فشلت محكمة مدينة سبها الليبية، الإثنين 29 نوفمبر (تشرين الثاني)، لليوم الثاني على التوالي في عقد جلسة للنظر في الطعن المقدم من الفريق القانوني لسيف الإسلام القذافي، ضد قرار استبعاده من الانتخابات الرئاسية لأسباب أمنية تبادلت الأطراف العسكرية في المدينة الاتهامات بشأنها، وأدت إلى خروج تظاهرات مؤيدين لنجل الرئيس السابق احتجاجاً على عدم انعقاد الجلسة للنظر في طعنه.
وقال متظاهرون إن احتجاجهم السلمي قوبل بإطلاق للرصاص عليهم، مما دفع العديد من الجهات الرسمية والمنظمات الحقوقية داخل ليبيا وخارجها إلى وصف التطورات بـ "الخطرة"، وقد تمتد أثارها إلى ما هو أبعد من المسار الانتخابي وتفجر الأوضاع في البلاد.
وفي بنغازي عقدت اللجنة العسكرية المشتركة اجتماعها الأول مع فريق المراقبين الدوليين المكلف من الأمم المتحدة بمراقبة وقف إطلاق النار في البلاد، والتنسيق مع اللجنة الليبية في ملفات عدة أهمها الخاص بخروج القوات الأجنبية من ليبيا.
توتر في سبها
وأعلنت مصادر متطابقة من مدينة سبها في الجنوب الليبي، من بينها جهاز الشرطة القضائية، تعذر انعقاد الجلسة المقررة للنظر في الطعون الانتخابية، ومن بينها الطعن الخاص بسيف الإسلام القذافي على قرار منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية بسبب وجود "قوة قاهرة" مسلحة أغلقت جميع الطرق المؤدية إلى مجمع المحاكم، ومنعت الموظفين والقضاة من الوصول إلى المحكمة.
وقالت حكومة الوحدة الوطنية في بيان إنها "تتابع بقلق بالغ التوتر الذي يشهده محيط مجمع المحاكم في سبها، وحال الإرباك التي تهدد شرعية المؤسسة القضائية وعملها".
وحذر البيان من أن "القيام بأي أعمال تمثل تهديداً لحياة القضاة أو الضغط عليهم والتأثير في عملهم من شأنها أن تعود بمدينة سبها إلى مربع الحرب الأهلية بين مكوناتها القبلية، وتهدد بعودة التوتر بين القبائل لأسباب سياسية، نجحت سبها وفزان طوال الأشهر الماضية في تجاوزها بتكاتف أبنائها وإعلائهم مصلحة أهلهم على أي مصالح خارجية تريد الذهاب إلى الحرب والفوضى".
وجاء في البيان أن "وزارة الداخلية لن تتوانى عن حماية جميع المؤسسات الحكومية في سبها"، مشيراً إلى أن "أي ترهيب للموظفين المدنيين في سلك القضاء والمحاماة والعاملين والمتطوعين مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات هو تهديد للعملية الانتخابية، ونسف للثقة بين جميع أطرافها".
وخلص بيان الحكومة إلى أن "ممارسة الإقصاء والعزل السياسي أداة جديدة لإدخال ليبيا في انقسام مجتمعي وسياسي لا تحمد عقباه".
في المقابل، نشر سيف الإسلام القذافي تغريدة عبر "تويتر" علق فيها على التوتر الذي يصاحب جلسات النظر في الطعن الذي قدمه على قرار منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية، وكتب فيها أن "قوة عسكرية تطوق مبنى محكمة سبها الابتدائية وتمنع القضاة والموظفين من الدخول، وتسببت في تأجيل النظر في الطعن المقدم من المحامي ضد قرار المفوضية العليا للانتخابات".
البعثة الأممية تحذر العواقب
من جانبها، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الإثنين، عن قلقها من "استمرار إغلاق محكمة الاستئناف في سبها وورود أنباء تفيد بتوجيه تهديدات ضد القضاء من قبل مجموعة مسلحة عرقلت عمل المحكمة في المدينة مجدداً".
وتابعت، "القضاة منعوا من الحضور شخصياً لأداء الواجبات المنوطة بهم قانوناً في محكمة استئناف سبها، مما يعرقل وبشكل مباشر العملية الانتخابية".
