تلقّت حكومة المملكة المتّحدة تحذيرات من أن اللاجئين الأفغان المؤهّلين للاستفادة من برنامج إعادة التوطين في المملكة المتّحدة الذي تأخر إقراره ثلاثة أشهر، يمكن أن "يواجهوا خطر الموت قبل أن يبدأ العمل به".
وكان وزراء قد تعهّدوا بإخراج ما يصل إلى 20 ألف أفغاني من البلاد، بعد سيطرة حركة "طالبان" عليها في أغسطس (آب) الفائت، لكن المخطط لم يبدأ العمل به بعد، وما زال في مرحلة الإعداد.
واتّهم ناشطون الحكومة البريطانية بـ "التلكؤ" بعدما فشلت في التأهب لعواقب الانسحاب العسكري من أفغانستان، في حين قالت برلمانية إن اثنين من أقارب أحد ناخبيها، قُتلا على يد حركة "طالبان".
يأتي التأخير في الوقت الذي تتّجه فيه الحكومة نحو تجريم جميع طالبي اللجوء الذين يصلون إلى بريطانيا على متن قوارب صغيرة، أو عبر طرق أخرى غير شرعية. ويُعتقد أن 10 مهاجرين على الأقل قد غرقوا في بحر المانش في الأسابيع الأخيرة.
فيكتوريا أتكينز وزيرة الدولة المسؤولة عن إعادة توطين الأفغان في المملكة المتّحدة، قالت لـ "مجلس العموم": "إننا نعمل بشكل عاجل عبر الحكومة ومع شركاء مثل المفوّضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتّحدة UNHCR، على تصميم الخطة. ونواصل دعم آلاف الأشخاص الذين تم إجلاؤهم بنجاح من أفغانستان في إطار "عملية بيتينغ" Pitting Operation (عملية عسكرية بريطانية لإجلاء الرعايا البريطانيين والأفغان المؤهلين من أفغانستان بعد سيطرة "طالبان" على البلاد)، وسنواصل دعم أولئك الذين يحقّ لهم الاستفادة من المخطط عند اطلاقه".
أما البرلمانية في حزب "العمّال" هيلين هايس، فأوضحت أن شقيق أحد ناخبيها يعيش مختبئاً في أفغانستان مع زوجته وأطفاله. وقالت إنه "منذ انتهاء عمليّات الإجلاء، فقدوا عمّاً وابن عمّ، وكلاهما قُتلا على يد حركة "طالبان"، فيما تلقّيا عدداً من رسائل التهديد. إنهم يعيشون في خوف يومي على حياتهم، وعلى الرغم من ذلك، فإن الحكومة تمتنع عن إصدار وثائق تمنحهم أفضل فرصةٍ لعبورٍ آمنٍ إلى المملكة المتحدة عبر بلدٍ ثالث".
وأشارت الوزيرة أتكينز إلى أن الوضع الأمني في أفغانستان تسبّب في غياب الوجود القنصلي للمملكة المتّحدة هناك، لكن الحكومة "تعمل بوتيرة سريعة" لبدء عملية إعادة التوطين. وأضافت: "نريد وضع المخطّط كي يكون مثالاً لطريق آمن وقانوني، بموجب خطة الهجرة الجديدة للحكومة".
النائب في حزب "العمّال" بامبوس تشارالمبوس نبّه إلى "وجود خطرٍ حقيقي من أن يُقتل الأشخاص الذين تهدف الخطة إلى مساعدتهم، قبل أن يبدأ العمل بها".
الوزيرة أتكينز أكّدت أنه تمّ إجلاء 15 ألف شخص في إطار "عملية بيتينغ" الطارئة، وأن هناك اتفاقاتٍ مع دولٍ ثالثة، لإخراج المزيد من الأفراد من أفغانستان. وحرصت على تأكيد أن المملكة المتّحدة "تفي بالتزاماتها" تجاه المترجمين وغيرهم من الأفغان الذين أصبحوا أهدافا لـ"طالبان"، بسبب عملهم مع الجيش البريطاني.
لكن لويز كالفي رئيسة الخدمات في منظّمة "ريفوجي أكشن" Refugee Action (مؤسّسة خيرية مستقلة تقدّم المشورة والدعم للاجئين وطالبي اللجوء في المملكة المتّحدة)، رأت أنه "لا يمكن الدفاع عن حقيقة أن الحكومة ما زالت تتباطىء حيال تفاصيل خطة إعادة توطين الأفغانيّين، بعد ثلاثة أشهر من سقوط كابُل. وتُعزى هذه التأخيرات جزئياً إلى الرفض السابق الذي أبدته الحكومة حيال التزام برنامج إعادة توطين طويل الأجل، الأمر الذي جعلها غير مهيّأة تماماً عند الحاجة إليه".
وأضافت كالفي أن "هذا لا يشكّل عذراً لعدم المساعدة الآن. يجب على الحكومة أن تستخدم، على وجه السرعة، خطة إعادة التوطين المعمول بها الآن في المملكة المتّحدة، لتحديد اللاجئين الأفغان المعرّضين للخطر ونقلهم، كي يتمكّنوا من البدء في إعادة بناء حياتهم هنا بأمان".
