تترقب الأسواق اضطراباً آخر الأسبوع المقبل بعد نظيره الماضي الذي شهد عمليات بيع كبيرة للأسهم في آخر تعاملاته. ومع أن شهر ديسمبر (كانون الأول) من كل عام يتسم تقليدياً بنشاط البورصات حول العالم، حيث يعيد المستثمرون تقييم أوضاعهم ومراكزهم خلاله، فإنه يشهد قلقاً وعدم يقين بشأن مخاطر متحوّرة فيروس كورونا الجديدة "أوميكرون"، وكذلك أي إشارات إلى تسريع تشديد السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية.
كان الشهر الحالي بدأ الأسبوع المنصرم بتقلبات تعكس قلق المتعاملين بشأن ما سيحدث نتيجة انتشار المتحوّرة الجديدة من الفيروس وردّ فعل الحكومات على ذلك. وعلى عكس ما حدث العام الماضي، لم تشهد أسهم شركات التكنولوجيا والاتصالات إقبالاً كبيراً. بل على العكس، طالت عمليات البيع الكبيرة في نهاية الأسبوع شركات الاتصالات، بينها شركات الإنترنت، والتكنولوجيا عموماً.
وتلك إشارة واضحة إلى أن المستثمرين بدأوا بالتحول من "أسهم النمو" إلى "أسهم القيمة"، على عكس ما حدث العام الماضي. وتشمل الأولى شركات التكنولوجيا والاتصالات وغيرها من تلك التي تحقق قفزات في أسهمها يستفيد منها المتعاملون الراغبون بالربح السريع خلال وقت قصير. وتلك الأسهم أكثر حساسية لارتفاع أسعار الفائدة لأن ذلك يقلل من قيمة عائداتها ويضغط على توافر السيولة الرخيصة لها.
أما أسهم القيمة، فهي للشركات التي غالباً ما يكون الاستثمار فيها متوسطاً وطويل الأجل، وفي الأغلب الأعم تستفيد في فترات تشديد السياسة النقدية لكبح جماح التضخم. وتشمل البنوك والمؤسسات المالية وشركات الطاقة والصناعية الكبرى.
تكهنات التضخم
كانت تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي جيروم باول الأسبوع الماضي بأن البنك لم يعُد يرى التضخم "انتقالياً" أو مؤقتاً، وهو ما جعل المستثمرين يرجحون أن تشديد السياسة النقدية سيبدأ في وقت مبكر من العام المقبل 2022. ومع تصريحات مماثلة من مسؤولين في الاحتياطي خلال الأسبوع الماضي، والتعهد بتسريع خفض برنامج التيسير الكمّي (الذي يشتري الاحتياطي بموجبه سندات خزانة شهرياً)، تتوقع الأسواق أن يبدأ البنك المركزي برفع سعر الفائدة تدريجاً من مايو (أيار) المقبل.
وسارع المستثمرون إلى تصفية مراكزهم في الأصول عالية المخاطر. وبدا ذلك واضحاً مثلاً في انهيار سعر "بيتكوين"، وغيرها من العملات المشفرة، التي خسرت نحو 20 في المئة من قيمتها خلال الأيام القليلة الماضية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتنتظر الأسواق مؤشرين مهمين الأسبوع المقبل إلى مدى ارتفاع معدلات التضخم. فيوم الجمعة المقبل، تصدر بيانات مؤشر أسعار المستهلكين لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) وكذلك مؤشر ثقة المستهلكين. وبحسب مسح لـ"داو جونز"، توقع الاقتصاديون أن يكون مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.6 في المئة بمعدل شهري، أي صعد الشهر الماضي بمعدل سنوي بنسبة 6.7 في المئة. وكان مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع في أكتوبر (تشرين الأول) بنسبة 0.9 في المئة بمعدل شهري، وبنسبة 6.2 في المئة بمعدل سنوي.
وعزز من توقعات الأسواق سرعة تعامل الاحتياطي الفيدرالي مع التضخم بتشديد السياسة النقدية، ما أظهرته بيانات سوق العمل الأسبوع الماضي من تحسن. كما تتطلع الأسواق كذلك إلى إفصاحات ما تبقّى من الشركات عن أدائها ووضعها المالي للربع الثالث من العام. وهناك عدد كبير من شركات التكنولوجيا التي ستعلن بياناتها المالية ربع السنوية الأسبوع المقبل.
قبل العطلات
يُعدّ الأسبوع المقبل والذي يليه فترة نشاط تقليدي قبل موسم عطلات أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية. وغالباً ما تشهد تلك الفترة نشاطاً من قبل المتعاملين في السوق لضبط استثماراتهم والاستعداد للعام الجديد، لكن حالة عدم اليقين بشأن الإجراءات الخاصة بالوقاية والحد من انتشار الموجة الجديدة من وباء كورونا تجعل الاضطراب أكثر احتمالاً.
بدا ذلك واضحاً في أداء الأسواق نهاية الأسبوع الماضي. ففي تعاملات آخر أيام الأسبوع الجمعة، خسر مؤشر "إس أند بي" للشركات الكبرى 0.8 في المئة، على الرغم من ارتفاعه في اليوم السابق الخميس. أما مؤشر "داو جونز" للشركات الصناعية، فكان الأقل خسارة في تعاملات الجمعة، بنسبة 0.2 في المئة. بالطبع كان مؤشر "ناسداك" لشركات التكنولوجيا الأسوأ أداء في تعاملات اليوم الأخير من الأسبوع الماضي، منهياً تعاملات الجمعة على خسارة 2.9 في المئة.
في المتوسط الأسبوعي، خسر مؤشر "ناسداك" 2.6 في المئة، ليُمنى بأكبر خسائر في أسبوعين منذ مارس (آذار) الماضي. أما مؤشر "إس أند بي"، ففقد 1.2 في المئة من قيمته في المتوسط الأسبوعي. بينما أنهى مؤشر "داو جونز" الأسبوع منخفضاً 0.9 في المئة، في رابع أسبوع من الخسائر المتواصلة. ويُرجّح أن تستمر تلك الحالة الأسبوع المقبل، مع مزيد من عمليات البيع للأسهم المغالى في قيمتها ولجوء المستثمرين إلى أسهم أقل مخاطرة.