لمناسبة اليوم الوطني الخمسين للإمارات العربية المتحدة تستضيف مؤسسة العويس الثقافية في دبي حتى 22 ديسمبر (كانون الأول) معرضاً جماعياً تحت عنوان "المعرض الذهبي لفناني الإمارات 50/50". يأتي المعرض الذي يشرف على تنسيقه الفنان إحسان الخطيب احتفاءً بالحركة الفنية الإماراتية التي واكبت مسيرة بناء الدولة وتطورها من خلال الأعمال الفنية، ليس في مجال الرصد والتوثيق فحسب، بل في مجال تطور الممارسة الفنية وأدواتها، وصولاً إلى مواكبة الحراك الفني الدولي عبر تجارب عدة استطاعت الخروج من إطار المحلية والاحتكاك بالمحافل الدولية. ويقدم المعرض الجماعي مشهداً بانورامياً شاملاً للحركة التشكيلية الإماراتية بمدارسها الفنية كافة وهوياتها المنفتحة على مفاهيم الفن التشكيلي ببعديه العربي والعالمي.
استطاع الفنان الإماراتي أن يطور أدواته وأن ينمي قدراته في عالم سريع الإيقاع، من دون التخلي عن الروح الكلاسيكية التي شكلت ملامح التجربة الفنية في الإمارات. في قاعة العرض داخل مؤسسة العويس الثقافية تتجاور الأعمال الفنية المختلفة، وتتقارب فلسفة الأعمل النابعة من روح المكان. وما يميز هذا المعرض أنه يجمع طيفاً واسعاً من التجارب الفنية لفنانين إماراتيين من كل الاتجاهات والرؤى والأجيال، إذ نرى فيه أعمالاً فنية بارزة لفنانين مخضرمين وأكاديميين، إلى جانب تجارب أحدث لفنانين شباب ما زالوا في طور التشكل. يضم المعرض كذلك طائفة واسعة من الممارسات الفنية من الرسم إلى التصوير والنحت والفوتوغرافيا، وغيرها من الوسائط الفنية الأخرى، وهي فرصة حقيقية لتلمس إبداعات وملامح الحركة الفنية في دولة الإمارات عبر خمسين عاماً من الإبداع والبناء.
سنوات من الفن التشكيلي
يحمل المعرض كما تؤكد مؤسسة العويس، رسائل واضحة يمكن قراءتها بلغة اليوم أو لغة الغد، حيث مستويات الفن تعيش وتنتعش في جو من المُفاخرة بما أنجزه فنانو الإمارات عبر سنوات طويلة من العمل الجاد، وهو عمل ننظر إليه بفخر وتقدير.
أقيمت على هامش المعرض حلقة نقاش حول الفن التشكيلي الإماراتي في نصف قرن، شارك فيها الفنانون سلمى المري وعلي العبدان ومحمد الاستاد، وأدارها الفنان إحسان الخطيب. وأشار الفنان العبدان إلى تطور الفن في الإمارات ومواكبته أحدث المدارس الفنية، وتحدثت الفنانة سلمى المري عن تجربتها وفلسفتها في بناء العمل، وقدم الفنان محمد الاستاد عرضاً لفيلم قصير عن طريقته في رسم لوحة من مفردات الطبيعة.
بين الفنانين المشاركين في هذا المعرض تبرز الفنانة فاطمة لوتاه، وهي فنانة بارزة على المستوى المحلي، كما أن لها مشاركات مهمة أيضاً على المستوى الدولي. درست لوتاه الفن في كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد حيث تتلمذت على يد الفنان العراقي فائق حسن، ثم أكملت دراستها في الولايات المتحدة، وهي تقيم وتعمل في مدينة فيرونا في إيطاليا منذ 1984. وتشارك لوتاه في هذا المعرض بعمل تصويري استخدمت في تلوينه خامة الأكريليك، وهي تمزج في أعمالها ما بين التشخيص والتجريد اللوني. وتطالعنا كذلك الفنانة سلمى المري بعملها الذي تغلب عليه درجات الأخضر مع الأزرق، مع إضاءات دافئة من درجات الأحمر والبرتقالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبين المشاركين في مجال الفوتوغرافيا يبرز عمل الفنان علي بن ثالث، وهو مصور إماراتي احترف تصوير الأفلام الوثائقية، وعرف تحديداً بأعماله الفوتوغرافية تحت الماء. العمل المشارك هنا يحمل عنوان "غطسة الحلم" ويصور مشهداً لفيل استوائي يتحرك في أعماق أحد الأنهار. وفي الفوتوغرافيا أيضاً يطالعنا الفنان فيصل الريس بعمله الفوتوغرافي بالأبيض والأسود، ويبرز خلاله وجهاً لفتاة، مع إضافات وتدخلات تبرز جانباً من ملامحها مع إخفاء الجانب الآخر، وهو ما يتسق مع ممارساته الفوتوغرافية التي تميل إلى تفكيك وإعادة بناء الصورة.
اختلفت الأعمال المشاركة في هذا المعرض وتنوعت في أدواتها وطرق التعبير والوسائط المستخدمة في تنفيذها، إلا أنها تشترك جميعها في التعبير عن الهوية الإماراتية، عبر استلهامها الموروث والبيئة والمشاهد الطبيعية والتاريخ أيضاً. فمن الصور المرسومة لأبرز الشخصيات الإماراتية كما في عمل الفنان أحمد جابر الأنصاري، والاستلهام المباشر من الطبيعة كما في أعمال الفنان أمين حمود بن سنان وعبد القادر الريس، إلى الأعمال التعبيرية والرمزية والتجريدية كأعمال الفنانين عبد الرحمن سالم وعلي العبدان. كما يبرز كذلك الاستلهام اللافت للخط العربي، كما في أعمال الفنان أحمد الدوسري وخالد الجلاف وفاطمة الحمادي.