ليزا دويل مديرة الدعم القانوني في "مجلس اللاجئين" Refugee Council (منظّمة تساعد اللاجئين وطالبي اللجوء في بريطانيا)، أشارت إلى أنها "شعرت بخوف" من نتائج التأخير الحاصل، وقالت: "ما زال الوضع في أفغانستان شديد الخطورة نتيجة تعرّض عددٍ من الأشخاص لخطر الاضطهاد. ويتعيّن على الحكومة أن تقدّم توضيحاً عاجلاً في شأن متى يمكننا توقّع بدء العمل بالمخطّط".
وفي أثناء المناقشة البرلمانية نفسها، دافعت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل عن مجموعة من القوانين الجديدة التي من شأنها تجريم أيّ لاجئ - بمَن فيهم الأفغان - الذين يعبرون القناة الإنجليزية على متن قوارب صغيرة، أو بأي وسيلةٍ أخرى من دون "إذنٍ بدخول البلاد".
وقالت باتيل للبرلمان إن "الخطة الجديدة للهجرة، و”مشروع قانون الجنسية والحدود” Nationality and Borders Bill، يشكّلان أهميةً محورية بالنسبة إلى الإصلاح الشامل للنظام بأكمله. إذ لا يوجد حلٌّ واحد".
وقال عدد من أعضاء البرلمان في حزب "المحافظين" إن ناخبيهم يشعرون باستياء ممّا يزيد عن 25 ألف عملية عبور للقناة حتى الآن هذه السنة - أي أكثر من ثلاثة أضعاف العدد الإجمالي المسجّل في العام 2020 - ويطالبون الحكومة باتّخاذ إجراء في هذا الشأن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي مناظرة يوم الاثنين، لم تؤكّد وزيرة الداخلية البريطانية ما إذا كانت عمليات إعادة القوارب المخطط لها قد حدثت، أو ما إذا كانت الحكومة ستقوم بإحالة طالبي اللجوء "في الخارج" إلى بلد ثالث.
نيك توماس سيموندز وزير الداخلية في حكومة الظل "العمّالية"، حضّ الوزيرة باتيل على "الإقرار بالمسؤولية" عن هذا الوضع، بدلاً من إلقاء "خطب فارغة ووعود كاذبة"، على حدّ تعبيره.
وأضاف: "إن تعامل الحكومة مع السلطات الفرنسية يصب في خانة الفشل. فقد أغلقت الطرق الآمنة، مثل خطة “دوبس” Dubs (أقرتها حكومة رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون العام 2016، بعد ارتفاع عدد اللاجئين الذين يصلون إلى أوروبا بسبب الحرب السورية، وكانت تلتزم نقل الأطفال طالبي اللجوء من القارة ودعمهم)، وخفّضت موازنة المساعدات التي كانت تعالج الأسباب المؤدّية إلى فرار الناس من بلادهم".
وتابع قائلا: "في الأسبوع الماضي، تعهّدت وزيرة الداخلية مرّةً أخرى بجعل طريق عبور القناة غير ممكنة. لكن شيئاً لم يحدث، بحيث يواصل مزيد من الناس المخاطرة بحياتهم".
ورأى توماس سيموندز أن وزيرة الداخلية لم "تخسر ثقة بلدها بها فحسب، بل أيضاً ثقة زملائها"، وذلك بعد فشلها في استبدال اتفاق كان سارياً خلال فترة ما قبل "بريكست"، وكان يسمح بإعادة طالبي اللجوء إلى دول الاتّحاد الأوروبي التي مرّوا بها سابقا.
وردّت باتيل بأن "الجواب على سؤال السيد توماس هو “لا”، من دون أيّ تراجع". وقالت في وقتٍ لاحق إن الوضع كان ليصبح "أسوأ بكثير لولا العمل الذي لم تقم به الحكومة حتى الآن".
ودعا عددٌ من من النواب وزيرة الداخلية إلى سحب الادّعاءات السابقة المتمثّلة في أن 70 في المئة من الأشخاص الذين يعبرون القناة هم "مهاجرون اقتصاديّون"، بعدما توصّلت دراسة اعتمدت على استخدام بيانات وزارة الداخلية، إلى أن ما يقرب من ثلثي أولئك الأفراد قد مُنحوا الحماية كلاجئين.
لكن باتيل رفضت ذلك، وكرّرت تأكيداً لم يتمّ التحقق من صحّته، مفاده أن "70 في المئة من الرجال هم من غير المتزوّجين وهم من المهاجرين لأسباب اقتصادية". لكن، لا بدّ من الإشارة إلى أن الجنس والحالة الاجتماعية لا يؤثران على وضع اللاجئين في القانون.
السيدة دويل من "مجلس اللاجئين" قالت إن "بيانات وزارة الداخلية تشير إلى أن الغالبية العظمى من الرجال والنساء والأطفال الذين يعبرون القناة، ينتمون إلى بلدان ينتشر فيها الاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان، وبالتالي هنالك احتمال كبير بأن يحظوا بالحماية اللازمة".
وختمت بالقول: "بدلاً من اللجوء إلى إنكار هذه الحقيقة، يتعيّن على هذه الحكومة أن تظهر بعض التعاطف، من خلال الترحيب باللاجئين الذين يحتاجون للحماية، وليس السعي إلى إعادتهم بقسوة عبر القناة أو معاقبتهم بالسجن".
© The Independent