميعاً، المعترضين على نتائج الانتخابات والمطالبين بحقوقهم المشروعة، إلى عدم التصعيد، واتباع السياقات القانونية في التظاهر والمطالبة بشفافية الانتخابات والابتعاد عن الاحتكاك بالقوات الأمنية أو إثارتها".
من جهته، دعا الرئيس العراقي برهم صالح إلى "ضبط النفس وتقديم المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار"، مضيفاً في تغريدة أن "التظاهر السلمي حق مكفول دستورياً، وضرورة عدم خروجه عن إطاره السلمي القانوني، والصدامات التي حصلت بين قوات الأمن والمتظاهرين مؤسفة ومرفوضة".
وبدأ المئات من مناصري "الحشد الشعبي"، قبل أكثر من أسبوعين اعتصاماً قرب المنطقة الخضراء، احتجاجاً على "تزوير" يقولون إنه شاب الانتخابات التشريعية المبكرة. وأثار ذلك مخاوف من وقوع توترات سياسية وأمنية.
وحصد التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، أكثر من 70 مقعداً وفق النتائج الاولية، أي ستكون له مجدداً الكتلة الأكبر في البرلمان، ولكنه لا يملك الغالبية فيه.
ومعلقاً على أحداث الجمعة، قال الصدر في تغريدة، "لا ينبغي أن تتحول التظاهرات السلمية من أجل الطعون إلى تظاهرات عنف واستصغار للدولة"، مضيفاً، "لا ينبغي للدولة أن تلجأ للعنف ضد المتظاهرين السلميين".
وقد يتطلب اختيار رئيس للحكومة وتشكل الكتل السياسية والتحالفات في البرلمان الجديد وقتاً طويلاً، فيما المفاوضات جارية حالياً بين مختلف القوى السياسية.
وأفرزت الانتخابات برلماناً مشرذماً، ما يفتح الأبواب أمام سيناريوهات عدة، فيما يرجح محللون توافقاً بين القوى الشيعية الأبرز ووصول مرشح توافق إلى سدة رئاسة الوزراء.