باتت نية الأطراف الليبية، أو بعضها، لتأجيل الانتخابات، تظهر للعلن بشكل واضح، مع بقاء نحو 20 يوماً على موعدها المحدد في 24 ديسمبر (كانون الأول)، وهو ما بدا على الأقل من قبل مجلس النواب، الذي دعا لجلسة طارئة استدعى إليها رئيسي المفوضية الانتخابية والمجلس الأعلى للقضاء، لمساءلتهما حول ما وصف بـ"تجاوزات" بخصوص إجراءات قبول المرشحين للرئاسة.
وقبيل الجلسة التي قد تحدد مصير العملية الانتخابية، اتهم نواب في البرلمان المفوضية بعدم تطبيق القوانين الانتخابية الصادرة عن مجلسهم، ما يعني إلغاء كل ما اتخذ من إجراءات لقبول المرشحين، والبداية من جديد، ما يعني أيضاً، تأجيل الانتخابات إلى موعد لاحق لضيق الوقت.
وسط هذه الأزمة السياسية الجديدة التي بدأت تتشكل في ظرف حرج، أعلنت الأمم المتحدة عودة عرابة الاتفاق السياسي الليبي، الأميركية ستيفاني وليامز، إلى منصب المبعوث الخاص للأمين العام أنطونيو غوتيريش، والتي قرئت من قبل مراقبين بمحاولة دولية لإنقاذ العملية الانتخابية، قبل فوات الأوان.
جلسة طارئة للبرلمان
ودعت هيئة رئاسة مجلس النواب لجلسة رسمية، الثلاثاء، بمقر المجلس بمدينة طبرق، لمناقشة آخر تطورات العملية الانتخابية، دعي إليها رئيس المجلس الأعلى للقضاء محمد الحافي، ورئيس المفوضية الانتخابية عماد السايح.
وقال عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة، إن "المطالبة بعقد جلسة لمساءلة المفوضية العليا للانتخابات، والجهات القضائية المشرفة على العملية الانتخابية جاء من قبل 70 نائباً في مجلس النواب، طلبوا من الرئاسة عقد جلسة لمساءلة رئيس المفوضية ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، بخصوص ما يرونه من اختراقات في تطبيق القانون".
من جهتها، قالت أسمهان بالعون، عضو مجلس النواب، إن "جدول أعمال الجلسة سيكون حول العملية الانتخابية، وما صاحبها من حديث عبر بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بخصوص المفوضية والمجلس الأعلى للقضاء وبعض المحاكم ". وأكدت أن "الجلسة تأتي من أجل بعث رسائل اطمئنان للناخب والمرشح، بشفافية ودقة سير العملية الانتخابية، وفقاً للمعايير والمهام المناطة بالمفوضية وآلية عملها الفني، وما تم إقراره من مجلس النواب". ورأت بالعون أن "المعطيات الموجودة حالياً، التي لا تخفى على أحد، ستزيد الانقسام والجدال، بدلاً من أن تزيد نسبة الاستقرار"، لافتةً إلى أنه "يجب اتخاذ خطوات استباقية للانتخابات، أهمها الأرضية القانونية، بإرساء دستور للبلاد يكون هو المنطلق الحقيقي للخروج من أزمتها".
خلل في تطبيق القوانين
من جانبه، أرجع عضو مجلس النواب عيسى العريبي، أحد الموقعين على طلب عقد الجلسة، هذا الطلب إلى "عدم التزام رئيس المفوضية عماد السايح بالمواد الواردة في قانون الانتخابات الذي أصدره مجلس النواب، بدخول بعض الشخصيات التي يمنعها القانون من الترشح، ما يعتبر خرقاً قانونياً ومشكلة كبيرة ".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما النائب البرلماني زياد دغيم، فانتقد "لقاء السايح وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب والمرشح الرئاسي، في الأيام الماضية"، قائلاً إن "لقاء السايح مرشحاً رئاسياً من دون أن يتوجه إلى رئيس مجلس النواب المكلف، والاستجابة لدعوة أكثر من ثلث أعضاء مجلس النواب، مخالفة صريحة". وعدد دغيم عدداً من المخالفات الأخرى، حسب وجهة نظره، التي ستناقش في الجلسة، بقوله، "عدد توزيع البطاقات الانتخابية محل شك كبير، وتسلم البطاقات كان به شك كبير وتخبط لتسييس العملية، والسايح سيصر على أن تكون جلسة مجلس النواب سرية وليست علنية، ويجب أن تكون جلسة مساءلة المفوضية والمجلس الأعلى للقضاء علنية للجميع، ليعرف الشعب التدخل السافر للسفراء الأجانب في العملية الانتخابية للبلاد".
