هددت الولايات المتحدة، الخميس، بمواجهة إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر المقبل إذا لم تتعاون تعاوناً أكبر مع الوكالة، في تصعيد قد يقوض المحادثات الرامية لإحياء الاتفاق النووي مع إيران عام 2015.
وتخوض طهران عدة أزمات مع وكالة الطاقة الذرية التي يعقد مجلس محافظيها المؤلف من 35 دولة اجتماعاً ربع سنوي الأسبوع المقبل.
وسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب واشنطن من الاتفاق الذي رفع العقوبات عن إيران في مقابل قيود على أنشطتها النووية. كما أعاد ترمب فرض عقوبات صارمة عليها ووسعت طهران بعدها تدريجاً نشاطها النووي وقلصت التعاون مع الوكالة.
عبد اللهيان والعقوبات
من جهته قال وزير الخارجية الإيراني اليوم الجمعة إن بلاده تريد رفع جميع العقوبات، قبل ثلاثة أيام من استئناف المحادثات النووية في فيينا.
وقال الوزير حسين أمير عبد اللهيان في محادثة هاتفية مع جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي "إذا كانت الأطراف المتعارضة على استعداد للعودة لكامل التزاماتها ورفع العقوبات، فسيكون بالإمكان التوصل إلى اتفاق جيد بل وفوري".
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن أمير عبد اللهيان قوله "تريد إيران اتفاقا جيدا يمكن التحقق منه".
إيران ترفض كاميرات المراقبة وواشنطن تهدد
وتمنع إيران دخول الوكالة لإعادة تثبيت كاميرات مراقبة في ورشة في مجمع تيسا كرج. كما تريد الوكالة إجابات بشأن مصدر جزيئات يورانيوم عُثر عليها في مواقع قديمة لكنها غير معلنة فيما يبدو، وتقول إن إيران تواصل تعريض مفتشيها لتفتيش جسدي مبالغ فيه.
وقالت الولايات المتحدة في بيان لمجلس محافظي الوكالة "إذا لم يُعالج عدم تعاون إيران فوراً... لن يكون أمام المجلس خيار سوى معاودة الاجتماع في جلسة استثنائية قبل نهاية العام للتعامل مع الأزمة".
وذكرت أنها تشير "على الأخص" إلى إعادة تركيب كاميرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ورشة كرج، التي تصنع أجزاء لأجهزة الطرد المركزي المتطورة التي تخصب اليورانيوم.
وتعرضت الورشة فيما يبدو لعملية تخريب في يونيو (حزيران) تقول طهران إنها هجوم شنته إسرائيل دمر واحدة من أربع كاميرات تابعة للوكالة هناك، وإن اللقطات التي صورتها الكاميرا المدمرة مفقودة. وأزالت إيران كل الكاميرات بعد الواقعة، ولم تعلق إسرائيل على الأمر.
تصعيد دبلوماسي مرتقب
وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، الأربعاء، إنه لا يعلم ما إذا كانت الورشة قد عادت للعمل أم لا وإن الوقت المتاح للتوصل إلى اتفاق ينفد.
وسيكون الهدف على الأرجح من عقد اجتماع استثنائي لمجلس محافظي الوكالة تمرير قرار ضد إيران، مما سيكون تصعيداً دبلوماسياً سيثير غضبها على الأغلب.
وقد يهدد ذلك المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بشأن إحياء الاتفاق النووي المقرر استئنافها يوم الاثنين.
معاملة تمييزية
واتهمت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بـ"معاملة تمييزية" بعد أيام قليلة على استضافتها غروسي في طهران.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الناطق باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، بهروز كمالفندي، مساء أمس الخميس، للتلفزيون الرسمي "إنه واقع. لا تعامل الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران كما يجب، وذكَّرنا بذلك عدة مرات".
واعتبر أن إيران تعامَل بهذه الطريقة، لأن "المنظمات العالمية خاضعة لتأثير الدول القوية". مضيفاً "تموّل الدول القوية هذه المنظمات وتضغط عليها".
ويترقب الجميع استئناف المفاوضات، الاثنين في فيينا، بعد تعليقها منذ يونيو (حزيران) بين إيران والقوى الكبرى المشاركة في الاتفاق النووي المبرم في 2015، في محاولة لإنقاذه.
محادثات بناءة ولكن
وأعلن رافاييل غروسي، الأربعاء، في اليوم الأول من اجتماعات حكام الوكالة إثر عودته من طهران، أن "المحادثات كانت بناءة، لكننا لم نتمكن من التوصل إلى اتفاق على الرغم من كل جهودي".
وقال كمالفندي "نحاول، في مواجهة سلوك المجتمع الدولي تأكيد حقوقنا والتصدي للصورة السلبية التي يحاولون أن يفبركوها ضدنا. يقول (الغربيون) إننا نسعى إلى الحصول على سلاح نووي، وإنه يجب منعنا من ذلك بأي ثمن".
وأضاف "الصناعة النووية صناعة أساسية، ويجب أن ننخرط فيها. علينا أن لا نستسلم، وأن نواصل جهودنا".
وأبرم الاتفاق بين إيران من جهة والولايات المتحدة وبريطانيا والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى، ونص على رفع جزء من العقوبات الدولية التي تخنق اقتصاد طهران مقابل الحد بشكل كبير من نشاطاتها النووية ووضع برنامجها النووي تحت رقابة صارمة من الأمم المتحدة.
غير أن مفاعيل الاتفاق باتت في حكم اللاغية منذ 2018، عندما انسحبت الولايات المتحدة منه أحادياً في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، وأعادت فرض عقوبات قاسية على إيران.
ورداً على ذلك، بدأت إيران عام 2019 التراجع تدريجياً عن تنفيذ عديد من التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق. وفي حين تتهم الدول الغربية إيران بـ"انتهاك" الاتفاق من خلال هذا التراجع، تؤكد طهران أن خطواتها "تعويضية" بعد الانسحاب الأميركي.
وستشارك في مفاوضات فيينا طهران والدول التي لا تزال طرفاً في الاتفاقية، فيما ستكون مشاركة الولايات المتحدة غير مباشرة.