في الوقت الذي يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن، ضغوطاً متزايدة حتى من أنصاره الديمقراطيين لمعالجة ارتفاع زيادة الوقود، يمثل اللجوء إلى فرض حظر على صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام أداة استراتيجية محتملة لتلبية الطلب المحلي المتزايد على البنزين ولتهدئة الأسعار.
يأتي ذلك بعد تجاهل تحالف "أوبك+" دعوة بايدن بزيادة إنتاج النفط، ما دفع البيت الأبيض إلى دراسة مجموعة من الخيارات، لتخفيف ارتفاع الأسعار، ويضغط الديمقراطيون من أجل فرض حظر محتمل على صادرات النفط أو السحب من الاحتياطيات الاستراتيجية للبلاد.
ولا تزال الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، تصدر الخام مع أحدث بياناتها التي تظهر أنها صدرت أكثر من 3 ملايين برميل يومياً اعتباراً من نوفمبر (تشرين الأول) 2021.
وكان تحالف "أوبك+"، الذي يضم 23 دولة (13 دولة في "أوبك" و10 غير أعضاء في المنظمة) بقيادة السعودية وروسيا، أكد الاستمرار في خطط الإنتاج، متمسكاً بخطة الزيادة تدريجياً بمقدار 400 ألف برميل يومياً في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ومن شأن قرار "أوبك+" زيادة مخاوف البيت الأبيض الذي يخشى أن يؤدي التضخم الناجم عن ارتفاع أسعار الطاقة، إلى إرباك أجندة الرئيس الأميركي الاقتصادية، الأمر الذي سيجعل من تقييد صادرات النفط الخام الأميركية، وحظر تصدير المنتجات المكررة، من بين الحلول المطروحة كخيارات، لكن السحب من الاحتياطي الاستراتيجي يعتبر الخيار الأكثر ترجيحاً، بحسب وكالة "بلومبيرغ".
وفي أول رد فعل من الإدارة الأميركية على قرار "أوبك +"، أقر بايدن قبل أيام، بأن التحالف لن يزيد إنتاجه من النفط بما يكفي لتلبية مطالب الولايات المتحدة، تاركاً الباب مفتوحاً أمام مجموعة من الخيارات، حيث تفكر إدارته في الاستفادة من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي لخفض أسعار البنزين.
أزمة ارتفاع أسعار البنزين
وحث 11 عضواً من الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ هذا الأسبوع الرئيس بايدن في خطاب على التحرك سريعاً، لإنهاء أزمة ارتفاع أسعار البنزين لتخفيف العبء الكبير على العائلات والشركات الصغيرة.
وطالب أعضاء الكونغرس ومنهم إليزابيث وارن وإد ماركي باتخاذ خطوات من بينها حظر صادرات الخام الأميركي إلى الخارج، مشددين على ضرورة ضمان قدرة الأميركيين على تحمل تكاليف ملء سياراتهم بالوقود مع تطوير الطاقة النظيفة والمتجددة.
ويتزامن مع هذه المطالبات تصريحات وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر غرانهولم بأن الرئيس جو بايدن ربما يتخذ تدابير هذا الأسبوع لحل أزمة ارتفاع أسعار البنزين، وذلك بعدما أعلنت في الأسبوع الماضي أنه يفكر في استخدام الاحتياطي الاستراتيجي النفطي.
وإلى ذلك، طلب الرئيس الأميركي من المجلس الاقتصادي الوطني العمل على خفض تكاليف الطاقة وطلب من لجنة التجارة الاتحادية التصدي للتلاعب بالسوق في قطاع الطاقة لعكس التضخم، وقد تشمل جهود خفض تكاليف الطاقة، فرض حظر التصدير أو الإفراج عن مزيد من الخام من الاحتياطي الاستراتيجي.
جميع الأدوات مطروحة
وبدورها قالت وزارة الطاقة الأميركية، إن جميع "الأدوات مطروحة دائماً على الطاولة" للتصدي لشح الإمدادات في الأسواق.
جاء تعليق وزارة الطاقة وسط تساؤلات بشأن ما إذا كانت إدارة الرئيس جو بايدن تدرس السحب من المخزون النفطي الاستراتيجي أو السعي لوقف الصادرات لخفض أسعار النفط الخام.
حظر تاريخي
وقبل نحو 6 سنوات من الآن، تحديداً في 15 ديسمبر (كانون الأول) 2015، رفع الكونغرس الأميركي حظراً استمر 40 عاماً على صادرات النفط الخام الأميركية، الذي بموجبه تمكن منتجو النفط الأميركيون، من بيع النفط الخام إلى السوق الدولية المشبعة بالفعل آنذاك، وأصبحت البلاد مصدراً مهماً، ولم تقدم على خفض الصادرات منذ ذلك الحين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتسبب هذا القرار في إعادة تشكيل تدفقات الخام عالمياً، وبرزت الولايات المتحدة كأكبر منتج للنفط في العالم، ووصل نفطها لأكثر من 50 دولة، حيث تجاوزت الشحنات في كثير من الأحيان شحنات أي دولة من دول منظمة "أوبك"، باستثناء السعودية.
وأصدرت الولايات المتحدة الحظر على جميع صادرات النفط الخام تقريباً في عام 1975، في أعقاب إنهاء الحصار الاقتصادي على نفط "أوبك". وضاعف هذا الحظر أسعار النفط بشكل كبير، مما أدى إلى خسائر فادحة للاقتصاد الأميركي، الذي أصبح يعتمد كلياً على النفط الأجنبي.
ووضع الحظر لمنع مثل هذه الاضطرابات في المستقبل وحماية الموارد المحلية، لكن العالم اختلف بعدها فبفضل ثورة الزيت الصخري، أصبح هناك فائض في إنتاج النفط للولايات المتحدة بفضل ثورة النفط الصخري، ما جعلها أكبر منتج في العالم للنفط الخام والغاز الطبيعي.
ومن شبه المؤكد أن الحظر المحتمل سيجعل خام غرب تكساس الوسيط أرخص، لكنه سيضر أيضاً بمنتجي النفط الصخري أثناء تعافيهم من انهيار السوق غير المسبوق في العام الماضي، بحسب وكالة "بلومبيرغ".
وفي الوقت نفسه، قد ينتهي الأمر بالمصافي النفطية الموجودة على ساحل الخليج الأميركي، التي تعتمد على النفط المستورد إلى دفع مزيد مقابل تلك البراميل الأجنبية في السوق العالمية المحرومة من الإمدادات الأميركية.
انخفاض الأسعار
وفي المقابل، ازدادت الأمور تعقيداً بعض الشيء هذا الأسبوع، بعد أن توقعت الحكومة الأميركية تحول سوق الخام العالمية إلى فائض في العرض مع انخفاض الأسعار بحلول أوائل العام المقبل. مما أدى إلى تهدئة التوقعات بأن البيت الأبيض قد يستغل احتياطيات الطوارئ في البلاد.
وتوقعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، في تقريرها، أن ترتفع أسعار البنزين في الولايات المتحدة هذا العام إلى ثلاثة دولارات للغالون، وأن تتراجع قليلاً إلى 2.91 دولار للغالون في 2022.
ورجحت الوكالة الحكومية أن تبدأ مخزونات النفط العالمية في الارتفاع عام 2022، مدفوعة بزيادة الإنتاج من "أوبك+" والولايات المتحدة، إلى جانب تباطؤ النمو في الطلب العالمي على الخام.