وأبدت البعثة "انزعاجها الشديد إزاء التقارير المتزايدة عن الترهيب والتهديد ضد القضاة والموظفين في السلك القضائي، لا سيما أولئك الذين يتعاملون مع الشكاوى المتعلقة بالانتخابات، وضد المرشحين أيضاً في عدد من مناطق ليبيا، مما يمثل إخلالاً بنزاهة العملية الانتخابية ويؤدي إلى منع الليبيين من ممارسة حقوقهم الديمقراطية بأمان وكرامة".
ولوحت البعثة من جديد بإدراج الأطراف التي تعرقل المسار الانتخابي في قائمة العقوبات الدولية، قائلة إن "جميع الأطراف المنخرطة في عرقلة نظام العدالة خاضعون للمسؤولية الجنائية بموجب القانون الليبي، وقد يخضعون لعقوبات وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة".
نهاية مرحلة الطعون
وفي الوقت الذي لم تعلق المفوضية العليا على الأحداث التي تشهدها مدينة سبها وتعثر النظر في طعون المرشحين، أكد مدير المركز الإعلامي في المفوضية الوطنية العليا للانتخابات سامي الشريف "انتهاء مرحلة الطعون في المفوضية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الشريف إن "عملية الطعون بين المترشحين في ما بينهم وذوي المصلحة شارفت على الانتهاء هي الأخرى، وأنهم ينتظرون الأحكام والبت فيها"، وأوضح أن "المترشح سيف الإسلام القذافي قدم طعناً والمفوضية تنتظر البت فيه".
في السياق، كشفت مصادر متطابقة من طرابلس بينها شخصيات مقربة من رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، أن الأخير قدم طعناً على الطعن الذي قبل في محكمة الاستئناف لوقف ترشحه للانتخابات الرئاسية، وينتظر النظر فيه مجدداً من قبل المحكمة قبل إصدار الحكم النهائي.
وبعيداً من ضجيج الانتخابات الرئاسية، أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، الإثنين، أن "إجمالي عدد المرشحين لانتخاب مجلس النواب في الدوائر الانتخابية بلغ 2757 مرشحاً ومرشحة، وأشارت إلى أن "إجمالي إحصاء توزيع بطاقة الناخبين التي تم تسليمها حتى الأحد وصل إلى أكثر من 2.3 مليون بطاقة ناخب.
مراقبون دوليون في بنغازي
وفي بنغازي عقد فريق اللجنة العسكرية المشتركة التابع للقيادة العامة للجيش اجتماعاً هو الأول مع فريق المراقبين الدوليين التابعين لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وناقش الاجتماع، بحسب اللجنة، مراقبة ودعم آلية وقف إطلاق النار إلى جانب ملف خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد، وفقاً لما نص عليه اتفاق جنيف الموقع نهاية أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.
واستبعد رئيس اللجنة العسكرية المشتركة التابعة للقيادة العامة الفريق امراجع العمامي تأثر عمل اللجنة بأي توترات محتملة قد تنتج تزامناً مع إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة الشهر المقبل، قائلاً إن "دعم الشعب الليبي والمجتمع الدولي للجنة، إضافة إلى قوة ترابط أعضائها، سيحولان من دون وقوعها رهينة لأية تجاذبات".
وأضاف العمامي في تصريحات صحافية، "نحن كأعضاء في لجنة محايدة نهتم أولاً بوحدة البلاد وتأمينها، ولدينا وعي كبير بخطورة المرحلة المفصلية الراهنة، ونتفهم أن يكون لأي ليبي قراره الخاص بدعم مرشح، لكننا لن ننجر وراء أي محاولات لإشعال الفتنة في البلاد".
وطالب بـ "ضرورة بذل جهد مضاعف من البعثة الأممية والمجتمع الدولي للحيلولة دون تطور الخلافات السياسية بشكل يؤثر في استقرار البلاد".
وأوضح أن "بدء إخراج المرتزقة التابعين لدول الجوار الأفريقي كان الخيار الأسهل، والذي يتفادى الاصطدام المباشر مع كل من تركيا وروسيا، لكننا مصرون على انسحاب جميع القوات من بلادنا ولدينا جولات مرتقبة مع كل من موسكو وأنقرة، لسحب المرتزقة السوريين و "فاغنر"، ولكن في الوقت الراهن هناك اشتراطات بأن يتم انسحاب تلك المجموعات بشكل متزامن وتدريجي، بحيث لا تحدث فجوة في التوازن العسكري".