حسم القضاء الليبي الجدل الذي صاحب ترشح رئيس الحكومة الليبية الحالية، عبدالحميد الدبيبة، للانتخابات الرئاسية، بقبول محكمة استئناف طرابلس الطعون المقدمة ضد ترشحه، ما يعني استبعاده رسمياً من السباق نحو المنصب الرئاسي.
وبخسارة الدبيبة معركته القانونية للترشح لمنصب رئيس الدولة، توجهت أنظار كل الليبيين نحو الجنوب وعاصمته مدينة سبها، حيث يحدد القضاء اليوم، 29 نوفمبر (شرين الثاني)، مصير المرشح البارز الثاني سيف الإسلام معمر القذافي، وسط غموض وتباين للآراء حول النتيجة التي ستخرج بها المحكمة، حين تنظر في الطعن الذي قدمه فريقه القانوني ضد استبعاده من الانتخابات الرئاسية.
ثالث الثلاثة المرشحين بقوة للفوز بمنصب أول رئيس دولة منتخب في تاريخ ليبيا، قائد الجيش في بنغازي، خليفة حفتر، الذي تجاوز مرحلة الطعون القانونية بسلام، إذ رفضت محكمتا بنغازي وطرابلس الطعون المقدمة ضد ترشحه للانتخابات الرئاسية.
القضاء يقصي الدبيبة
وألغت محكمة استئناف طرابلس قرار قبول ترشح رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، لخوض الانتخابات الرئاسية، في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وقبلت طعنين في ترشح الدبيبة، أولهما مقدم على الترتيب، من المرشحين، عارف النايض، وعثمان عبدالجليل، ومحمد المنتصر، وعضوي ملتقى الحوار السياسي أحمد الشركسي والسيدة اليعقوبي، والناخب المهدي عبدالعاطي.
وقدم الطعن الثاني، الذي قبل أيضاً، المرشح الرئاسي وزير الداخلية بحكومة الوفاق فتحي باشاغا، واعترض الطعنان على مخالفة الدبيبة قانون الانتخابات الرئاسية وعدم تقيده بشرط المادة 12 منه.
وبينت صحيفة الطعن أن "حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبدالحميد الدبيبة، جاءت نتاج خريطة طريق أفرزت حكومة لتأمين الانتخابات، ودعمها، وليس للترشح لها، فضلاً عن توقيعه بخط يده تعهدين ملزمين للأمم المتحدة والشعب الليبي وملتقى الحوار السياسي بعدم الترشح، والتعهدات من العقود التي تعد شريعة المتعاقدين"، وذكر الطعن أن "خريطة الطريق المذكورة نصت على عدم ترشح أعضاء الحكومة للانتخابات، والإخلال بها يهدد عملية السلام"، مبيناً أن "الدبيبة لم يعترف بسحب الثقة من حكومته، الذي استند إليه كمسوغ قانوني لترشحه المخالف للمادة 12 من قانون الانتخابات الرئاسية، وأعلن أمام حشد بميدان الشهداء رفضه القرار، واعتبره غير شرعي، واستمر بمهامه ".
بين القضاء وصندوق الاقتراع
وأيّدت فاطمة الزهراء لنقي، عضو ملتقى الحوار السياسي، قرار رفض ترشح رئيس الوزراء الحالي للانتخابات الرئاسية، قائلة إن "القبول بترشح عبدالحميد الدبيبة، رئيس الحكومة التي اختيرت لتشرف على العملية الانتخابية بحسب خريطة الطريق، يطعن في سلامة وحيادية العملية الانتخابية من أساسها".
أضافت، "التعهدات والالتزامات التي قدمها المترشحون للسلطة التنفيذية أمام ملتقى الحوار السياسي جزء لا يتجزأ من خريطة الطريق، التي تم اعتمادها من قبل مجلس الأمن ومقررات مؤتمري برلين وباريس". وأشارت إلى أن "اختيار هذه السلطة في المرحلة التمهيدية لتقود البلاد للانتخابات، لا أن تعرقلها أو تختطفها".
في المقابل، رفض المحلل السياسي محمد بويصير إخضاع عملية الترشح للانتخابات في ليبيا إلى أحكام القضاء، قائلاً إن "الهزيمة يجب أن تكون بالصندوق، وليس من خلال قرار قاضٍ". ورأى بويصير أن "السياسة عمل شعبي، وليس عمل القضاء، وإقصاء أي مرشح يجب أن يكون عبر صناديق الاقتراع، حتى لا يتحول إلى بطل شعبي، لم يتمكن من المنافسة على أصوات الليبيين". واعتبر أن "الانتخابات في ليبيا مبنية على التنكيل بالطرف الآخر، باعتبار أن كل المؤسسات تحولت لأدوات، فضلاً عن تهديد القضاة الذين قد يلجأ أحدهم لإصدار قرار ينقذ به حياته".
