فازت مجموعة "إشارة لا تلفت الانتباه" للقاص والروائي الإماراتي سلطان العميمي بجائزة العويس للإبداع القصصي والروائي بينما تم حجب جائزة الشعر والمسرح في القسم الأدبي من الجائزة. والمجموعة القصصية الفائزة (الدار العربية للعلوم- ناشرون ودار ثقافة)، ترسخ التجربة التي يخوضها العميمي منذ سنوات، باحثاً عن خصائص غير مألوفة في الأسلوب والتقنيات والمقاربات القصصية. وقد تمثل القصة الأولى التي حملت المجموعة عنوانها "إشارة لا تلفت الانتباه" مدخلاً إلى عالم المجموعة القصصية. ففي هذه القصة يختلط اسم الكاتب أو الراوي الذي هو سلطان العميمي نفسه باسم كاتب آخر يظهر توهيمياً أنه هو صاحب القصة نفسها "إشارة لا تلفت الانتباه". لكنّ الطرافة تتجلى في كون المؤلف الثاني المدعي أنه المؤلف الأصلي يقيم في السنغال وأسمه عبد الحق ماواقا وقد أرسل إلى الراوي أو الكاتب نفسه ظرفاً عبر البريد، يضم المجموعة القصصية "إشارة لا تلفت الانتباه" موقعة باسمه. وكان الكاتب العميمي استبق هذا الحادث اللامتوقع متحدثاً عن اتصالات هاتفية كانت تأتيه من إحدى الدول الأفريقية، وكان المتكلم يدعى عبد الحق السنغالي، ويبلغه بأنه حلم برقمه قبل ليلة وقد أعطاه إياه شيخ مسنّ زاره في المنام وطلب منه الاتصال بالكاتب ليخبره بوجود كنز مدفون تحت بيته. وقد هدّده المتكلم بحادثة سيئة ستواجهه إن هو استهزأ به. إلا أن الراوي لم ينثنِ عن التفكير بما عدّه مزحة، متسائلاً عن إمكان وجود كنز تحت بيته. وصادف أن وقع على إحدى قصص "ألف ليلة وليلة" هي "الليلة 351" التي تروي حكاية رجل يدعى محمد المغربي، يعيش في القاهرة وكان أفلس بعدما كان ثرياً، فيرى في منامه رجلاً يُخرج من فمه قطعة نقود ذهبية، ويقول له: إن ثروتك في أصفهان من بلاد فارس فاذهب وابحث عنها...". تتوالى الأحداث المعروفة التي تتداخل فيها الخطوط الفاصلة بين الحقيقة والوهم. وكان موفّقاً إدراج الكاتب هذه القصة في صلب قصته هو الذي كما يعترف، يعمل على إنجاز مجموعة قصصية. أما الاستعارة المستمدة من "ألف ليلة وليلة" فبدت كأنها ترسخ اللعبة المفتوحة على المصادفات والأحداث اللامتوقعة.
إلا ان المجموعة تضم قصصاً تتنوّع بتنوّع الموضوعات التي يختارها الكاتب. وهو قد يكتب أحياناً قصة لا تتعدى الجملة وتفيض بالسخرية والعبث. والقصة- الجملة عنوانها "آخر الأحياء" وهي: "في جنازة آخر الرجال النبلاء، مشى آلاف الأموات من أهل المدينة لوداع آخر الأحياء".
لا تخلو قصص المجموعة من الطرافة والعبث والسخرية في تدرجاتها كافة حتى وإن كانت واقعية في أحيان. ومنها على سبيل المثل قصة "هزيمة" التي تدور حول هزيم الدويمي الذي يوقع في شباكه هو المزواج والمطلاق، صبية هي الراوية العزباء وقد وعدها بالخطوبة والزواج ثم تكتشف بعد مماته المفاجئ أنه متزوج مرات أربعاً. وتكتشف خدعته عندما تذهب إلى العزاء فتتعرف إلى نسوته الأربع، ثلاث مطلقات وزوجة أخيرة "ثلاث سيدات كنّ واجماتٍ وجالسات بعضهنّ قرب بعضهنّ". وبعد أن تحنق عليه تقول "لقد هزمني هزيم". ومن عناوين القصص الأخرى: "موقف"، "حياة"، "انبثاق" وسواها.
سلطان العميمي قاص وروائي وباحث في شؤون الثقافة الشعبية مواليد 1974 يشغل منصب مدير أكاديمية الشعر العربي التابعة لهيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، وعضو لجنة تحكيم مسابقة شاعر المليون للشعر النبطي. من أعماله الروائية: "ص. ب: 1003"، "غرفة واحدة لا تكفي"، والقصصية "الصفحة 79 من مذكراتي" "تفاحة الدخول إلى الجنة" (مجموعة قصصية)، "غربان أنيقة" (مجموعة قصصية)، إضافة إلى كتب كثيرة في حقل الشعر الشعبي والبحث.