في خطوة تصعيدية لمنع تهجير سكان يافا ـ تل أبيب من فلسطينيي 48، والحفاظ على ما تبقى من بيوتهم، أقام أصحاب البيوت المهددون بالتهجير، بدعم وتضامن العشرات من عرب ويهود يافا، خياماً داخل الحديقة العامة "الغزازوة"، وغطوا المدخل الرئيس للحديقة بشعار كبير كُتب عليه باللغة العبرية "مخيم اللاجئين يافا – العجمة. دم نسائنا وأطفالنا خط أحمر".
الشعار أثار غضب المؤسسة الإسرائيلية والسلطات الرسمية في بلدية تل أبيب، حيث يتبع لها سكان يافا، فحاولت تفكيك الخيام، ثم أصدرت أوامر إخلاء لها، لكن أحداً لم يتجاوب معها، بل رد السكان والمبادرون على هذه الخطوة بإحضار كل احتياجاتهم اليومية للنوم والعيش في الخيام، وأقاموا تظاهرة احتجاجية أعلنوا فيها رفضهم لما اعتبروه "نكبة ثانية" لفلسطينيي 48 سكان يافا.
وفي حديث مع "اندبدنت عربية"، قالت فريدة نجار، التي بادرت بإقامة الخيام وتسلمت أمر إخلاء بيتها من الشركة الإسرائيلية الحكومية "حلميش"، إنها لن تقبل بإخلاء البيت وتشريد عائلتها المؤلفة من أربعة أولاد في الشارع، بهدف بيعه لعائلات يهودية متشددة دينياً أو مستوطنين، الذين باتوا يسيطرون على معظم شوارع يافا في الأحياء العربية.
وأضافت نجار، "من حقي كبقية السكان في يافا وجميع البلدات الإسرائيلية، واليهودية خصوصاً، العيش بكرامة في بيتنا، وهذا حق لنا، وليس منّة نحصل عليها من الحكومة الإسرائيلية، أو أي مؤسسة أخرى تشارك في عملية بيع البيوت العربية وتشريد سكانها".
400 عائلة مهددة بالإخلاء
وضعت السلطات الإسرائيلية مدينة يافا هدفاً أمامها منذ عام 48. فهذه المدينة التي أطلق عليها سكانها الفلسطينيون "عروس فلسطين"، كانت تشكل مكانة اقتصادية واستراتيجية مهمة لموقعها المتميز على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وكانت بوابة تربط فلسطين بدول حوض البحر المتوسط، أفريقيا وأوروبا، وهو ما دفع السلطات الإسرائيلية منذ عام 48 إلى وضع مخططات تستهدف تهويد المدينة.
وكانت سياسة هدم البيوت الفلسطينية جانباً مهماً من سياسة التهويد ثم إدراج البيوت، التي هجرها أهلها، ضمن ما تسمى "أملاك الغائبين"، وهذه البيوت التي سكنها فلسطينيون هجروا إلى يافا من داخل البلدات التي هدمت وتشرد أهلها، تواجه اليوم حملة إخلاء أو اشتراط البقاء فيها مقابل دفع مبالغ باهظة من الإيجار، بذريعة أنها تابعة لـ"أملاك الغائبين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول عمر سكسك، الناشط السياسي عضو الرابطة لإدارة شؤون سكان يافا، "السلطات الإسرائيلية تطرح مختلف الذرائع والحجج أمام أصحاب البيوت لإخلائها، والحديث اليوم عن أنها بيوت (أملاك غائبين)، أو أن اتفاقية الإيجار التي أبرمت عند إقامة إسرائيل حددت فترة زمنية انتهت اليوم هي ذرائع تكشف النوايا الحقيقية خلف تصعيد السياسة الإسرائيلية لتهويد هذه المدينة الفلسطينية المهمة".
منذ عام 48 وحتى عام 78 هدمت السلطات الإسرائيلية ثلاثة آلاف وحدة سكنية في حيي "العجمة" و"الجبلية" وعلى مدار سنوات طويلة، بعد ذلك سمحت للسكان اليهود والمستثمرين بالبناء والسكن، فيما وضعت القيود أمام الفلسطينيين ومنعتهم من التوسع والسكن، وهو أمر دفع بعشرات الشباب إلى هجرة يافا، وحتى عائلات كثيرة لم تكن قادرة على الصمود أمام مضايقات السلطات الإسرائيلية، فانتقلت للسكن في اللد أو حيفا أو بلدات عربية أخرى.
وضمن مختلف الذرائع والحجج تجاوز عدد بيوت السكان العرب المهددة بالتهجير أو الهدم 400 بيت.
تطهير عرقي
وفي حديث مع عضو الكنيست سامي أبو شحادة عن القائمة المشتركة، اعتبر أن إسرائيل تنتهج سياسة تطهير عرقي للفلسطينيين، مشدداً على أن المشكلة لا تقتصر على سكان يافا أو أي بلدة أخرى بمفردها، بل جميع البلدات العربية، يقول "نجد الذرائع ذاتها في مختلف البلدات العربية التي تواجه سياسة هدم بيوت وتهجير سكانها أو تضييق الخناق عليهم، لترك بيوتهم وأراضيهم، بالتالي السيطرة عليها وتهويدها، وهذا جانب نراه في ظاهرة ارتفاع عدد الشباب المهاجرين سواء إلى بلدات مختلطة للسكن فيها أو إلى خارج البلاد، وشيئاً فشيئاً تنجح إسرائيل في تحقيق هدفها".
وأشار أبو شحادة إلى الجهود التي يبذلها أعضاء الكنيست من القائمة المشتركة لإبقاء قضية السكن في البلدات العربية على رأس أجندة لجان الكنيست ذات الشأن، وقال إنه جرى بحث الموضوع، الأسبوع الماضي، داخل لجنتين ويتم، في هذه الأثناء، بحث سبل حل الأزمة في يافا من دون أن تضطر أي عائلة إلى ترك بيتها، بالتالي تشريد عشرات النساء والأطفال.
في هذه الأثناء، وصلت للعائلات المقيمة داخل الخيام أوامر إخلاء، ومنحتهم بلدية تل أبيب مدة حتى الثلاثاء المقبل، لكنهم يصرون على عدم تفكيك الخيام أو إخلائها، قبل أن تحصل جميع العائلات على حل جذري لقضيتها وليس حلاً مؤقتاً، كما فعلت السلطات الإسرائيلية على مدار سنوات مضت، بعد كل عملية احتجاج أقامها السكان بعد تهديدهم بطردهم من بيوتهم.