رفض الطعون على ترشح حفتر
في السياق، رفضت لجنة الطعون بمحكمة استئناف طرابلس، الأحد، الطعن المقدم ضد المرشح الرئاسي خليفة حفتر، بسب عدم الاختصاص، وقالت اللجنة في توضيح لأسباب رفض الطعن، إن "المجلس الأعلى للقضاء كان قد حدد نطاق اختصاص نظر الطعون في المادة الخامسة من قرار إنشاء اللجنة". وأشارت اللجنة إلى أن "رفضها للطعن جاء لأن الطعن يجب أن يقدم أمام لجنة الطعون الابتدائية بمحكمة استئناف بنغازي، وذلك كونها نطاق المواطن المترشح المطعون ضده".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي مقر الاختصاص، رفضت لجنة الطعون الابتدائية بمحكمة استئناف بنغازي، الطعن المقدم ضد المرشح للانتخابات الرئاسية، خليفة حفتر، المقدم من المرشح الآخر، عبدالمجيد سيف النصر، لضعف الحجج القانونية التي طعنت في ترشح حفتر للمنصب الرئاسي.
من جانبه، أبدى المرشح الرئاسي عبدالمجيد سيف النصر قبوله بالأحكام القضائية، الصادرة في بنغازي وطرابلس، وبين سيف النصر أنه "تقدم بطعن ضد المرشح الرئاسي خليفة حفتر في بنغازي، الخميس الماضي"، مشيراً إلى أن "رفض الطعن أمر متروك للقضاء، ولا نتدخل فيه، لكننا سنبحث مع المحامي الخاص إمكانية استئناف الطعن في بنغازي، إذا كان ذلك ممكناً من جديد".
سبها محط الأنظار
في سبها، بالجنوب الغربي، علقت محكمة المدينة، الأحد، جلسة النظر في الطعن المقدم من المرشح للرئاسة سيف الإسلام القذافي، إلى اليوم الاثنين، لعدم اكتمال أعضاء الهيئة القضائية التي تتكون من ثلاثة قضاة، وشهد مقر المحكمة، الخميس الماضي، هجوماً مسلحاً على المحكمة وطرد موظفيها، ما أدى لعرقلة إجراء الطعن المقدم من قبل محامي سيف، وأثار جدلاً واسعاً واعتراضات كثيرة داخل البلاد وخارجها.
وكان سيف الإسلام معمر القذافي قد قدم طعناً لمحكمة سبها، بعد إدراج المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، اسمه على قوائم المرفوضين للترشح لانتخابات الرئاسة، استناداً لحكم سابق عليه بتهمة جنائية تمنعه من الترشح. وقال عضو الفريق السياسي لسيف الإسلام القذافي، محمد القلوشي، إن "الطعن قدم من قبل الفريق القانوني لسيف الإسلام معمر القذافي لمحكمة سبها بسبب استبعاد سيف الإسلام من الانتخابات الرئاسية، استناداً على مادتين لا تنطبقان عليه".
وكشفت مصادر ليبية متطابقة عن أن خالد الزايدي، محامي سيف الإسلام القذافي، قد وصل إلى مدينة طرابلس للقاء عدد من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء. وأشارت المصادر إلى أن "لقاء الزايدي أعضاء المجلس سيتناول الأحداث الأخيرة التي شهدت تأخير تقديم طعن فريق دفاع سيف الإسلام ضد قرار المفوضية العليا للانتخابات أمام محكمة سبها". وأوضحت أن "محامي سيف الإسلام القذافي، يسعى لتغيير الموطن المختار لموكله من مدينة سبها ليكون في مدينة طرابلس، بعد الأحداث الأخيرة التي صاحبت تقديم الطعن على قرار استبعاده من الانتخابات الرئاسية".
شهر الحسم
ومع بقاء أقل من شهر على الموعد المحدد للانتخابات الرئاسية، وبعد المخاض القانوني لفرز المرشحين، الذي أوشك أن ينتهي، ونتج عنه استبعاد رئيس الوزراء الحالي، عبدالحميد الدبيبة، ترى معظم الآراء في ليبيا أن المنافسة حالياً شبه منحصرة بين خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي، ومصير الأخير في الترشح الذي يحدده القضاء، سيحدد معه وجهة المنصب الرئاسي، ومن سيشغله بنسبة كبيرة، من دون إغفال سناريوهات محتملة، منها تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى موعد لاحق، بسبب الشحن السياسي المرتبط بالانتخابات، الذي حذر من تبعاته رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، قبل أيام قليلة.