أقرت روسيا الثلاثاء، 16 نوفمبر (تشرين الثاني)، باختبار صاروخ دمر أحد أقدم أقمارها الاصطناعية في مدار الأرض، واصفةً في الوقت نفسه الاتهامات الأميركية بأن عملية الإطلاق عرضت محطة الفضاء الدولية وطاقمها للخطر بأنها "خبيثة".
وأطلقت موسكو، الاثنين، من الأرض صاروخاً على قمر اصطناعي سوفياتي قديم، في تجربة نددت بها الولايات المتحدة باعتبارها "تصرفاً خطيراً".
وأوضحت الولايات المتحدة أن التجربة ولدت "سحابةً" من قطع الحطام يمكن أن تهدد سلامة طاقم محطة الفضاء الدولية، وأن تشكل خطراً على العديد من الأقمار الاصطناعية.
وذكرت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" أن رواد الفضاء السبعة على متن المحطة، وهم أربعة أميركيين وألماني وروسيان، اضطروا إلى اللجوء إلى مركباتهم الملتحمة بالمحطة استعداداً لاحتمال عملية إجلاء طارئة.
وأحيت العملية المخاوف حيال مخاطر عسكرة الفضاء.
تنديد روسي باتهامات "خبيثة"
وبعد لزوم الصمت يوماً كاملاً، اعترفت وزارة الدفاع الروسية أخيراً، الثلاثاء، بأنها أجرت "بنجاح تجربة دُمر بنتيجتها الجسم الفضائي (تسيلينا-د) الموضوع في المدار منذ عام 1982 وهو غير نشط"، من دون أن توضح السلاح المستخدم في العملية. ووصل وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى حد وصف التجربة بأنها "جوهرة".
غير أن الوزارة نددت بالاتهامات الأميركية "الخبيثة" بشأن مخاطر الحطام، وأكدت في بيان أن "الولايات المتحدة على يقين بأن أجزاء الحطام هذه... لن تشكل أي خطر".
وكان رئيس وكالة الفضاء الأميركية بيل نيلسون، قال الاثنين، "صدمني هذا العمل غير المسؤول والمزعزع للاستقرار" الذي يشكل خطراً أيضاً على المحطة الفضائية الصينية.
كما حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أن قطع الحطام "ستهدد الآن ولعقود" الأنشطة الفضائية، مؤكداً أن بلاده "ستعمل" مع حلفائها للرد على هذا "العمل غير المسؤول".
وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي أعلنت من جانبها أن "الفضاء ملك مشترك... مخربو الفضاء يتحملون مسؤولية فادحة بتوليدهم حطاماً يثير تلوثاً، ويشكل خطراً على رواد الفضاء التابعين لنا وأقمارنا الاصطناعية".
سباق تسلح في الفضاء
وأحيت التجربة الروسية المخاوف من تحول الفضاء إلى ساحة حرب بين القوى الكبرى المتعطشة لاختبار وسائل تكنولوجية عسكرية جديدة.
وندد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ بـ"عمل غير مسؤول"، يثبت من جانب آخر أن روسيا تطور أسلحة جديدة قادرة على تدمير أنظمة اتصالات وملاحة أرضية أو أنظمة إنذار مضادة للصواريخ في الفضاء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسبق أن أجرت ثلاث دول فقط، هي الولايات المتحدة والصين والهند، مثل هذه التجارب على استهداف قمر اصطناعي، فيما كانت موسكو تشدد على أنها تكافح أي محاولة لعسكرة الفضاء.
واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بدوره الولايات المتحدة بـ"تجاهل اقتراحات روسيا والصين من أجل اتفاق دولي لمنع سباق تسلح في الفضاء".
وقال إن الأميركيين "استحدثوا في عام 2020 قيادة فضائية واعتمدوا استراتيجية من أهدافها فرض هيمنة عسكرية في الكون"، متهماً البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) بالإعداد لوضع أنظمة مضادة للصواريخ في المدار.
وأوضح الخبير العسكري الروسي بافيل فيلغنهاور، رداً على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية، أن موسكو لم تخف يوماً امتلاكها أنظمة يمكنها استهداف الفضاء من الأرض، ذاكراً منها بصورة خاصة منظومتي "أس 500" و"أس 550".
وقال الخبير العامل في صحيفة "نوفايا غازيتا" إن "روسيا لطالما قالت إنها تعارض نشر أسلحة في الفضاء، لكنها لم تقل إنها تعارض استخدام أسلحة في الفضاء".
التعايش في الفضاء
وولد إطلاق الصاروخ، الاثنين، كمية كبيرة من الحطام تهدد آلاف الأقمار الاصطناعية التي تعتمد عليها الدول في العديد من الأنشطة مثل الاتصالات وتحديد المواقع وغيرهما.
والقدرة على تدمير أقمار اصطناعية تابعة لدول أخرى أو على شن هجمات من الفضاء، يمكن أن تشكل ميزة عسكرية إستراتيجية، لكن تطوير مثل هذه القدرات يهدد بإثارة سباق تسلح لا يمكن التكهن بعواقبه.
وقطاع الفضاء المدني هو من المجالات القليلة التي تشهد تعاوناً هادئاً نسبياً بين الأميركيين والروس فيما يتواجهون بشدة في العديد من الملفات الدولية.
غير أن نقاط توتر ظهرت في السنوات الأخيرة نتيجة الخلافات الجيوسياسية على الأرض، فيما تؤكد موسكو وبكين عزمهما على تعزيز التعاون بينهما في الفضاء بمواجهة محور من القوى الغربية.
وفي ظل نقاط التوتر هذه، أعلنت وكالة الفضاء الروسية، الثلاثاء، أنها لا تزال تأمل في أن تبذل "جهود مشتركة من جميع القوى الفضائية" من أجل "ضمان تعايش آمن إلى أقصى حد ممكن" في الفضاء.