في إطار مساعي السعودية الدبلوماسية الدولية لوضع حد لاعتداءت الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران، أجرى سفيراها لدى الولايات المتحدة الأميركية الأميرة ريما بنت بندر ولدى اليمن محمد آل جابر، سلسلة لقاءات مع عدد من القيادات في الكونغرس الأميركي.
وأعلن التحالف اليوم السبت مقتل العشرات من عناصر ميليشيا الحوثي في الساعات الأربع والعشرين الماضية في غارات جديدة حول مأرب، آخر معقل للحكومة في شمال البلد الذي تمزقه الحرب.
وقال التحالف في بيان له، إن "عمليات الاستهداف شملت تدمير 14 من الآليات العسكرية، والقضاء على أكثر من 157 عنصراً إرهابياً".
في غضون ذلك، قال آل جابر، اليوم السبت، إنه بحث الأزمة اليمنية وهجمات الحوثي المستمرة ضد المدنيين في بلاده، مع قيادات لجنتي العلاقات والشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي، مؤكداً في تغريدات له على "تويتر" أنه ناقش وزملاؤه مع الجانب الأميركي "التطورات السياسية والإنسانية في اليمن".
وأوضح أنه تم بحث موقف الميليشيا الرافض لوقف إطلاق النار، إلى جانب هجومها الوحشي على محافظة مأرب، وتسببها في تفاقم الوضع الإنساني. وأضاف "ناقشت مع المسؤولين الأميركيين استمرار اعتداءات الميليشيات الحوثية المدعومة من ايران على المدنيين في المملكة، ورفضهم القبول بوقف إطلاق النار وهجومهم الوحشي على مأرب، وتفاقم الوضع الإنساني".
حل سياسي
سفيرا السعودية أكدا "استمرار دعم المملكة لليمن وشعبه الشقيق"، كما تم التشديد على مبادرة المملكة لإنهاء الأزمة في اليمن ودعم كل الجهود الدولية والأممية الرامية إلى وقف إطلاق النار ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني، والتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة هناك.
يأتي هذا في حين أعلنت قوات التحالف العربي، اليوم، تدمير طائرة ملغومة حاولت مهاجمة مطار أبها الدولي جنوب المملكة، فيما يواصل الحوثيون في الآونة الأخيرة حملة عسكرية شرسة على محافظة مأرب الغنية بالنفط، بهدف انتزاع السيطرة على آخر معاقل الحكومة الشرعية في شمال البلاد، على الرغم من تحذيرات الأمم المتحدة بشأن ملايين المدنيين الواقعين في دائرة الخطر.
الميليشيا ترفض السلام
التحركات السعودية تأتي منسجمة مع الجهد الدولى المتنامي أخيراً، الرامي إلى وضع حد للحرب التي سببها الانقلاب الحوثي الدموي على البلاد ونتجت منه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وعلى الرغم من التشكيك الحكومي والشعبي اليمني الواسع بنوايا الميليشيا التي ترفض لغة السلام ولا تلقي عهداً للاتفاقات المبرمة، إلا أن واشنطن واصلت جهودها وعيّنت مبعوثاً خاصاً بهذا الشأن، وفي خطوة جريئة، رفعت الحوثيين من قائمة الإرهاب، ضمن حزمة قرارات أخرى، إلا أن الحلول الدبلوماسية لم تُجدِ نفعاً لإسكات آلة الحرب الضروس التي تطحن واحداً من أفقر الشعوب العربية، على الرغم من المبادرة السعودية التي عدّها مراقبون يمنيون وعرب خطوة بناءة متقدمة نحو وقف الحرب ورغبة حكومة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، بتسوية الخلافات.
كما لم يحقق تعاقب المبعوثين الأمميين من نيويورك، وسفرهم بين الرياض ومسقط وعدن وصنعاء التقدم المرجو، إذ لا يزال الرفض الحوثي لمبادرات السلام عقبة أمام الحكومة الشرعية والتحالف العربي الداعم لها، الأمر الذي يثير التساؤلات حول موقف واشنطن من اليمن بعد أكثر من ستة أشهر من تغييرات عاصفة، ركزت أنظار المجتمع الدولي على الحرب لكن من دون إحداث تقدم جوهري نحو السلام الذي ينشده ملايين الأطفال والنساء المشردين في أصقاع العالم.
