عبّرت شركة "بيج أويل" عن انزعاجها وتوترها من تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن، التي تشير إلى إمكانية تدخله بشكل كبير في أسواق الطاقة إلى ما هو أبعد عن السحب من الاحتياطي الاستراتيجي للنفط.
ومنذ أسابيع، كان الديمقراطيون يطالبون بايدن بالمضي إلى أبعد من الإفراج عن احتياطيات النفط الاستراتيجية من خلال حظر الشركات الأميركية من شحن النفط إلى الخارج. وعلى الرغم من ضغوط المشرعين في حزبه، امتنع بايدن حتى الآن عن اتخاذ الخطوة الأكثر تطرفاً بحظر صادرات النفط.
لكن مايك سومرز، الرئيس التنفيذي لـ"معهد البترول الأميركي"، قال، إن مجموعة تجارة النفط والغاز القوية تتعامل "بشكل مطلق" مع مخاطر حظر الصادرات على محمل الجد، بما في ذلك الاعتماد على الديمقراطيين المعتدلين لإبعاد مسؤولي البيت الأبيض عن الفكرة. وأضاف، "نحن نحشد كل قواتنا... نبذل كل ما في وسعنا". وحذر سومرز من أن حظر التصدير لن يؤدي إلى نتائج عكسية على السائقين الأميركيين من خلال رفع الأسعار في المضخة فحسب، بل سيساعد المنتجين الأجانب من خلال زيادة عائداتهم وحصتهم في السوق. وتابع "ستكون هذه الخطوة مجرد هدية لـأوبك وروسيا".
صدمة نفطية في السوق العالمية
وخلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حث حوالى عشرة أعضاء ديمقراطيين في الكونغرس الرئيس بايدن على معالجة ارتفاع أسعار الغاز من خلال استكشاف حظر التصدير. وكتب المشرعون في رسالة إلى بايدن، إن "فرض حظر على صادرات النفط الخام الأميركية سيعزز الإمدادات المحلية ويضع ضغوطاً هبوطية على الأسعار للعائلات الأميركية".
لكن سومرز كشف عن النقطة المعاكسة تماماً، إذ قال، إن حظر التصدير سيؤدي إلى ارتفاع أسعار البنزين وليس انخفاضها. وأشار إلى أن النفط سلعة يتم تداولها عالمياً، وأن السوق العالمية تعتمد على 3 ملايين برميل يومياً من الصادرات الأميركية. وهذا القرار "سيؤدي إلى صدمة نفطية في جميع أنحاء العالم.".
إلا أن الضغط على البيت الأبيض لحظر صادرات النفط بسبب انخفاض أسعار النفط، قد تراجع. وبعد مغازلة 85 دولاراً للبرميل في منتصف نوفمبر الماضي، انخفضت أسعار النفط الأميركي إلى ما دون 65 دولاراً للبرميل. وبدأت عمليات البيع تحسباً للإفراج المنسق عن الاحتياطيات الاستراتيجية من قبل الولايات المتحدة والصين ودول أخرى. وانخفضت الأسعار أكثر بسبب الخوف من أن المتحورة "أوميكرون" قد تقلل من الطلب على الطاقة. كذلك تراجعت أسعار الغاز، إذ انخفض المتوسط الوطني إلى 3.37 دولار للغالون، الجمعة.
لماذا قرار حظر التصدير غير منطقي؟
وقال باحثون في مجال تلك الصناعة لشبكة "سي أن أن"، إنه في حين يؤدي حظر صادرات النفط الأميركية إلى انخفاض أسعار النفط الأميركي، إلا أنه سيرفع سعر خام القياس العالمي "برنت"، وهو المعيار العالمي. وهذه مشكلة لأن البنزين مسعر بحسب خام "برنت" وليس خام "غرب تكساس" الوسيط.
