في وقت يستمر تعطيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، تواصل العملة اللبنانية تراجعها، وقد وصلت، الخميس 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، إلى مستوى منخفض جديد مقابل الدولار.
وفقدت الليرة الآن أكثر من 93 في المئة من قيمتها منذ صيف 2019 عندما بدأت الانفصال عن سعر الصرف البالغ 1515 ليرة للدولار الذي كانت مربوطة عنده منذ 1997.
وقال عدد من صرافي العملات في بيروت إن الليرة بلغت نحو 24200 دولار، متراجعة لما دون أدنى مستوى على الإطلاق عند نحو 24 ألفاً المسجل في يوليو (تموز).
ويئن لبنان تحت وطأة انهيار اقتصادي وصفه البنك الدولي بأنه أحد أسوأ حالات الكساد في التاريخ الحديث.
وتعود الأزمة إلى حد كبير لعقود من الفساد وسوء الإدارة من النخب السياسية.
وشكل لبنان حكومة جديدة في سبتمبر (أيلول) برئاسة ميقاتي، من أهدافها التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي الذي ينظر إليه على أنه مهم للإفراج عن مساعدات دولية لوقف الأزمة.
غير أن الحكومة لم تجتمع منذ أكثر من 40 يوماً، وهو غياب بدأ بمسعى من "حزب الله" المدعوم من إيران وحلفائه لتنحية القاضي طارق بيطار الذي يحقق في انفجار مرفأ بيروت في أغسطس (آب) 2020، وأودى بحياة أكثر من 215 شخصاً وتسبب في أضرار بمليارات الدولارات.
التدقيق الجنائي
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون طلب، الأربعاء، من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تقديم بيانات لتدقيق جنائي يتعلق بأنشطة المصرف، قائلاً إن شركة "ألفاريز أند مارسال" المتخصصة في استشارات إعادة الهيكلة ذكرت أنها لا تملك المعلومات التي تحتاج إليها على الرغم من مرور شهر على بدء عملها.
وأدلى عون بهذه التصريحات أثناء اجتماع مع سلامة ووزير المالية يوسف خليل بشأن التدقيق، وهو جزء من جهود لمعالجة تداعيات الانهيار المالي للبنان في 2019 الذي دفع قطاعات واسعة في البلاد إلى براثن الفقر.
وقالت الرئاسة في بيان إن سلامة وخليل أبلغا الرئيس أنهما "يجريان ما يلزم وبالسرعة الممكنة لهذه الغاية" لتلبية طلبات الشركة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت "ألفاريز أند مارسال" قد انسحبت من عملية التدقيق في حسابات البنك المركزي في نوفمبر 2020 لعدم حصولها على البيانات المطلوبة لتنفيذ المهمة. ووافقت على العودة في سبتمبر (أيلول) 2021 بعد أن وعدت السلطات بضمان حصولها على كل ما تحتاج إليه.
وقال مصدر مسؤول لوكالة "رويترز" إن "ألفاريز أند مارسال" أبلغت الرئاسة قبل أيام أنها ستنسحب مجدداً إذا لم تتلق مزيداً من المعلومات من البنك المركزي، وهو ما دفع الرئيس إلى استدعاء حاكم مصرف لبنان.
ولم ترد الشركة أو البنك المركزي حتى الآن على طلبات للتعقيب.
وطالب صندوق النقد الدولي والمانحون الأجانب بالتدقيق الجنائي شرطاً للإفراج عن أموال يحتاج إليها لبنان بشدة للخروج من أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها منذ الحرب الأهلية عصفت بالبلاد بين عامي 1975 و1990.
وقال البنك المركزي، الثلاثاء، إنه لبى شروط "ألفاريز أند مارسال" اللوجستية وقدم البيانات، لكنه تلقى طلباً في 11 نوفمبر بشأن توضيحات يعكف على العمل عليها.
وذكر المصدر المسؤول أن البنك المركزي ظل يتأخر حتى أبلغت الشركة رئاسة الجمهورية بأنها ستتوقف ما لم يقدموا إليها البيانات.
قطع طريق بيلاروس
وفي سياق متصل، طلب وزير السياحة اللبناني وليد نصار، الخميس، من وكالات السياحة والسفر وقف الترويج لبيلاروس كـ"وجهة سياحية"، في محاولة للحد من انطلاق مسافرين من مطار بيروت في اتجاه مينسك.
وجاء في بيان الوزير "بسبب تفاقم الأوضاع على الحدود البيلاروسية والبولندية جراء توافد مهاجرين بصفة سياح إلى بيلاروسيا من منطقة الشرق الأوسط للدخول إلى بولندا، وحيث إن بعض الراغبين في الهجرة من رعايا شرق أوسطية وأفريقية يعتمدون مطار رفيق الحريري الدولي كنقطة انطلاق إلى بيلاروس مستخدمين طيران بيلافيا، يطلب من وكالات السياحة والسفر عدم ترويج بيلاروس كوجهة سياحية للحد من هذه الهجرة غير المشروعة".
ويستخدم لبنانيون وسوريون وعراقيون، من بين جنسيات أخرى، مطار بيروت للتوجه إلى بيلاروس.
وقال مصدر رسمي رفض الكشف عن هويته لوكالة الصحافة الفرنسية قبل نحو أسبوعين إن سلطات المطار بدأت منذ الشهر الماضي منع العراقيين الوافدين إلى بيروت من التوجه على متن رحلات للخطوط البيلاروسية "لمعرفتنا أنهم مهاجرون غير شرعيين". وباتت "أكثر تشدداً" إزاء المسافرين اللبنانيين والسوريين المقيمين في لبنان باتجاه مينسك.
وفي سوريا المجاورة، أعلنت شركة "أجنحة الشام"، خطوط الطيران السورية الخاصة الوحيدة التي تتجه إلى بيلاروس، في 13 من نوفمبر الحالي تعليق رحلاتها إلى مطار مينسك، في محاولة للحد من تدفق المهاجرين مع صعوبة التمييز بينهم وبين المسافرين العاديين.
وفي الأسابيع الماضية، واجهت بولندا عند حدودها مع بيلاروس تدفقاً كبيراً لأشخاص يتحدرون من دول الشرق الأوسط خصوصاً. ونددت وارسو مرات عدة "بحرب هجينة" تقوم بها مينسك.
وفيما وعدتهم بيلاروس بمرور سهل إلى أوروبا، وجد هؤلاء المهاجرون أنفسهم عالقين عند الحدود في ظروف صعبة وفي خيم بالغابات وسط الصقيع. ولقي ما لا يقل عن 11 شخصاً حتفهم على جانبي الحدود.
ويتهم الاتحاد الأوروبي مينسك بتدبير هذا الأمر رداً على عقوبات غربية طاولت نظام الرئيس ألكسندر لوكاشينكو العام الفائت بعد قمعه العنيف معارضيه.