دعوات أممية وأميركية لوقف التصعيد الحوثي
على صعيد الجهود الأممية والدولية، دعا المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ، طهران إلى دعم مساعي الأمم المتحدة للتوصل إلى تسوية تفاوضية للنزاع اليمني، محذراً من أن التصعيد العسكري في البلاد يقوّض جهود السلام.
وعقب اختتام زيارته إلى طهران، أشار غروندبرغ إلى أن جهود السلام مهددة جراء هذا التصعيد الذي يتسبب بخسائر فادحة في أرواح المدنيين بمن فيهم الأطفال، داعياً إلى خفض التصعيد في جميع أنحاء اليمن بما في ذلك مأرب.
وشدد غروندبرغ عقب لقائه كبار المسؤولين الإيرانيين وممثلين عن المجتمع الدولي في طهران على الحاجة لدعم جهود الأمم المتحدة للتوصّل إلى تسوية تفاوضية للنزاع.
وقف نزيف الدم
وتعليقاً على التصعيد العسكري الحوثي في مأرب وشبوة (شرق البلاد)، أعرب المبعوث الأممي في بيان وُزّع على وسائل الإعلام، عن قلقه البالغ من التصعيد العسكري في اليمن الذي يتسبب بخسائر فادحة في أرواح المدنيين، بمن فيهم الأطفال، ويقوّض جهود السلام.
ولهذا أكد الحاجة الملحّة لخفض التصعيد في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك في مأرب، وناقش خلال الزيارة ضرورة معالجة الوضع الإنساني والاقتصادي المتدهور وأهمية ضمان حرية حركة الأشخاص والسلع إلى البلاد وداخلها.
سلام للمنطقة
غروندبرغ قال إن "السلام والاستقرار في اليمن ينعكسان على المنطقة كلها. أعتزم العمل مع دول المنطقة لمساعدة اليمن في التوصل إلى حل سلمي للنزاع".
ضد الاحتلال الأميركي
وفي نظر الميليشيا المدعومة من إيران، فإنهم ينظرون إلى السلام على أنه دعوة لا طائل منها كونهم يخوضون حرباً للدفاع عن اليمن وسيادته من الاحتلال الأميركي، بحسب زعمهم. وقال القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي إن "أميركا تضع خيار الحرب أولوية لها في اليمن في حين تتظاهر بالسلام".
وأضاف في تغريدة له أن "فرض العقوبات بزعم فرض السلام عائق له من دون جدوى"، وفق ما نقلت قناة "المسيرة" الناطقة باسم الجماعة.
محاولة جديدة لليندركينغ
يأتي ذلك، تزامناً مع وصول المبعوث الأممي الخاص لليمن تيم ليندركينغ إلى الشرق الأوسط في محاولة متجددة أخرى للقاء كبار المسؤولين المحليين وفي المنطقة، لبحث سبل وقف هجمات الحوثيين على مأرب واستهدافهم للمدنيين.
وبحسب بيان للخارجية الأميركية، من المقرر أن يسعى ليندركينغ إلى الضغط على الأطراف لتنفيذ إصلاحات اقتصادية حاسمة وتأمين الواردات وتوزيع الوقود بشكل منتظم.
وقال البيان "يعود المبعوث الأميركي الخاص لليمن تيم ليندركينغ إلى الشرق الأوسط بتاريخ 4 نوفمبر (تشرين الثاني) لمواصلة المحادثات مع حكومة الجمهورية اليمنية وممثلين عن المجتمع المدني اليمني ومسؤولين حكوميين إقليميين كبار وشركاء دوليين آخرين".
وتابع "يواصل المبعوث الخاص وفريقه التركيز على ضرورة وقف الحوثيين هجومهم على مأرب وهجماتهم المتكررة على مناطق مدنية، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، كما سيعيد ليندركينغ التأكيد على التزام الحكومة الأميركية العمل مع المجتمع الدولي للضغط على الأطراف لتنفيذ إصلاحات اقتصادية حاسمة وتأمين الواردات وتوزيع الوقود بشكل منتظم واستئناف الرحلات الجوية التجارية إلى مطار صنعاء".
وتأتي زيارة المبعوث الأميركي بعد يومين على لقائه مسؤولين سعوديين في واشنطن، على رأسهم محمد آل جابر السفير السعودي لدى اليمن، وريما بنت بندر سفيرة المملكة لدى واشنطن، لمناقشة تعزيز دعم الرياض للدفاع عن أراضيها من هجمات الحوثيين.
ومنذ نحو سبع سنوات، يشهد اليمن حرباً مستمرة، أودت بحياة 233 ألف شخص، وبات 80 في المئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.