ارتفعت أسهم شركة "جنرال إليكتريك" الصناعية العملاقة 15 في المئة الثلاثاء، بعد الإعلان عن تفكيكها إلى ثلاث شركات بدءاً من العام بعد المقبل، وذلك للمرة الأولى منذ نحو قرن وربع القرن.
وعلى الرغم من أن عدداً من الشركات الكبرى في الولايات المتحدة، مثل شركة الاتصالات "إيه تي أند تي" وشركة "دن أند برادستريت" للمعلومات والتحليلات، بدأت في تقسيم نفسها منذ نهاية القرن الماضي، فإن "جنرال إليكتريك" رفضت هذا التوجه. وظلت من العلامات الصناعية الكبرى أميركياً وعالمياً.
وامتد نشاط الشركة من صناعة محركات الطائرات إلى لمبات الإضاءة مروراً بصناعات متنوعة من الأدوات المنزلية إلى الرعاية الصحية، وفي السنوات الأخيرة أصبح لها فرع مالي، حتى إنها استحوذت على الشركة المالكة لشبكة "أن بي سي" التلفزيونية في مرحلة ما.
وظلت الشركة على مدى 129 عاماً، منذ أسسها توماس إديسون مخترع المصباح الكهربائي تقاوم التوجه العالمي نحو تخصص الشركات وعدم الاعتماد على مجرد "إدارة جيدة" لتعمل الشركة في كل شيء.
وبقيت "جنرال إليكتريك" أكبر شركة أميركية من حيث القيمة السوقية منذ ما بعد الحرب العالمية حتى نهاية التسعينيات من القرن الماضي، حين تجاوزتها شركة "مايكروسوفت" عام 1998. والآن، أصبح ترتيبها من بين 500 شركة كبرى على مؤشر "أس أند بي" في المرتبة 76. وتراجعت قيمتها السوقية من 590 مليار دولار قبل عشرين عاماً (بأسعار تلك الأيام) إلى 119 مليار دولار هذا الأسبوع.
على الرغم من أن المستثمرين في الشركة يطالبون إدارتها منذ سنوات بضرورة تفكيكها والتركيز على قطاع معين، فإن مجلس الإدارة الذي لم يشهد تغييرات كبيرة لسنوات طويلة كان يرفض تلك الدعوات.
وبنهاية القرن الماضي، رد رئيس الشركة جاك ويلش (الذي توفي العام الماضي وكان أشهر رؤساء مجالس إدارة الشركات الكبرى في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي) بقوله: "نحن شركة تنوي أن تواصل التوسع، وأن تكبر أكثر لا أن تتقلص. والإجابة عن السؤال السائد: ماذا تنوون أن تفعلوا؟ هي: المال وكثير منه".
قرار تاريخي
وتطلب الأمر أن يتولى رئاسة الشركة شخص من خارجها، ليتخذ القرار الذي يعد تاريخياً بتفكيك واحدة من الشركات الكبرى التقليدية في العالم. وكان لاري كالب قد تولى رئاسة الشركة كأول رئيس تنفيذي من خارجها عام 2018.
يذكر أن 4 أشخاص فقط تناوبوا رئاسة الشركة الكبرى على مدى نصف القرن الأخير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلن كالب أن الشركة ستبدأ في التفكك إلى العام بعد المقبل، بانفصال شركة الرعاية الصحية عنها كشركة مستقلة، وستظل "جنرال إليكتريك" تملك نسبة 19.9 في المئة منها. ثم في العام التالي ستنفصل شركة الطاقة، بعد تجميع كل قطاعات الطاقة وبخاصة الطاقة المتجددة فيها. وتبقى الشركة الثالثة لتركز فقط على محركات الطائرات. وتعد "جنرال إليكتريك" ثالث أكبر شركة في العالم لمحركات الطائرات بعد "رولز رويس" و"برات أند ويتني".
وكانت الشركة قد تخلصت بالفعل من كثير من الاستحواذات التي وسعت بها نشاطها من قبل، حيث اشترت شركة صينية قطاع صناعة الأدوات المنزلية، بينما بيع قطاع صناعة المصابيح الكهربائية لشركة أميركية. أما قطاع الترفيه، فكان من نصيب شركة "كومكاست" التي استحوذت على "أن بي سي يونيفرسال"، وأخيراً على شبكة "سكاي" من ملياردير الإعلام والترفيه روبرت ميردوخ.
ولدى إعلان خطة تفكيك الشركة، قال لاري كالب: "يطلب العالم، عن حق، أن نبذل أفضل ما لدينا لمواجهة التحديات الكبيرة في قطاع الطيران والصحة والطاقة، وبتكوين ثلاث شركات كبرى عالمياً، فإن كلاً منها يمكن أن تستفيد من التركيز على قطاعها ورأس المال الموجه خصيصاً لذلك القطاع والمرونة الاستراتيجية لتحقيق النمو الطويل الأجل والقيمة المضافة لعملائها ومستثمريها والعاملين فيها. إننا نضع خبرتنا التقنية وقيادتنا الإدارية ووجودنا العالمي في خدمة عملائنا".
ووصف كالب القرار بأنه "لحظة حاسمة" لشركة "جنرال إليكتريك". وتوظف الشركة الأميركية الكبيرة نحو 174 ألف عامل وموظف في 130 بلداً حول العالم. على سبيل المثال، يوجد نحو 9 آلاف من هؤلاء في بريطانيا وحدها، يعملون في قطاع تكنولوجيا الرعاية الصحية في "جنرال إليكتريك"، وأيضاً في قطاع صناعة الطيران.
وعلى الرغم من أن نموذج الشركات الكبرى التي تعمل في كل شيء، وتعتمد فقط على إدارة مركزية حازمة، مثل "جنرال إليكتريك" بدأ يتلاشى في الغرب منذ نحو ربع قرن، فإن هناك أمثلة تبقى موجودة بخاصة في آسيا. مثال على ذلك المجموعات الصناعية الكبرى في كوريا الجنوبية مثل "سامسونغ" و"هايونداي" و"أل جي".
لكن بالنسبة إلى الأميركيين، فإن تفكيك "جنرال إليكتريك" يعني بالفعل "نهاية حقبة"، بخاصة للمستثمرين وحملة الأسهم الذين أصبحوا في العقود الأخيرة يريدون حرية استثمار أموالهم في القطاعات التي يرغبون فيها، لا أن يساهموا في شركة كبرى عملاقة ويتركوا لمجلس إدارتها أن يحدد ذلك نيابة عنهم.