ومن المرجح أن ترتفع أسعار خام "برنت"، ربما بشكل حاد، لأن سوق النفط العالمية ستفقد الوصول إلى قرابة 3 ملايين برميل من الإمدادات التي يتم شحنها عادة من الولايات المتحدة إلى الخارج. وكشف المحللون أن المشكلة الأكبر هي أن الولايات المتحدة ليست جزيرة معزولة في حد ذاتها وغير بعيدة عن العالم، إذ إنه لا يمكن للمصافي التي تعود إلى عقود على طول ساحل الخليج الاعتماد على النفط الصخري الأميركي فحسب، والذي يميل إلى أن يكون أخف من النفط في الخارج.
ولإنتاج البنزين والديزل ووقود الطائرات، تمزج هذه المصافي عادة الصخر الزيتي بالبراميل الثقيلة المستوردة من كندا والمكسيك والشرق الأوسط وأماكن أخرى. وقال سومرز "أعتقد أن الإدارة أصبحت حكيمة في هذا الأمر".
قطرة في بحر
مع ذلك، قال رئيس "معهد البترول الأميركي"، إن المجموعة التجارية لا تزال تعمل مع الديمقراطيين في الكونغرس لإخبار البيت الأبيض أن هذه "فكرة سيئة حقاً". وأشار إلى تداعيات الأمن القومي، بما في ذلك خطر نشوب صراع عسكري بين روسيا وأوكرانيا. وأضاف "هذه هي المرة المعاكسة التي يجب أن ننسحب فيها من العالم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعند سؤاله عن تأثير قرار بايدن في الاستفادة من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي، وصف سومرز حجم ما سيفرج عنه من الاحتياطي بأنه "قطرة في بحر"، مقلّلاً من أهمية التأثير طويل المدى. وأضاف "هناك قول مأثور مفاده أن نجاح رقصة المطر يعتمد على التوقيت"، في إشارة إلى المتحورة "أوميكرون"، وما ستحدثه في سوق النفط.
ويعتبر قرار إدارة بايدن بالإفراج عن 50 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي للنفط الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن سوق النفط قد تشهد "وميضاً قصير المدى" من إصدار احتياطي البترول الاستراتيجي، فقد جادل سومرز بأن انتعاش قيود العرض والطلب يشير إلى "أننا سنستمر في رؤية أسعار مرتفعة".
صدمة التدفئة المنزلية
في الوقت نفسه، يتصارع الأميركيون مع ارتفاع تكاليف تدفئة المنازل، ويرجع ذلك جزئياً إلى الارتفاع الحاد في أسعار الغاز الطبيعي. ووفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، ستنفق المنازل الأميركية التي تستخدم الغاز الطبيعي في المقام الأول 30 في المئة أكثر من الشتاء الماضي.
ودفع ذلك بعض المشرعين إلى حث البيت الأبيض على اتخاذ إجراءات عاجلة لحل المشكلة. وكتبت السيناتورة إليزابيث وارن رسائل إلى منتجي الغاز الطبيعي الشهر الماضي تدعوهم إلى إرسال كميات قياسية من الغاز الطبيعي إلى الخارج في وقت ارتفاع الأسعار في الداخل. وأضافت "جشع الشركات هذا لا يُغتفر، ويمثل نتائج نظام مزور يثري المديرين التنفيذيين في شركات الطاقة والمستثمرين، ويترك العائلات الأميركية تكافح لدفع الفواتير". في المقابل، قال سومرز، الذي تمثل مجموعته شركة "تشينير" ومصدرين آخرين للغاز الطبيعي المسال، إنه "قلق" بشأن مخاطر حظر تصدير الغاز الطبيعي.
وأشار إلى أن حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وآسيا لديهم عقود طويلة الأجل لشراء الغاز الطبيعي المسال الأميركي، وأن حظر الصادرات سيجبرهم على اللجوء إلى الصين وروسيا للحصول على الطاقة. وقال سومرز "إحدى الطرق الجيدة لتدمير مكانتنا في العالم هي انتهاك تلك العقود في وقت ارتفاع تكاليف الطاقة".