تعليق مقتضب
ولم تعلق المفوضية العليا للانتخابات أو أي مصدر مقرب منها على هذه الاتهامات الموجهة إليها، سوى بكلام مقتضب من رئيسها عماد السايح، نفى فيه "تلقي أي دعوة رسمية من رئاسة مجلس النواب لحضور الجلسة للنظر والمساءلة على سير العملية الانتخابية". أضاف السايح في تصريحات صحافية، "ما يشاع أن المفوضية استأنفت فقط ضد مرشح بعينه، الغرض منه تضليل الرأي العام، واستعطاف الناخبين لكي يتحصلوا على أصواتهم، وهو نوع من الدعاية الانتخابية السوداء".
رفض طعن على ترشح حفتر
وفي سياق العملية الانتخابية والطعون القضائية ضد المرشحين، رفضت محكمة استئناف طرابلس حكم الطعن الصادر ضد المرشح الرئاسي خليفة حفتر، من محكمة الزاوية الابتدائية، لعدم اختصاصها المكاني في النظر بالدعوة، وأعادته إلى السباق الرئاسي.
وفي 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أصدرت محكمة الزاوية، حكماً باستبعاد حفتر من قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية، بعد أن قبلت الطعن المقدم ضده والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، وحكمت المحكمة خلال جلسة النطق بالحكم بقبول الطعن الذي تقدم به عبدالله المقيرحي بشأن ترشح حفتر، واستبعاده من قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية وإلغاء قرار المفوضية الوطنية العليا للانتخابات رقم (80) بشأن القائمة الأولية للمرشحين للانتخابات الرئاسية.
عودة وليامز
وسط هذا التخبط والمشهد الضبابي الذي أحاط بالعملية الانتخابية الليبية، قبل أيام على انطلاقها، سدّت الأمم المتحدة الفراغ في منصب مبعوثها إلى ليبيا، بإعادة الأميركية ستيفاني وليامز، إلى المنصب الذي شغلته لفترة مؤقتة، العام الماضي، واعتبرت أفضل فترة لمبعوث أممي في البلاد، بنجاحها في التوصل إلى اتفاقين مهمين بين الأطراف الليبية على المستويين العسكري والسياسي، ووضعت خريطة طريق للخروج من الأزمة الليبية تنتهي بعقد الانتخابات العامة. وقال الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن "الدبلوماسية الأميركية ستيفاني وليامز ستبدأ عملها من طرابلس خلال أيام، كمستشارة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة لليبيا. أضاف، "تعيين وليامز مستشارة خاصة يضمن وجود قيادة (أممية) خلال شهر ديسمبر، الدقيق للغاية".
في المقابل، ذكر بيان صادر عن مكتب الناطق الرسمي لغوتيريش أن "وليامز ستقود جهود المساعي الحميدة والوساطة والتواصل مع الأطراف المعنية الليبية والإقليمية والدولية لمتابعة تنفيذ مسارات الحوار الليبي".
وقدم السلوفاكي يان كوبيش استقالة مفاجئة إلى أنطونيو غوتيريش في 17 نوفمبر، والتي ظلت سرية حتى قبلها الأمين العام في 23 نوفمبر، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دبلوماسيين قولهم إن " كوبيش يرفض منذ الصيف نقل منصبه من جنيف إلى طرابلس، كما هو مخطط لعام 2022، وكانت العلاقة بينه وبين غوتيريش وصلت إلى حد القطيعة ولم يعد بإمكانهما العمل معاً".
ترحيب
وفي ردود الفعل الأولية، رحبت أطراف محلية ودولية بعودة وليامز إلى منصبها في ليبيا، بالنظر إلى نجاحاتها السابق في المنصب، الذي شغل بالإنابة بعد استقالة المبعوث الخاص اللبناني غسان سلامة، بداية العام الماضي.
وفي أبرز المواقف الدولية، باركت بعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا تعيين وليامز مستشارة خاصة ببعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، وعبرت البعثة في بيان عن تطلعها للعمل مع وليامز التي "أثبتت التزامها وتفانيها بدعم استقرار ليبيا"، معربة عن ثقتها بأن "وجودها سيكون مفتاحاً لنجاح العملية السياسية لصالح الشعب الليبي".