تبدّل جيل بايدن على طريقتها الهادئة دور السيدة الأولى الأميركية، الذي ما زال يتبع أنماطاً تقليدية، فهي تُسهم في جهود الترويج للقاح ضد كورونا، كما تشارك في تجمعات سياسية، لكن فقط حين يسمح لها جدول عملها كأستاذة جامعية بذلك.
أستاذة جامعية
يقول جو بايدن، "جيل ليست معي اليوم لأنها تدرّس، إنها أستاذة بدوام كامل في جامعة الولاية" في فرجينيا. وحين يبرر الرئيس غياب زوجته كما حصل الأسبوع الماضي في جنازة حاكمة ديلاوير السابقة، يكون ذلك من باب اللياقة، إنما كذلك لدوافع سياسية.
عندما عادت جيل بايدن إلى الصفوف حضورياً عند فتح الجامعات في سبتمبر (أيلول)، تصدّر الخبر الصحافة الأميركية، وكأن البلاد لم تعتد بعد على مزاولة السيدة الأولى نشاطاً مهنياً، وهو أمر يحرص البيت الأبيض على التشديد عليه.
فلم يسبق أن عملت أي سيدة أولى قبلها خارج جدران البيت الأبيض.
تزوجت جيل البالغة سبعين عاماً جو بايدن عام 1977، بعد خمس سنوات من وفاة زوجته وأم ولديه. وأنجب الزوجان لاحقاً ابنة.
واصلت جيل الحائزة من بين شهاداتها، دكتوراه في التربية، مزاولة مهنتها حين كان جو نائباً للرئيس باراك أوباما، وحين اشتد وباء كورونا، أعطت دروسها عبر الإنترنت. وهي تدرّس حالياً الإنجليزية وتقنيات الكتابة يومين في الأسبوع.
وفي ما تبقى من الوقت، يمكن للأميركيين رؤية جيل بايدن بجانب الرئيس خلال مراسم خاصة وعامة، لكنهم يرونها أيضاً أكثر وأكثر وحدها. فهي تجوب البلاد لتشجيع الأميركيين على تلقي اللقاح ضد كورونا، ووسّعت أخيراً جهودها للترويج لتلقيح الأطفال.
تجمعات انتخابية
كما شاركت في تجمعات انتخابية خلال انتخابات محلية، وشوهدت بين الحضور خلال دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو، وفي أحد المقاهي برفقة السيدة الأولى الفرنسية بريجيت ماكرون، فيما كانت واشنطن تسعى لتسوية أزمة دبلوماسية مع فرنسا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفتت تامي فيجيل، أستاذة علوم المعلومات والاتصال في جامعة بوسطن، إلى أن جيل بايدن "زادت وتيرة ظهورها العام"، معتبرة أن "الجمهور الكبير ينتظر من السيدات الأوليات أن ينشطن بشكل متزايد".
جاكي كينيدي نشطت من أجل حماية التراث الثقافي الأميركي، وبدلت ديكور البيت الأبيض. نانسي ريغان التزمت قضية مكافحة إدمان المخدرات، وميشيل أوباما أطلقت حملة واسعة النطاق لتوعية الأطفال بالغذاء الصحي وممارسة الرياضة.
أما السيدة الأولى السابقة ميلانيا ترامب، فهي "واجهت كثيراً من المشكلات، لأنها لم تنشط كما كان يجدر بها"، بحسب تامي فيجيل.
وبالمقارنة مع ميشيل أوباما التي واجهت هجمات عنصرية وذكورية بشكل صريح، ما زالت جيل بايدن حتى الآن بمنأى نسبياً عن الانتقادات، على الرغم من الانقسام السياسي البالغ الحدة في الولايات المتحدة.
لقب دكتورة
لكنها تصطدم هي أيضاً أحياناً بالمفهوم السائد لدور السيدة الأولى، الذي ما زال يخضع لأفكار تقليدية، أقله لدى قسم من الأميركيين.
ففي أبريل (نيسان) 2021، نشرت شبكة "سي أن أن" مثلاً على موقعها الإلكتروني مقالاً يدعو جيل بايدن إلى "مزيد من التحفظ في ملابسها"، بعدما ظهرت ترتدي تنورة من الجلد وجوارب مخرمة.
ورأت عالمة النفس بيغي دريكسلر، التي وقعت المقال، أنه "من ضمن عمل السيدة الأولى أن تظهر بمظهر لائق وراق".
وجاء في مقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" في ديسمبر (كانون الأول) 2020 "هل بالإمكان التخلي عن لقب دكتورة قبل اسمك؟ الدكتورة بايدن لقب يبدو أشبه بضرب احتيال، إن لم يكن مضحكاً بعض الشيء".
وأثار المقال موجة احتجاجات.
وشددت تامي فيجيل على أن "وظيفة السيدة الأولى فشلت في تمثيل واقع النساء الأميركيات".
لكن، على الرغم من مخالفتها الأعراف السائدة حتى الآن، فإن جيل بايدن تلتزم قاعدة تنطبق على جميع السيدات الأوليات اللواتي ليس لهنّ وظيفة محددة ولا صفة حكومية.
فهي لا تتدخل صراحة في السياسة، ولو أن بعض المعلقين رأوا بصماتها في خطة طرحها جو بايدن تقضي بتقديم سنتي دراسة مجانيتين في الجامعات الرسمية للشبان الأميركيين، قبل أن يتخلى عنها.
واجهت هيلاري كلينتون انتقادات شديدة لانخراطها النشط في الترويج لإصلاح نظام الرعاية الصحية في عهد زوجها بيل كلينتون.
وإن كانت حياة الرؤساء الزوجية والعائلية تبقى خاضعة لنمط "محافظ"، فإن تامي فيجيل تشير إلى أن أعضاء آخرين غير جيل بايدن في الإدارة الحالية يخالفون أيضاً الأنماط.
وتذكر على سبيل المثال نائبة الرئيس كامالا هاريس، التي يعد زوجها داغ إيمهوف أول "سيد ثان" في الولايات المتحدة، ووزير النقل بيت بوتيدجادج، الذي لا يتردد خلال مقابلاته في الحديث عن طفليه التوأمين اللذين يربيهما مع زوجه.