أعلن وزراء في الحكومة البريطانية أن الخزينة العامة ستتحمل ما يزيد على مليارين وربع المليار دولار (1.7 مليار جنيه إسترليني) لضمان استمرار عمل شركة "بالب" حتى بيعها أو إعادة هيكلتها. وأبلغ وزير الأعمال كوازي كوارتنغ نواب البرلمان، الأربعاء، أن الحكومة تطمئن البرلمان بأن تلك العملية لن تستمر أطول مما هو ضروري، وأن هدفها فقط الحفاظ على إمدادات الطاقة لعملاء الشركة من الأسر البريطانية.
وتلك هي المرة الأولى التي تستخدم فيها آلية "الإدارة الخاصة" كي تنقذ الحكومة شركة خاصة من الإفلاس في الفترة التي تخضع فيها الشركة للحماية من الدائنين. ومنذ أغسطس (آب) الماضي أفلست 20 شركة من شركات توريد الطاقة للبيوت في بريطانيا. وفي أغلب الحالات تم نقل عملاء تلك الشركات المفلسة إلى شركات أكبر. وتأثر في تلك الفترة حوالى 4 ملايين بيت بريطاني بتلك الأزمة. لكن في حالة "بالب"، وهي سابع أكبر شركة توريد طاقة للمنازل في بريطانيا، فإن عدد عملائها كبير بالشكل الذي لا يمكن تحميله على شركات أخرى من الخمسة الكبار في القطاع.
ويبلغ عدد عملاء "بالب" 1.7 مليون بيت في بريطانيا، وبالتالي ستتحمل الخزينة البريطانية من أموال دافعي الضرائب ما يقارب 1500 دولار (ألف جنيه إسترليني) لكل عميل من عملاء الشركة المنهارة. وعنونت وسائل إعلام بريطانية تقاريرها، الخميس، بهذا الرقم "دافع الضرائب يتحمل 1000 جنيه لكل عميل لشركة بالب".
أزمة أسعار الطاقة
يتوقع كثير من المحللين ألا يبقى في بريطانيا أكثر من 10 شركات توريد طاقة للمنازل من نحو 50 شركة كانت موجودة في السوق حتى يونيو (حزيران) الماضي. وبدأت الشركات الصغيرة في الانهيار هذا الصيف مع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي بما يقارب 4 أضعاف وارتفاع سعر الكهرباء بالجملة.
ورغم أن هيئة تنظيم توريد الطاقة للمستهلكين (أوفجيم) رفعت سقف الأسعار هذا العام، وبدأت الشركات تنفذ ذلك من أول أكتوبر (تشرين أول) فإن الفارق بين أسعار الطاقة بالجملة والسعر الذي تعاقدت عليه الشركات مع عملائها زاد من خسائر الشركات. لذا بدأت الشركات الصغيرة التي حاولت كسب نصيب من السوق بالتعاقد مع العملاء بأسعار ثابتة لمدد طويلة تثقل بالديون والخسائر نتيجة شرائها الطاقة بالجملة بأسعار أعلى مما تورد به للمستهلك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تقول كريستينا ماكينيا، الأمين العام لأكبر نقابات العمال في بريطانيا (يونيسون) كما نقلت عنها صحيفة "إيفننغ ستاندرد": "في كل مرة تفلس شركة يكون على عملائها من مستهلكي الطاقة تحمل الكلفة. وقد يعني انهيار شركة بالب زيادة بمقدار نحو 200 دولار (150 جنيهاً إسترلينياً) على فاتورة الغاز والكهرباء لكل أسرة... هذا إضافة إلى نحو 200 دولار (150 جنيهاً إسترلينياً) أخرى يتحملها بالفعل كل مستهلك كتكلفة للعديد من الشركات التي انهارت منذ بداية الصيف. هذه الزيادة في كلفة الفواتير ستضر بالكل، وبالأسر الأقل دخلاً بشكل أكبر".
هناك 15 مليون مستهلك يحصلون على الطاقة لبيوتهم من تلك الشركات، ولا يعرف بعد حجم الكلفة التي ستقع على المواطنين مع استمرار إفلاس الشركات الصغيرة التي غامرت من دون تحسب لارتفاع أسعار الغاز والكهرباء بالجملة. وتلقي الشركات ورجال الأعمال على هيئة تنظيم استهلاك الطاقة (أوفجيم) لوضعها سقفاً للأسعار لحماية المستهليكن من تغول الشركات.
حتى حزب العمال المعارض انتقد افتقار قطاع توريد الطاقة للبيوت للتنظيم وتعديل القواعد بما يحول دون تلك الإفلاسات. وقال وزير الأعمال في حكومة الظل المعارضة إد ميليباند، إن تلك الأزمة في هذا القطاع تشير إلى "خلل منهجي في إجراءات التنظيم والرقابة". لكنه أضاف في البرلمان، الأربعاء: "الشركات تقوم بعمليات مغامرة ومضاربات ويسمح لها بالقيام بذلك".
كان رئيس الحكومة بوريس جونسون امتدح شركة "بالب" قبل أربعة أشهر فقط حين زار مقرها الرئيس في لندن، ووصفها بأنها "رائعة". ودخلت الشركة قطاع توريد الطاقة للبيوت في عام 2015 وحققت نمواً سريعاً نتيجة جرأتها في جذب العملاء من الشركات الأخرى بإغراء الأسعار المخفضة والمثبتة لفترات طويلة. لكنها لم تعتمد أي خطط تحوط لتقلبات سوق الجملة، فوصلت إلى الإفلاس.