ستبدأ الحكومة البريطانية العام المقبل في إجراء تجارب للحدود الجمركية "الذكية" التي تتضمن تقنيات متطورة، تأمل في أن تقلل الاحتكاكات التجارية للمستوردين البريطانيين. وسيُطلب من الشركات البريطانية هذا الأسبوع تقديم عطاءات لتجريب النظام الجديد، بهدف بدء التجارب في أحد الموانئ البريطانية في مايو (أيار)، وفقاً لمسؤولين كبار في وايت هول مركز السلطة السياسة البريطانية.
ويأتي الإعلان عن الخطط، التي وُصفت بأنها بناء "نظام رولز رويس لنقل البضائع"، في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة لبدء تنفيذ عمليات فحص جمركية كاملة على واردات الاتحاد الأوروبي اعتباراً من يناير (كانون الثاني).
وكان قد حذر اتحاد الشركات الصغيرة، وهو هيئة تجارية، أخيراً من أن ربع الشركات فقط كانت مستعدة للتعامل مع الأعمال الورقية الجديدة، بما في ذلك الإقرارات الجمركية في الوقت الفعلي، والإخطار المسبق لسلطات المملكة المتحدة بواردات المنتجات الحيوانية والنباتية.
أختام حاويات الشحن في 2022
ومن بين الأفكار التي من المتوقع أن يتم اختبارها في منتصف عام 2022، أختام حاويات الشحن التي تنبه السلطات تلقائياً عند العبث بها، والتتبع الجغرافي للبضائع باستخدام نظام التموضع العالمي أي الملاحة عبر الأقمار الاصطناعية (جي بي أس) للقبض على أي شاحنة تقوم بالتوقف أو التحويل غير المُجدول.
وقال المسؤولون إنه بمرور الوقت، يجب أن تساعد هذه التقنيات في إنشاء سلاسل توريد قابلة للتدقيق ويمكن مراقبتها بسهولة، ما يسمح للشركات بإجراء تقييم ذاتي أكثر مما هو مُمكن حالياً بعيداً من الحدود.
وأضافوا أن الحكومة تأمل في تجنّب مخاطر مشاريع تكنولوجيا المعلومات السابقة، التي تديرها الدولة من خلال الذهاب مباشرة إلى الشركات البريطانية وصناعة التكنولوجيا. وقال أحد المسؤولين: "نريد حلولاً كبيرة وجريئة".
ولا يزال يتعيّن تحديد مكان التجارب التي تستغرق ستة أشهر، ولكنها ستكون "بيئة ميناء حية" إذ يمكن للميناء ومقدمي التكنولوجيا وشركات الاستيراد والتصدير إثبات فعالية النظام.
الاتحاد الأوروبي نحو نافذة جمركية واحدة
ومن المُتوقع أن يطالب الوزراء بالحدود الجديدة كميزة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لأن المملكة المتحدة لم تعد مُلزمة بقواعد الاتحاد الأوروبي. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال اللورد ديفيد فروست، وزير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، إن بريطانيا "لن تتبنى أبداً مستويات الضوابط نفسها" مثل الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي أيضاً بصدد إنشاء "نافذة جمركية واحدة" يمكن أن تخفف في المستقبل بعض الأعباء الواقعة على المُصدرين البريطانيين في الكتلة.
ورحّب الخبراء بخطط المملكة المتحدة لاستخدام التقنيات لتقليل الأعباء على الحدود، والتي قدرت إيرادات وجمارك صاحبة الجلالة (أتش أم آر سي) في عام 2019 أنها ستتطلب ما يقرب من 200 مليون تصريح جمركي إضافي بتكلفة 7.5 مليار جنيه استرليني (9.9 مليار دولار أميركي) سنوياً للشركات البريطانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولتسهيل حدود ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، التزمت المملكة المتحدة بإنفاق 180 مليون جنيه استرليني (238.2 مليون دولار أميركي) لبناء نظام "نافذة تجارية واحدة" بحلول عام 2025، والذي سيعمل على تبسيط العمليات الجمركية من خلال تمكين وكالات الحدود البريطانية، بما في ذلك إيرادات وجمارك صاحبة الجلالة والسلطات الصحية، لمشاركة المعلومات.
وقال سام لوي من شركة "فلينت غلوبال" الاستشارية لـ "ذا تايمز": "إن اعتماد المملكة المتحدة على التجارة عالية السرعة والنقل البري والبحري مع الاتحاد الأوروبي من المرجح أن يحفز بريطانيا على رقمنة حدودها بشكل أسرع من الكتلة الأوروبية".
وأضاف "في السنوات العشر المقبلة، من المحتمل أن يكون لدى المملكة المتحدة واحدة من أكثر الحدود كفاءة في العالم بدافع الضرورة المطلقة، والتي يمكن أن تقول إنها أرباح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
التجارة السلسة
من جانبه قال وليام باين، رئيس السياسة التجارية في غرفة التجارة البريطانية، وهي مجموعة ضغط تجارية، إنه قد تكون هناك فوائد لتسهيل التجارة إذا أثبتت التجارب نجاحها، لكن يجب على الحكومة إعطاء الأولوية لتحسين صفقة التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
وأضاف: "لا ينبغي النظر إلى هذه التجارب على أنها بديل لتعميق التعاون الجمركي بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي". وتابع: "المزيد من الاتفاقيات هو أمر حيوي حقاً إذا أردنا تسهيل التنقل للتجار في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عبر الحدود الجمركية".
وقال ديفيد هينج، المفاوض التجاري البريطاني السابق، إن أي تطلع لتبسيط التجارة مرحب به، لكنه حذر من أن سجل الحكومة في تسليم مثل هذه المشاريع "لم يكن رائعاً" في السنوات الأخيرة.
وأضاف أنه حتى لو تم تقليص البيروقراطية على البضائع التي تدخل المملكة المتحدة من أوروبا، فإنها ستظل أكبر بكثير من التجارة السلسة التي تتمتع بها المملكة المتحدة كعضو في السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي".