حدد ريتشارد مور، رئيس وكالة الاستخبارات السرية البريطانية، الشهيرة بـ"أم آي 6"، أربع مخاطر مخاطر رئيسية تواجه عمل وكالات الاستخبارات الغربية، هي: الصين وروسيا وإيران والإرهاب الدولي، ودعا إلى تعزيز انفتاح الوكالة البريطانية لكي تتمكن من القيام بعملها السري بفاعلية. جاء ذلك في الخطاب العلني الرئيسي الأول الذي يلقيه السيد مور منذ توليه منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، وفق الموقع الإلكتروني لـ"هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي).
تحديات العصر الرقمي
وإثر بروز الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والتكنولوجيا الرقمية في تحويل طريقة جمع الجواسيس للمعلومات الاستخبارية البشرية في شكل كامل. وهذه التغيرات المستجدة وضعت "أم آي 6" أمام تحديات رئيسية في العصر الرقمي. وجعلت البيانات البيومترية والتعرف إلى الوجوه، مثلاً، من الأصعب على عملاء الاستخبارات اتخاذ هويات مزيفة في بلدان معادية من دون التعرف إليهم وكشف أمرهم، بحسب الموقع.
وفي سبتمبر (أيلول)، كُشِف أن المقر العام للوكالة في فوكسهول كروس يضم قسماً يمد الجواسيس البريطانيين بأحدث الأجهزة المخصصة لحماية أمنهم وسريتهم. لكن الثلثاء، وخلال خطاب أمام المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهو مؤسسة بحثية تتخذ من لندن مقراً، أقر السيد مور بأن إتقان الاستخبارات البشرية في عصر التكنولوجيا المتسارعة هذا ليس شيئاً تستطيع وكالته القيام به بمفردها، وفق "بي بي سي".
وأضاف "أن التقدم في الهندسة الكمية والبيولوجيا المهندسة سيغير قطاعات بأسرها". فالتقدم في هذا المجال وفي علم البيانات عموماً سيجذب أطرافاً فاعلة شريرة، سواء كانت دولاً أو مجموعات إرهابية. وقال: "أنال راتباً لمراقبة التهديدات. تتعامل "أم آي 6" مع العالم كما هو وليس كما قد نود أن نراه". ووصف أثر التقدم التكنولوجي الثوري هذا كله بأنه يستدعي "انتباهاً كبيراً" من قبل الوكالة، بحسب الموقع الإلكتروني.
أربع مخاطر كبيرة
وأدرج السيد مور المخاطر المقبلة من الصين وروسيا وإيران والإرهاب الدولي بوصفها الأولويات "الأربع الكبيرة" في سلم عمل وكالات الاستخبارات الغربية. وقال: "يوجه خصومنا المال والطموح باتجاه إتقان الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والبيولوجيا الاصطناعية لأنهم يعرفون... أنها ستكسبهم نفوذاً". وباعتبار "أم آي 6" واحدة من ثلاث وكالات استخبارات بريطانية، إلى جانب وكالة الأمن (أم آي 5) والمقر العام للاتصالات الحكومية، لطالما كان دورها الحصول على أسرار من خارج البلاد للمساعدة في ضمان الأمن القومي للمملكة المتحدة.
وفي حين أن الاستخبارات البشرية، أي التجسس التقليدي، يعد من مهامها الأساسية، أشار رئيسها إلى تحديثات أجرتها بمرور الوقت. وأشار إلى أمثلة، قائلاً إنها تتراوح "بين الكيمياء التي مكنتنا من إنتاج تكنولوجيات للكتابة السرية في الأيام الأولى إلى التكنولوجيات اللاسلكية وتلك الخاصة بالتخابر الآمن التي طورناها خلال الحرب العالمية الثانية"، وفق "بي بي سي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واليوم تعد "أم آي 6" على حد تعبيره عضواً مؤسساً في القيادة السيبرانية الموحدة البريطانية التي تقاوم التهديدات المقبلة من دول وإرهابيين ومجرمين وتدعم العمليات العسكرية. وربما يعتبر هذا الخطاب إقراراً متأخراً بأن الوكالة، إن لم تتحل بالحذر، تخاطر بالتخلف عن اللحاق بركب التحديات على وقع التقدم السريع الذي تشهده التكنولوجيا الرقمية، بحسب الموقع الإلكتروني.
وقال السيد مور: "فرص قطاع التكنولوجيا العالمية لن تتكرر، لذلك يجب أن نستفيد منه. ومن خلال الصندوق الوطني للاستثمار الأمني الاستراتيجي، نفتح باب المشاركة في حل المشكلات الخاصة بمهماتنا على المواهب المتوافرة في مؤسسات لا تعمل عادة في مجال الأمن القومي".
لكن هذا الكم الكبير من التغير في طريقة عمل الوكالة لن يخفى على خصوم بريطانيا. فمشاركة جهات خارج عالم الجواسيس، السري دائماً، يحمل مخاطر التسريبات أو أسوأ من ذلك بغض النظر عن مدى التدقيق الذي يخضع له الخارجيون. ووفق "بي بي سي"، قد تجد "أم آي 6" نفسها مضطرة إلى سلوك هذا السبيل وهو سبيل قد يوفر لأعداء المملكة المتحدة بعض الفرص المثيرة للاهتمام.